الريف الشمالي لحلب: صراع حتمي بين المعارضة والقوات الكردية

18 اغسطس 2016
نجحت المعارضة بالتصدّي لهجوم القوات الكردية (حسين ناصر/الأناضول)
+ الخط -
تجددت المواجهات المسلحة مساء الثلاثاء بين قوات المعارضة السورية التي تسيطر على مدينة إعزاز ومحيطها شمال حلب، وقوات "حماية الشعب" الكردية التي تسيطر على مدينة عفرين وريفها ومدن تل رفعت ومنّغ والمناطق المحيطة بها شمال غرب حلب. وتشير المعطيات الميدانية إلى قرب اندلاع صراع كبير بين المعارضة والقوات الكردية، إذ تحاول المعارضة التمدد شرقاً على حساب تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في بلدة الراعي، فيما تتقدّم القوات الكردية على حساب "داعش" في منبج وفي ريف حلب الشرقي عموماً، وبالتالي سيكون الصراع تحت عنوان عدم إمكانية بقاء الطرفين في ريف حلب الشمالي في الوقت نفسه، خصوصاً مع تراجع "داعش" المستمر في المنطقة وسعي القوات الكردية للتمدّد والسيطرة على كامل ريف حلب الشمالي، وبالتالي وصل مناطق سيطرتها في عفرين وما يحيط بها شمال غرب حلب بمناطق سيطرتها في عين العرب ومنبج شرقاً.

وقالت مصادر المعارضة السورية المسلحة في مدينة إعزاز لـ"العربي الجديد"، إن فصائل المعارضة الموجودة في المدينة وريفها، وعلى رأسها "الجبهة الشامية" و"جيش السنّة" و"تجمع فاستقم" و"فيلق الشام"، تمكّنت بعد منتصف ليلة الثلاثاء-الأربعاء من التصدي بشكل كامل لهجمات عنيفة شنّتها قوات "حماية الشعب" الكردية على بلدة كلجبرين التي تسيطر عليها المعارضة إلى الجنوب من إعزاز. ولفتت المصادر إلى أن الاشتباكات التي استمرت لساعات أدت إلى وقوع خسائر بشرية في صفوف الطرفين كان أكبرها الخسائر التي تكبّدتها القوات الكردية.

وتزامن هذا الهجوم المفاجئ الذي شنّته القوات الكردية مع استمرار المواجهات بين المعارضة وقوات "داعش" في بلدة الراعي على الحدود السورية التركية إلى الشمال من مدينة الباب التي يسيطر عليها "داعش"، وتمكّنت المعارضة يوم الثلاثاء من السيطرة على منطقة الصوامع عند مدخل بلدة الراعي الغربي، لتنتقل المواجهات إلى أحياء البلدة الغربية، قبل أن يتسبب هجوم القوات الكردية بإيقاف هجوم المعارضة على بلدة الراعي، بسبب اضطرار المعارضة إلى سحب جزء من قواتها التي تهاجم "داعش" في بلدة الراعي إلى ريف أعزاز الجنوبي للتصدي لهجوم القوات الكردية.


وعلى هذا الأساس يمكن تفسير الهجوم الذي شنّته القوات الكردية على بلدة كلجبرين برغبة القوات الكردية في منع تمدد قوات المعارضة على حساب "داعش" في ريف حلب الشمالي والشرقي، نظراً إلى أن نجاح قوات المعارضة في إحراز مثل هذا التقدّم على حساب التنظيم سيؤدي إلى تعقيد الواقع الميداني في ريف حلب الشمالي، وسيصعّب مهمة القوات الكردية في الاستحواذ على مناطق يسيطر عليها "داعش" حالياً. وجاء هذا التطور بعد أيام من سيطرة القوات الكردية على منبج، وهي مدينة ذات أهمية استراتيجية كونها أول مدينة تسيطر عليها القوات الكردية على الضفة الغربية من نهر الفرات في طريقها من عين العرب شرقاً نحو عفرين غرباً، لوصل مناطق سيطرتها شمال شرق سورية بمناطق سيطرتها في عفرين شمال غرب حلب. وكان لافتاً أن كيانات غير معروفة أعلنت يوم الثلاثاء عن تشكيل "مجلس الباب" العسكري، بهدف "تحرير الباب من سيطرة داعش"، وذلك بعد أيام قليلة من سيطرة القوات الكردية وحلفائها في "قوات سورية الديمقراطية" على مدينة منبج.

وأكدت سبعة تشكيلات عسكرية، غير معروفة سابقاً، في بيان تأسيس المجلس، أنها استفادت من تجربة جيرانها في منبج، وأن إعلانها جاء انطلاقاً من "إحساسنا بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية تجاه شعبنا، وبالاستفادة من تجربة جيراننا في منبج المحررة وريفها". وحدد البيان حدود عمل المجلس ضمن حدود مدينة الباب وريفها، مؤكداً أن الهدف هو التصدي لتنظيم "داعش". وفتح البيان الباب أمام من سماهم "كل الفصائل والشخصيات الوطنية والديمقراطية ليكونوا صفاً واحداً ضد مرتزقة داعش الإرهابيين"، داعياً "كل أبناء الباب وريفها، خصوصاً الشباب منهم، بمن فيهم المهاجرون والنازحون، إلى الالتحاق بصفوف قواته وأداء واجبهم الوطني والإنساني تجاه أهلهم وشعبهم".

كما دعا البيان كل القوى "الوطنية والديمقراطية في سورية وخارجها لتقديم يد العون والمساعدة". ووقّع على البيان "جبهة ثوار مدينة الباب"، و"لواء شهداء قباسين"، و"لواء السلاجقة"، و"كتائب شهداء ريف الباب"، و"كتيبة أحرار عريمة"، و"لواء الشهيد سلو الراعي"، و"لواء شهداء الكعيبة"، وهذه الأسماء هي لتشكيلات غير معروفة أو تشكيلات صغيرة عملت في ريف حلب سابقاً وتفككت مع نهاية عام 2013 لتعود إلى الظهور اليوم.
ويشير ذلك بوضوح إلى نية القوات الكردية وحلفائها قضم مزيد من المناطق من تنظيم "داعش" في ريف حلب، وعلى رأسها مدينة الباب، لتكمل القوات الكردية طريقها غرباً باتجاه مدينة عفرين، الأمر الذي سيضع القوات الكردية في مواجهة مع قوات المعارضة في مدينة إعزاز وريفها بشكل مباشر وأكيد في مرحلة لاحقة.

المساهمون