استنفار فصائل المعارضة السورية لقتال "فتح الشام"

25 يناير 2017
فصائل المعارضة قرّرت إنشاء غرفة عمليات مشتركة(كريم كوجالار/ الأناضول)
+ الخط -
ساد هدوء حذر، اليوم الأربعاء، مناطق الاشتباكات في ريفي إدلب وحلب، بين "جبهة فتح الشام" (النصرة سابقا) وفصائل المعارضة السورية، وذلك بعد سيطرة الجبهة على العديد من مواقع ومقرات الفصائل في هاتين المنطقتين يوم أمس، وسط مؤشرات على إمكانية تجدد الاشتباكات في أية لحظة.

ودعا قائد "حركة أحرار الشام" علي العمر المكنّى بأبي عمار، إلى النفير العام والاستعداد لأي تحرك، وانتظار الأوامر للتدخل لوقف القتال بين "فتح الشام والفصائل بشتى الوسائل حتى بالقوة، حفاظاً على الثورة السورية".

وأضاف أبو عمار في تسجيل صوتي "لن نسمح لأحد بالعبث بجهادنا وأخذنا إلى الهاوية، وقد أرسلنا مبادرات للجميع تقضي بتحكيم الشرع، وافق عليها الكل باستثناء فتح الشام، لن نسمح بتواصل الاقتتال، وأعلن النفير العام لإيقاف القتال بأي طريقة، بما في ذلك استخدام القوة العسكرية ضد أي جهة ترفض وقف القتال".

وأكد أن الحركة لن تقبل بالأخطاء السابقة، واستئصال الفصائل المعارضة من قبل "فتح الشام"، بمبررات التخوين وغيرها، محذراً من أن الاقتتال سيؤدي إلى خسارة المناطق المحررة لصالح النظام السوري والمليشيات الرديفة.

وبررت "فتح الشام" هجومها بأن ذلك جاء من أجل "إفشال المؤامرات والتصدي لها قبل وقوعها"، في إشارة إلى أن الفصائل التي حضرت مباحثات أستانة وافقت على قرار يقضي بعزل "جبهة الشام" ومحاربتها.

وكان اجتماع أستانة الذي عقد يومي الإثنين والثلاثاء قد ركّز على وقف شامل لإطلاق النار في سورية، وقتال تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، و"جبهة فتح الشام"، وفق البيان الختامي للدول الراعية، تركيا وروسيا وإيران.

 إلا أن وفد المعارضة تحفّظ على البيان، ورفض البحث في ملف "فتح الشام" ما لم يترافق ذلك مع بحث خروج المليشيات الأجنبية والإيرانية من سورية.

وقد نفى عضو الوفد المفاوض في محادثات أستانة أسامة أبو زيد، أي علاقة لمؤتمر أستانة بالاقتتال الحالي، مضيفاً في تصريحات صحافية أن "تحرشات جبهة فتح الشام بدأت منذ زمن طويل، من خلال تفكيك أكثر من 14 فصيلًا، واليوم تحاول استعمال موضوع مؤتمر أستانة كذريعة"، حسب تعبيره.

من جهته، قال المحلل العسكري العميد أحمد رحال لـ"العربي الجديد" إن "فصائل المعارضة قررت إنشاء غرفة عمليات مشتركة تتكون من كل من أحرار الشام وصقور الشام وجيش الإسلام وتجمع فاستقم كما أمرت وجيش المجاهدين لمواجهة فتح الشام".

وأوضح أن الفصائل المشاركة في لقاء أستانة "لم تتحفظ على إدراج فتح الشام كتنظيم إرهابي، كونها مدرجة وفق هذا التصنيف بقرار مجلس الأمن، لكن الفصائل طلبت أيضا، بالتوازي، ببحث طرد 62 تنظيماً شيعياً يشارك في القتال إلى جانب النظام".

وأعرب رحال عن اعتقاده بأنه بعد أن بادرت "جبهة فتح الشام" إلى الهجوم على مقرات الفصائل، بدعوى الدفاع المسبق عن نفسها، فإن الفصائل، وبدعم تركي، اتخذت قراراً بتصفية "الجبهة"، إذ قرّرت "حركة أحرار الشام" فتح مستودعاتها الاستراتيجية لهذه المعركة. 

