رفض أوباما زيادة المعونات العسكرية لإسرائيل يعزّز حيرة نتنياهو

15 يونيو 2016
يُطالَب نتنياهو بالحياد في الانتخابات الأميركية(آموس بن غرشم/فرانس برس)
+ الخط -
حسم الرئيس الأميركي، باراك أوباما، موقفه الرافض لطلب إسرائيل زيادة حجم المعونات العسكرية الأميركية المقدمة لها، وتحديداً لجهة الحصول على مبلغ إضافي قدره 455 مليون دولار يتم تخصيصها لصالح أنظمة الدفاع المضادة للصواريخ، في الوقت الذي لا يزال فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حائراً بين توقيع الاتفاق في عهد الرئيس الأميركي الحالي أو انتظار الرئيس المقبل، الذي لا يمكن ضمان أية تغييرات مرتقبة في إدارته لصالح إسرائيل.

وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، اليوم الأربعاء، أن أوباما وجّه رسالة إلى الكونغرس الأميركي، من ست صفحات، أوضح فيها موقفه، عقب قرار الكونغرس بزيادة المساعدات العسكرية لإسرائيل. وجاء في الرسالة أن مستشاري أوباما قد يوصون بأن يستخدم الرئيس حقه في النقض (الفيتو) إذا أقرّ الكونغرس زيادة المساعدات. وبحسب ما ذكرت الصحيفة، فإن "الإدارة الأميركية تعارض إضافة 455 مليون دولار فوق طلب ميزانية السنة المالية 2017 لبرامج مشتريات الدفاع الصاروخي الإسرائيلي، وبرامج التنمية التعاونية".

وتكمن نقطة الخلاف الرئيسية بين إسرائيل والإدارة الأميركية، بشأن مذكرة المعونات، في الزيادة الكبيرة التي تطالب بها إسرائيل، بحجة التحديات والأخطار الجديدة، التي باتت تهددها بعد الاتفاق الدولي مع إيران، خصوصاً في ما يتعلق بمخاوف إسرائيل من انطلاق سباق تسلُّح في المنطقة، من قبل دول عربية في الخليج، من جهة، وكون الاتفاق الدولي مع إيران لا يتعلق بكل صناعة الصواريخ وترسانة إيران من الصواريخ الباليستية، وتلك العابرة للقارات.

وتطالب إسرائيل برفع حجم المعونات الأميركية من 3.1 مليارات دولار سنوياً إلى 5 مليارات دولار، فيما ترفض الإدارة الأميركية رفع هذه المعونات لأكثر من 3.3 مليارات دولار سنوياً. ويُضاف إلى ذلك، عزم واشنطن على تعديل شروط المذكرة بحيث لا يُسمح لإسرائيل، خلافاً للوضع القائم، باستغلال نحو 25 في المائة من هذه المعونات لشراء أسلحة إسرائيلية الصنع، مما يهدد عملياً قطاع الصناعات العسكرية والأمنية في إسرائيل، ويهدد بخسارتها ما لا يقل عن مليار دولار سنوياً.

في غضون ذلك، يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي يوصف في أوساط الحزب الجمهوري الأميركي، بـ"الجمهوري من تل أبيب"، فَقَدَ في الفترة الأخيرة، وعلى ضوء التغييرات المتسارعة في الولايات المتحدة، وما أفرزته الانتخابات التمهيدية في كلا الحزبَين الديمقراطي والجمهوري، "سيطرته" على مجريات الأمور، وما كان يدّعيه من معرفة ودراية بالسياسة الأميركية. فنتنياهو الذي تحدى الرئيس الأميركي، باراك أوباما، العام الماضي، بخطاب أمام الكونغرس الأميركي، وسبق أن تحداه في الانتخابات الأميركية السابقة عندما دعم المرشح الجمهوري السابق، ميت رومني، يعجز، أخيراً، عن اتخاذ موقف قاطع بشأن إتمام المفاوضات مع الولايات المتحدة حول مذكرة المعونات الأميركية لإسرائيل للسنوات العشر المقبلة.

وفي هذا السياق، كشف موقع "معاريف" الإسرائيلي، يوم الإثنين الماضي، عن أن إسرائيل تتابع بقلق مجريات وتطورات المعركة الانتخابية للرئاسة في الولايات المتحدة، وأن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ومساعديه في حيرة من أمرهم، ولا يعرفون مَن مِن بين المرشحين الرئيسيَّين الحاليَّين، الجمهوري دونالد ترامب، والديمقراطية هيلاري كلينتون، سيكون الأفضل لإسرائيل.

وتعكس هذه الحيرة، في واقع الحال، وفقاً لتقرير الموقع، تراجع قدرات نتنياهو في التحكم أو التأثير على ما يحدث في واشنطن، وتحريك أعضاء الكونغرس لصالح إسرائيل، خصوصاً بعدما أدى تدخله في معركة الانتخابات الرئاسية السابقة، وتحديه لإدارة أوباما في الملف الإيراني إلى تراجع مكانة إسرائيل في الولايات المتحدة. والأخطر من ذلك، بحسب وجهة النظر الإسرائيلية، (كما عبّر عنها، سابقاً، مسؤولون إسرائيليون سابقون، مثل موشيه آرنس، ومايكل أورن، وآخرون شغلوا منصب السفير الإسرائيلي لدى واشنطن)، تحوُّل إسرائيل من نقطة إجماع في السياسة الأميركية لدى الحزبَين إلى نقطة خلاف داخلي.

