المذبحة بعيون الأحفاد.. دير ياسين نكبة فلسطين الأولى

09 ابريل 2016
تبقى المجزرة حية في ذاكرة الأحفاد (Getty)
+ الخط -

تخشى عائلة أحد الناجين من مذبحة دير ياسين، الحاج عبد القادر حسن علي زيدان (88 عاماً)، بمن فيهم أحفاده الرئيسيون والبالغ عددهم (37 فرداً)، على حياة جدهم، الذي يرقد حالياً في مستشفى رام الله الحكومي، وسط الضفة الغربية المحتلة، بوضع صحي صعب. يقول أحد أحفاده، وهو من سكان قرية بيتين، شرقي رام الله، ويُدعى محمد زيدان (40 عاماً)، لـ"العربي الجديد"، إنّ "جدي لوالدتي حدثنا الكثير عن مذبحة دير ياسين، التي وقعت أحداثها الرهيبة في 9 من أبريل/ نيسان من العام 1948، وحفظ الأحفاد جميعاً تاريخاً شفوياً لما جرى، لكننا اليوم نخشى على حياة جدي وذهاب هذا الإرث التاريخي الفلسطيني".

ويعبّر محمد عن حزنه، كما بقية الأحفاد، بأن تأتي ذكرى المذبحة لهذا العام وجده في المستشفى، حيث يشارك الحاج زيدان في مناسبات إحياء الذكرى التي اعتاد أهالي دير ياسين على إحيائها في كل عام.

ويأمل زيدان بأن تعاد صياغة هذا الإرث الذي يرويه الناجون من المذبحة من جديد حتى لا ينسى، لأن الجزء الأكبر من الصراع مع الإسرائيليين قائم على الرواية، وفق تعبيره.

مذبحة رسخت في عقول الأحفاد

لا يزال محمد زيدان يحفظ عن جده الحاج عبد القادر ما حدث في مذبحة دير ياسين، التي وقعت بعد ساعات من معركة القسطل، التي قادها قائد معركة "الجهاد المقدس"، عبد القادر الحسيني، في بلدة القسطل القريبة من بلدة دير ياسين، غربي القدس. واستشهد الحسيني ومعه عدة شبان من القسطل والقرى المجاورة، فيما جاءت مذبحة دير ياسين كرد فعل انتقامي من عصابات الصهاينة "شتيرن" و"الهاغاناه".

فعاليات سنوية لإحياء ذكرى مجزرة دير ياسين








أهالي دير ياسين وقتها، باعوا المصوغات الذهبية لنسائهم من أجل شراء السلاح والذخيرة ومقاومة العصابات الصهيونية، فقد كانوا على استعداد للمقاومة، لكن الصهاينة باغتوهم في الهجوم، إذ يدرك العدو أنّ صمود دير ياسين يعني صمود القرى الأخرى المجاورة، وبالتالي لن تقوم دولة إسرائيل، يقول محمد زيدان.

الحاج سمير حميدة (62 عاماً)، من أحفاد أهالي المذبحة، ومن سكان بيتين حالياً، سخّر نفسه منذ 20 عاماً لإقامة فعاليات تُعنى بإحياء ذكرى مذبحة دير ياسين، ضمن جهد متواصل لترسيخ ما جرى في عقول الفلسطينيين وعدم نسيانه.

يتذكر الحاج سمير، الذي ولد بعد ست سنوات من مذبحة دير ياسين، رواية والده حول مشاركته في معركة دير ياسين والتصدي للعصابات الصهيونية، وما سبق المجزرة بشهر من احتكاك يومي بين أهالي دير ياسين ومستوطني مستوطنة "جفعات شاؤول" المحاذية، وما حدث بعدها من هدنة، لكن الصهاينة غدروا بأهالي القرية ونفذوا مذبحتهم.

في الهجوم على قرية دير ياسين، التي لا تبعد سوى 7 كيلومترات عن المسجد الأقصى المبارك، كان القرار الصهيوني بقتل من وجدوه من أهالي القرية في طريقهم، لكن تصدي أهالي القرية حال دون وقوع مزيد من الشهداء.

ويفنّد حميدة لـ"العربي الجديد"، الروايات التي تدعي استشهاد أكثر من 250 فلسطينياً من أهالي قرية دير ياسين ضمن معركة إعلامية صهيونية هدفها التهويل فقط، ويؤكّد أن العدد الحقيقي هو 106 أشخاص فقط.

ويشير إلى أن من تحدث عن استشهاد أكثر من 250 من أهالي دير ياسين أخذ برواية الصليب الأحمر، الذين دخلوا القرية وأحصوا عدد القتلى حينها، ليتبيّن لاحقاً أن أكثر من 140 صهيونياً قتلوا في معركة دير ياسين، وأن 106 أشخاص من أهالي القرية استشهدوا، وأن ما جرى من تهويل كانت تهدف له العصابات الصهيونية، من أجل فرار أهالي القرى المجاورة وإمكانية احتلالها، لكن ما حدث انتصار لأهالي دير ياسين لولا نفاد الذخيرة وقلة المساعدات الخارجية.

ويتحدث حميدة، نقلاً عن والده، عن أسر العصابات الصهيونية لـ25 امرأة من سكان القرية وقت المذبحة، ووضعن بشاحنة صهيونية، ثم طافت العصابات الصهيونية بهن أحياء يهودية، واحتفلوا بإنجازهم في ذبح وتشريد أهالي دير ياسين، إلى أن سلّمت الأسيرات للصليب الأحمر الدولي.

بعد العام 1948، لجأ من تبقى من أهالي دير ياسين البالغ عددهم حينها 750 شخصاً، إلى مناطق عدّة في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، وكذلك سافر عدد منهم إلى الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول العربية، ويبلغ عددهم حالياً بعد أن تكاثروا نحو 5 آلاف شخص، بقي من الناجين منهم، وكانوا في سن الشباب حينها، نحو عشرة أشخاص مسنين حالياً.

وفي ذكرى إحياء المجزرة اليوم، يطالب حميدة السلطة الفلسطينية بتبني اليوم الذي حدثت فيه مجزرة دير ياسين واعتباره يوماً وطنياً، لأنه يعتبر أن النكبة حدثت في هذا اليوم، والذي يعتبره الصهاينة أصلاً مهماً، فلولا حدوث المجزرة وما تلاها من إشاعات ترهيبية استهدفت صمود الفلسطينيين، لما قامت دولة إسرائيل، فيما يشير إلى أن 15 من مايو/ أيار من العام 1948، يجب أن يكون يوماً لتأكيد حق العودة وليس النكبة.

دلالات
المساهمون