المغرب: عواصف بنكيران الحكومية قبل أكتوبر

14 ابريل 2016
تجري الانتخابات في 7 أكتوبر المقبل (جلال المرشدي/الأناضول)
+ الخط -


قبل 6 أشهر من موعد الانتخابات التشريعية بالمغرب، المقررة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، والتي ستسفر عن تشكيل برلماني جديد وتعيين حكومة جديدة، عرف البيت الداخلي للائتلاف الحكومي الحالي، المكوّن من أربعة أحزاب، هزات وأزمات داخلية عدة، وقع أغلبها بين رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران وأعضاء من فريقه الوزاري.

وكانت أخطر أزمة سياسية كادت أن تعصف باستمرار الحكومة، التي يقودها حزب "العدالة والتنمية"، ذو التوجه الإسلامي، ما حدث قبل 3 سنوات، تحديداً في مايو/أيار 2013، عندما أعلن حزب "الاستقلال" انسحابه من الحكومة، بسبب خلافات بين قيادته ورئيس الحكومة، قبل أن يعوضه بعد ذلك بأشهر حزب "التجمّع الوطني للأحرار".

تعامل رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، مع هذه العاصفة حينها، اتسم بكثير من التريث والانتظار بسبب صعوبة المفاوضات التي تمّت بينه وبين حزب "الأحرار"، الذي جاء ليعوض "الاستقلال"، ويُجنّب الحكومة مصيراً مجهولاً حينها، وهو ما نجح فيه بنكيران إلى حدّ كبير.

وبعد هذه العاصفة الكبيرة التي كادت أن تسقط الحكومة المغربية بعد أشهر قليلة إثر تعيينها، جاءت عواصف وأزمات أقل حدة، لكنها أربكت رغم ذلك سير الائتلاف الحكومي، وخلقت حسابات واتهامات متبادلة بين رئيس الحكومة وأحزاب تنتمي إلى نفس البيت الحكومي، قبل أن يتم كل مرة طي صفحة الخلافات على عجل.

وحدث خلاف سياسي بين بنكيران ووزير التربية الوطنية، رشيد بلمختار، بسبب دعوة هذا الأخير إلى "فرنسة المواد العلمية"، وهو ما عارضه رئيس الحكومة بشدة، وأكد أن قرار وزيره لم يكن يعلم به، وخاطبه في ديسمبر/كانون الأول الماضي تحت قبة البرلمان بنبرة حادة، ثم قرر إلغاء قرار الوزير.

 وبعد ذلك حصل سوء فهم كبير بين رئيس الحكومة من جديد وبين وزير الفلاحة، عزيز أخنوش، المنتمي إلى حزب "التجمّع الوطني للأحرار"، بسبب من يكون المشرف على صندوق "تنمية العالم القروي"، سرعان ما تمّ طيّه بعد أن تراجع بنكيران لوزيره وترك له مهمة الآمر بالصرف للصندوق.

وجاءت عاصفة داخل البيت الحكومي أكثر قوة، تمثلت في هجمات متتالية لزعيم حزب "الأحرار"، وزير الخارجية، صلاح الدين مزوار، على رئيس الحكومة تحديداً، حين اتهمه بأنه قسّم المشهد السياسي بالبلاد إلى حلفاء وأعداء، كما وصفه بكونه "عراب جماعة الإخوان".

أما آخر العواصف التي أُثيرت داخل البيت الحكومي، فكانت ما حدث بين رئيس الحكومة ووزير المالية والاقتصاد محمد بوسعيد، بشأن ملف الأساتذة المتدربين، الذين يحتجون ضد مرسوم يقضي بالفصل بين التوظيف والتكوين، إذ راسل الوزير أحزاباً بالمعارضة، لتأكيد توفّر الحلّ بتوظيف الأساتذة دفعة واحدة، فيما يصرّ بنكيران على أن الحل يتم عبر توظيفهم بدفعتين مع إجراء مباراتين.

من جهته، يعلّق مدير "مجموعة الأبحاث والدراسات حول إدارة الأزمات" بجامعة القاضي عياض بمراكش، إدريس لكريني، على الموضوع بالقول، إنه "عندما تم تعيين حكومة بنكيران، كان أمامها ثلاثة تحديات كبرى، أولها المحافظة على التحالف الهشّ الذي حصل في سياق متسارع مع تطورات الحراك العربي والمغربي".

ويردف لكريني، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "ثاني التحديات يتعلق بالانكباب على مواجهة الإشكالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي رفعت قبيل هذا التعيين، سواء ضمن شعارات وبرامج الأحزاب أو ضمن احتجاجات شباب الحراك من قبيل مكافحة الفساد، وإصلاح قطاعي التعليم والقضاء، ومواجهة البطالة". ويضيف "أما التحدي الثالث، فيتمثل في بلورة تدبير حكومي دينامي ينسجم مع المستجدات الدستورية الداعمة لمهامها، ولصلاحيات رئيس الحكومة على طريق تأسيس أعراف وممارسات جديدة".

كما يعتبر لكريني أنه "بالنظر إلى الظرفية الحساسة التي جاءت فيها هذه الحكومة، إضافة إلى طبيعة التحالف الهش الذي تشكلت منه؛ فقد كان من الطبيعي أن تواجهها أزمات عدة؛ كان أولها تفكك هذا التحالف بانسحاب حزب الاستقلال، فضلاً عن تفرّع الأزمات المتتالية من هذه الأزمة". ويبرز أن "إدارة الأزمة تنحو إلى منع خروج الأمور عن نطاق التحكم والسيطرة، والاستفادة من الأزمة والخروج منها بدروس إستراتيجية، غير أن هذه الإدارة تظل متوقفة على المقومات المتوافرة في أبعادها المختلفة". ويرى لكريني أن "تكرار الأزمات الداخلية على امتداد هذه التجربة الحكومية يبرز أنه يتعلق بتدبير سطحي، ينحو إلى تأجيل المشاكل بدل حلها من الجذور؛ كما يعكس عدم استثمار جزء من الإمكانات الدستورية المتاحة؛ وعدم الاستفادة من التجارب السابقة أيضاً".

المساهمون