وأوضح أن "الحركة تمكّنت من طرد فتح الشام من معارة ودانا وسرمدا، بينما استولت الجبهة على مدينة احسم"، متوقعاً ألا يتدخل طيران النظام أو الطيران الروسي أو طيران التحالف في هذه المعركة. 

 

وكانت "فتح الشام" قد شنّت صباح أمس هجومًا على مقرات تابعة لـ "جيش المجاهدين" و"الجبهة الشامية" في ريفي إدلب وحلب، وسيطرت على مقرات للفصيلين التابعين لـ"الجيش الحر" في المحافظتين.

وأفاد الناشط عامر الهاشمي لـ"العربي الجديد" بأن "الأوضاع هادئة اليوم حتى الآن في إدلب، لكن حالة استنفار وترقب تسود الأجواء"، مضيفاً أنه "ذهب اليوم إلى معبر باب الهوى عن طريق فرعي عبر كفر نوران - الأتارب - الدانا، لأن جبهة فتح الشام قطعت الطريق الرئيسي ووضعت عليه سواتر ترابية".

وأوضح أن "عناصر الجبهة منتشرون على طول الطريق، بعد أن سيطروا على جميع حواجز جيش المجاهدين بما فيها حاجز باتبو، مع تشديد وانتشار كثيف على دوار سرمدا دون تفتيش وتحقيق".

وأضاف الهاشمي أن "حركة أحرار الشام استنفرت عناصرها بعد كلمة أبو عمار، وكذلك جيش الإسلام الذي نشر أسلحة ثقيلة".

من جهة أخرى، أكدت كتائب "ثوار الشام" انضمامها رسميا الى "أحرار الشام"، فيما يبدو أنها محاولة منها لحماية نفسها من إمكانية تعرضها للهجوم من جانب "فتح الشام"، فيما أعلن المقدم جمال علوش، ومحمود الداني الملقب أبو اسماعيل كوكل، انشقاقهما عن جبهة "صقور الشام" في بلدة كفرنبل وبقاء كتيبتيهما محايدتين في الاقتتال.

وأعلنت القوة الأمنية في "جيش الفتح" بمحافظة إدلب، أنها قررت تجنيب مناطقها الاقتتال الدائر بين "فتح الشام" والفصائل، وأنها سوف تمنع مرور أية مؤازرات لأي فصيل مشارك في القتال من المناطق التي تسيطر عليها.

من جهتها، اتهمت جبهة "فتح الشام" كلاً من "صقور الشام" و"جيش الإسلام" بالبدء بالهجوم على مواقعها في إدلب يوم 23 الجاري، ما أدى إلى مقتل ستة من عناصرها، إذ لم يكن حينها أي قتال مع هذين الفصيلين، بحسب بيان صادر عن الجبهة.

وكان أبو ماريا القحطاني، وهو عضو سابق في "مجلس شورى فتح الشام"، قد طالب قيادة الجبهة بسحب أرتالها على الفور من الشوارع والقرى بريفي إدلب وحلب، معتبراً أن "وقف الاقتتال بين المعارضة وفتح الشام يحل بعودة كل طرف إلى مواقعه"، محذراً الجبهة من مصير مشابه لما حل بتنظيم "الدولة" في العراق.

وأعلن القحطاني في تغريدات له على "تويتر"، "البراءة من الأعمال التي قامت بها جبهة فتح الشام ضد الكتائب العسكرية في سورية".

من جهته، أفتى "المجلس الإسلامي السوري" بوجوب قتال جبهة "فتح الشام" و"ردها عن بغيها"، بحسب بيان للمجلس اعتبر أن "قتالهم شرعي مبرر، ومن سيتردد فسيكون ضحيتهم المقبلة، ولا يعذر أحد شرعاً بنكوصه عن قتالهم تذرعاً بورع بارد"، بحسب البيان.

المساهمون