إيرولت في بيروت... جعبة فارغة إلا من الغاز اللبناني؟

10 يوليو 2016
زيارة إيرولت مؤجلة من مايو/أيار الماضي (أوريليان مونييه/Getty)
+ الخط -
يصل وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك إيرولت، إلى بيروت، غداً الإثنين، في زيارة تستمر يومين، حاملاً معه ما في جعبة بلاده من دعم للبنان على مختلف الأصعدة، وكل المواقف التي ينتظرها اللبنانيون من الدول الغربية في ملفات مكافحة "الإرهاب" ودعم الجيش اللبناني ومواكبة موضوع اللجوء السوري، وبشكل أساسي في ما يخص الشغور في موقع رئاسة الجمهورية (المستمر منذ مايو/ أيار 2014).

ومن المفترض أن يلتقي إيرولت المسؤولين الرسميين والزعماء اللبنانيين خلال الزيارة. كما من المفترض أن تكون له لقاءات خاصة حول موضوع اللاجئين، إضافة إلى زيارة للقوات الفرنسية العاملة في قوات حفظ السلام في جنوب لبنان (يونيفيل) والتي يتخطّى عديدها الـ700 عنصر.

وتعلّق مصادر في السفارة الفرنسية في بيروت على زيارة إيرولت مشيرة، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "الزيارة تأتي للتأكيد على اهتمام فرنسا الدائم بلبنان وشؤونه وسعي باريس إلى حلّ الأزمة التي يعيشها اللبنانيون". وتضيف المصادر نفسها أنّ "حضور إيرولت استكمال للزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، إلى بيروت، قبل أشهر، بهدف متابعة تطوّرات الوضع اللبناني والوقوف على المستجدات الحاصلة في لبنان والمنطقة.

بينما يشير الجميع إلى جملة العناوين هذه، يقول مصدر دبلوماسي لبناني لـ"العربي الجديد"، إنّ ملف الغاز اللبناني "قد يفرض نفسه على جدول أعمال إيرولت في بيروت، مع التطوّرات التي شهدها هذا الملف في الأيام الماضية". وبالتالي، بات لهذه الزيارة الرسمية معنى جدياً بعيداً عن العناوين الرئيسية والمواقف الرنّانة، الداخلية والخارجية، الداعية إلى وقف النزيف السياسي والدستوري اللبناني وتضع اللبنانيين أمام واقعهم الصعب.

وفي حال صحّت هذه الترجيحات، تكون باريس أولى الأطراف الدوليين الذين دخلوا بشكل جدي ومباشر على خط النفط اللبناني، مع استثناء المشاورات التي أجراها مسؤولون أميركيون مع بعض القيادات اللبنانية في هذا الخصوص، والتي سبقت الاتفاق الذي تم بين رئيس البرلمان نبيه بري وزعيم تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، والذي من شأنه تمهيد الطريق أمام إقرار المراسيم والقوانين اللازمة لإطلاق العمل في هذا المجال ووضعه على السكة الصحيحة.





وفي المقلب اللبناني الرسمي، لا تعوّل الأجواء الحكومية والوزارية اللبنانية على زيارة الوزير الفرنسي ولا تضع عليها كثيراً من الآمال السياسية. يشير وزير مقرّب من رئيس الحكومة، تمام سلام، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "إيرولت يصل إلى بيروت من دون أي مشروع أو طرح واضح أو جدي لمناقشته مع المسؤولين اللبنانيين". طبعاً من دون التقليل من أهمية الزيارة التي يصفها المصدر الوزاري نفسه بأنها "زيارة استطلاع وتؤكد على النوايا الحسنة الفرنسية تجاه لبنان وشعبه". مع تأكيد أكثر من وزير لبناني على وجوب "تحول هذا الدعم الكلامي إلى دعم فعلي، خصوصاً في ملف اللاجئين السوريين وفي دعم الجيش"، في حين باتت عند القيادات اللبنانية قناعة واضحة بأنّ الملف الرئاسي مرحّل إلى أجل غير محدد رهناً بتطوّرات المنطقة. 

مع العلم أنه سبق للمسؤولين الفرنسيين أن نشطوا، بشكل متواتر، على حلّ الأزمة الرئاسية ومحاولة فصلها عن النزاع الإقليمي وربطها بساحات سورية واليمن والعراق، وتحديداً، من خلال الجولات المتلاحقة التي قام بها المبعوث الرئاسي الفرنسي، جان فرنسوا جيرو، بين بيروت والرياض وطهران، محاولاً البحث عن توافق حول اسم رئيس عتيد للجمهورية.

وكان واضحاً في هذا الإطار ما سبق وعبّر عنه إيرولت، بعد أسابيع على تسلّمه الخارجية الفرنسية، عن نيّته العمل على تنظيم مؤتمر دولي لحل الأزمتين السياسية والدستورية في لبنان. لكنّ التساؤل البديهي الذي يطرحه أكثر من مسؤول لبنان يتمحور حول رغبة أي من العواصم الإقليمية المتصارعة في حلّ الأزمة اللبنانية بينما المعارك السياسية المباشرة والميدانية غير المباشرة دائرة في مختلف الساحات. وكان يفترض بوزير الخارجية الفرنسي أن يزور لبنان نهاية مايو/ أيار الماضي، إلا أنه تم ترحيل هذه الزيارة الرسمية لأكثر من شهر لأسباب متعلّقة بـ"تضارب في جداول الأعمال". ولو أنّ تاريخ موعد الزيارة تغيّر، إلا أنّ ما كان سيقوله إيرولت بالأمس يمكن أن يقوله غداً، وهو ما سبق أن قاله أساساً هولاند خلال زيارته لبيروت قبل شهرين.

إزاء هذه الزيارة، يعيد أحد الأقطاب اللبنانيين صياغة سؤال مكرّر على الشكل الآتي: هل الدبلوماسية الفرنسية قادرة على إحداث خرق ما في هذا الإطار أم أنّ محرّكات الـ"كي دورسيه" باتت تعمل فقط على التمنيات؟ مع العلم أنّ مسؤولين دبلوماسيين فرنسيين يؤكدون في مجالسهم في بيروت على أنّ "القناعة لدى باريس لا تزال على حالها بأنّ العقدة الرئاسية موجودة أولاً وأخيراً عند طهران وحليفها حزب الله"، وهو ما من شأنه التأكيد على أنّ إيرولت يحضر إلى بيروت من دون أي طرح واضح، لكن بجعبة فارغة إلّا من مواقف رنّانة، وبعض ما هو منتظر على مستوى الغاز اللبناني، ربما.