بوتين يواصل تطهير إدارته: مصير ميدفيديف مهدّد عشية الانتخابات

15 اغسطس 2016
يعتقد البعض أن ميدفيديف باقٍ (إيفان سيكريتاريف/فرانس برس)
+ الخط -
مع اقتراب موعد انتخابات مجلس الدوما الروسي (مجلس النواب) في 18 سبتمبر/أيلول المقبل والرئاسية في عام 2018، أجرى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أخيراً سلسلة من التبديلات والإقالات بين المحافظين وممثليه الخاصين.

في هذا السياق، تُوّجت سلسلة الإقالات، يوم الجمعة، بإبعاد رئيس ديوان الرئاسة الروسية، سيرغي إيفانوف، وتعيين الدبلوماسي السابق، إستوني المولد، مسؤول بروتوكولاته، أنطون فاينو، خلفاً له. وعلى عكس المحافظين الذين يمكن استبدالهم بسهولة، فإن إيفانوف ينتمي إلى الدائرة الأولى من المقرّبين من بوتين، وشغل مناصب سياسية وأمنية رفيعة، بما فيها مناصب وزير الدفاع ونائب رئيس الوزراء وسكرتير مجلس الأمن الروسي. كما تردد اسمه كخليفة محتمل لبوتين في عام 2008. وكان لإيفانوف ظهور في اللحظات الحاسمة، مثل إعلانه عن تفاصيل التدخل العسكري في سورية في 30 سبتمبر 2015.

في هذا الإطار، يرى مدير برنامج "السياسة الداخلية الروسية والمؤسسات السياسية" بمركز "كارنيغي" في موسكو، أندريه كوليسنيكوف، أنه "بتعيينه شخصيات جديدة، يسعى بوتين لتشكيل فريق جديد سيرافقه في الدورة السياسية الجديدة، المليئة بالغموض والمخاطر". ويضيف لـ"العربي الجديد"، أنه "يجب أن يظهر هذا الفريق درجات خيالية من الولاء والتبعية السياسية، وأن يكون أفراده شباباً وبصحة جيدة، لضمان التمهيد للخروج الناعم لبوتين في عام 2024 أو بقائه".

ويشير إلى أن "تشكيل هذا الفريق بدأ في العام الماضي، مع إقالة رئيس شركة السكك الحديدية الروسية، فلاديمير ياكونين، الذي كان ينتمي إلى الحرس القديم، ولم تكن هناك خلافات أيديولوجية معه، ولكنه كان هناك إدراك بأنه لا يناسب المهمات الجديدة".

ويوضح كوليسنيكوف أنه "بتعيينه فاينو، يصدر بوتين إشارة للنخب الروسية بأنه يثق في أشخاص أمناء من هيئات شبه فنية، بينما غرق الحرس القديم في الثراء الفاحش من دون زيادة الفاعلية، وعلى كثيرين أن يكونوا مستعدين للتقاعد". ويتابع: "يثق بوتين في كفاءة الشخصيات الأمنية والتكنوقراط، وهي النخبة الجديدة".

إلا أن كوليسنيكوف متأكد بأن إقالة إيفانوف لن يليها تغيير الحكومة، مرجّحاً أن يستمر رئيسها دميتري ميدفيديف في منصبه حتى عام 2018، مقابل حفظه كرسي الرئاسة لبوتين خلال الفترة من عام 2008 إلى عام 2012. ويضيف: "ميدفيديف شخصية مناسبة، وتكمن أكبر ميزاته التنافسية في إمكانية إقالة مثل هذا الشخص في أية لحظة". وقد زادت إقالة إيفانوف من التساؤلات حول مصير الحكومة، وخصوصاً أن ميدفيديف أغضب سكان البلاد، بعد أن "نصح" المعلمين والأساتذة أخيراً بالعمل في مجال الأعمال، في حال كانوا يرغبون في كسب أموال.

في هذا الصدد، وقّع نحو 276 ألف شخص على عريضة مطالبة باستقالة ميدفيديف، على موقع "تشانج.أورغ"، داعين إلى تعيين "شخصية ذات كفاءة وتخاف على البلاد لرئاسة مجلس الوزراء". ووسط تناول وسائل إعلام شائعات حول الاستقالة المرتقبة للحكومة بعد الانتخابات التشريعية، أصبحت هذه المسألة الشغل الشاغل في المشهد السياسي الروسي حالياً.

في هذا المجال، تنوّه المحللة السياسية، تاتيانا ستانوفايا، في مقال على موقع "سلون.رو"، إلى أن "هناك إجماعاً بين الخبراء الروس على أن ميدفيديف حصل على منصبه الحالي في إطار الاتفاق مع بوتين الذي عاد إلى الرئاسة في عام 2012".

وتردف الكاتبة: "لكن منذ مطلع العام الحالي، لم تعد الأمور تسير على ما يرام، وهناك عمليات تغيير الكوادر وتفتيش الأنصار وتسريح الأصدقاء وسجن رجال بوتين". وتضيف: "يبتعد بوتين عن ميدفيديف بحذر والنخبة تشعر بذلك".

وكان ميدفيديف يشغل منصب النائب الأول لرئيس الوزراء الروسي منذ عام 2005، إلى أن انتخب في عام 2008 رئيساً لروسيا خلفاً لبوتين، لعدم وجود إمكانية لشغل هذا الأخير منصب الرئيس لأكثر من ولايتين متتاليتين. وخلال فترة حكم ميدفيديف تم تعديل الدستور الروسي وتمديد فترة الولاية الرئاسية من أربع إلى ست سنوات. وبذلك عاد بوتين إلى الكرملين في عام 2012 لفترة رئاسية أطول، كما يحق له الترشح لفترة رئاسية أخرى مدتها ست سنوات في عام 2018.

وترى الأوساط الليبرالية والمعارضة الروسية، أن مغادرة بوتين لشغل منصب رئيس الوزراء لمدة أربع سنوات ثم العودة إلى الرئاسة، التفاف على المادة 81 من الدستور الروسي، التي لا تسمح بشغل منصب الرئاسة لأكثر من ولايتين متتاليتين.

المساهمون