ويشير الموقع إلى أن تقريراً خاصاً وموسّعاً نُشر في وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، المقرّبة من نتنياهو، جاء فيه أنه "في إثر غياب الحماسة في ديوان نتنياهو من ترامب، بفعل التحفظ الجمهوري منه، ومن هيلاري كلينتون، دُفع بجزء من مستشاري نتنياهو إلى الضغط عليه للمسارعة للتوقيع على مذكرة المعونات الأميركية لإسرائيل (التي تقدّر بنحو 40 مليار دولار للسنوات العشر المقبلة)، في ولاية الرئيس الحالي، باراك أوباما، على الرغم من انعدام الثقة الكبير بين الرجلَين". في المقابل، يحافظ مساعدو نتنياهو على اتصال دائم مع مديري حملة ترامب، ويحاولون، من خلال ذلك، تخفيف حدة تصريحات ترامب، التي تعتبر مثيرة للجدل والخلاف، وفقاً لتقرير الوكالة.

وطرح نتنياهو موضوع تأخير وإرجاء التوقيع على مذكرة المعونات الأميركية، علناً، للمرة الأولى، في أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، قبل أن يتغلب ترامب على منافسيه في الحزب الجمهوري، خصوصاً السيناتور تيد كروز، وهدد نتنياهو، حينها، بأن حكومته قد تؤجل التوقيع على المذكرة بانتظار وصول رئيس جديد إلى البيت الأبيض. هذا الأمر، أثار قلق البيت الأبيض من تداعيات التهديدات على فرص الحزب الديمقراطي في الفوز بالانتخابات الرئاسية الأميركية، إذ ظلت العلاقات بين الطرفَين متوترة.



وبحسب موقع "بلومبيرغ"، فإن الوضع الراهن في الساحة الأميركية يثير قلق نتنياهو، كما أنّ أحد مساعديه أبلغ هذا الموقع الأميركي بأنه سيكون على نتنياهو أن يتوخى الحذر خلال الزيارة المرتقبة لترامب إلى إسرائيل نهاية الصيف الحالي، حتى لا يكرر ما حدث معه عندما التقى ميت روميني في القدس المحتلة عند زيارة الأخير لها خلال المعركة الانتخابية للرئاسة الأميركية عام 2012 .

وقد يجد نتنياهو نفسه مضطراً إلى الوقوف على الحياد في حال قررت مرشحة الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون، هي الأخرى زيارة إسرائيل، إرضاءً للناخبين اليهود، علماً بأن علاقة نتنياهو وكلينتون متوترة نظراً للعلاقات مع البيت الأبيض. ولا يمكن فصلها عن التراكمات الشخصية عندما أيد زوجها، بيل كلينتون، عندما كان رئيساً للولايات المتحدة، بشكل علني، شمعون بيريز، في الانتخابات لرئاسة الحكومة الإسرائيلية عام 1996، بعد اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إسحاق رابين.

كما أن نتنياهو، الذي يصرّح مقربون منه أنه في داخله "جمهوري الهوى"، سيكون محرجاً بفعل علاقته بالثري الأميركي اليهودي، شلدون إيدلسون، أحد الداعمين الكبار والمتبرعين لدونالد ترامب. وإيدلسون مقرّب من نتنياهو ويملك في إسرائيل صحيفة "يسرائيل هيوم"، التي تعتبر بوقاً لنتنياهو وسياساته، كما أن أسرته باتت صاحبة أسهم إدارة موقع "معاريف". ويقول سفير سابق لإسرائيل في نيويورك، زلمان شوفال، وهو من المقربين من نتنياهو، إن إسرائيل تخاطر اليوم في انتهاء مدة مذكرة المعونات الحالية دون أن تعرف ما هي توجهات الإدارة المقبلة في الولايات المتحدة.

ووفقاً لـ"معاريف"، وما سبق أن نُقل عن ديوان نتنياهو، فإن المعضلة، التي يواجهها الأخير اليوم، هي ما إذا كان بمقدور إسرائيل الحصول على اتفاق أفضل في عهد الإدارة المقبلة، وهو أمر غير مضمون على الإطلاق، خصوصاً أنّه من غير المتوقع أن توافق هيلاري كلينتون على ما يرفضه أوباما. أما في ما يتعلق بترامب، فإن تصريحات سابقة له بشأن تقليص المعونات الأميركية للدول الأجنبية، بل ومطالبتها بإعادة القروض طويلة الأمد، تثير مخاوف شديدة في إسرائيل من حجم المعونات، التي قد تقترحها الولايات المتحدة تحت رئاسة ترامب. كما أنّ الأخير، وعلى الرغم من حديثه عن حماية إسرائيل، صرّح أنّه سيكون محايداً في كل ما يتعلق بالصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني.