القرار 2334: ست إشكاليات تشغل بال إسرائيل

27 ديسمبر 2016
يستبعد الاحتلال صدور قرار إضافي لوقف الاستيطان(مناحيم كهانا/فرانس برس)
+ الخط -
يواصل الاحتلال الإسرائيلي محاولات سبر أغوار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334، الذي جاء تحت الفصل السادس للأمم المتحدة، وتداعياته المستقبلية على إسرائيل، خصوصاً مكانتها الدولية و"حصانتها" الإقليمية، وذلك بعد ردود الفعل "الغاضبة" التي أطلق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو العنان لها رداً على القرار، وتحذيره لوزرائه من احتمال تلقي إسرائيل ضربة إضافية من إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، مع حصر المسؤولية في هذا المضمار بشخص أوباما.

وفي الوقت الذي ذهب فيه خصوم نتنياهو إلى اعتبار ردود فعله المتمثلة بإشهار سلاح المقاطعة ضد الدول المصوّتة مع القرار، موجّهة أساساً للاستهلاك الداخلي، رأى آخرون، وفي مقدمتهم رئيس مركز أبحاث الأمن القومي، الجنرال عاموس يادلين، أن للقرار تبعات خطيرة، أبرزها ضرب قدرة الردع الإسرائيلية بعد فقدان إسرائيل (ولو مؤقتاً) الحصانة التي وفرها عادة استخدام الولايات المتحدة لحق النقض (الفيتو) ضد كل قرار يسعى للمس بإسرائيل.

وبحسب يادلين، فإن "اللحن الأخير" لسنوات إدارة أوباما، والذي جاء نشازاً بحسب التعبير الإسرائيلي، أتى نتاج ثلاثة عوامل أو أسباب مجتمعة، أولها استراتيجية فلسطينية تفضّل مواجهة إسرائيل في المحافل الدولية بدلاً من مقارعتها في المفاوضات، وسياسة إشكالية اتّبعتها الإدارة الأميركية تحت حكم أوباما، وأخرى لا تقل إشكالية لحكومة إسرائيل تحت رئاسة نتنياهو. واعتبر يادلين أن القرار جاء عملياً ليبرئ ساحة الفلسطينيين أمام الرأي العام الدولي من أي مسؤولية عن تعثّر المسار التفاوضي، وهو في حد ذاته مكسب للفلسطينيين وضربة معنوية لإسرائيل.

وإن كان الجنرال يادلين أقر في تقدير الموقف الذي نشره على موقع مركز أبحاث الأمن القومي، بأن إسرائيل تدفع بهذا القرار ثمن سياسات نتنياهو الخاطئة، إلا أنه تبنى عملياً الموقف المبدئي لنتنياهو من أن القرار 2334 يُبعد ويضعف من فرص استئناف مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين. ولخص يادلين إشكاليات القرار بكل ما يتعلق بإسرائيل في ستة بنود: ــ أولها؛ أن حكم ومصير حي راموت الاستيطاني في القدس مثله مثل مصير مستوطنة ألون موريه، وبالتالي فإن القرار يضع صعوبات أمام استئناف المفاوضات ويعزز الرفض الفلسطيني والاستراتيجية الفلسطينية بالامتناع عن مفاوضات مباشرة مع إسرائيل بانتظار فرض إملاءات عليها من المجتمع الدولي.


ــ ثاني الإشكاليات هو ازدياد مخاطر تقديم شكاوى ضد إسرائيليين على المستوى السياسي والعسكري في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في أجواء من "حملات اصطياد قضائية" لقادة سياسيين وعسكريين، مما سيصعب من إطلاق مفاوضات. ــ أما ثالثها فهو تعزيز مكانة وقوة حركة المقاطعة الدولية لإسرائيل وحركة نزع الشرعية عنها BDS، معنوياً ومادياً، بما يمكن أن يُترجم إلى خطوات قضائية وجنائية وعامة واقتصادية.
ــ ووفق يادلين، تكمن الإشكالية الرابعة للقرار في أنه يجعل من المسألة الإسرائيلية نقطة خلاف بين الديمقراطيين والجمهوريين في الولايات المتحدة وفي صفوف الجمهور الأميركي العام، بما يهدد التأييد القائم في الحزبين لإسرائيل. ــ أما خامس الإشكاليات، فتتمثّل في أن القرار يحمل في طياته ضربة لقوة الردع الإسرائيلية التي تعتمد في جزء منها على التحالف الاستراتيجي بين إسرائيل والولايات المتحدة، ودعم واشنطن لتل أبيب. ــ الإشكالية الأخيرة هي في وجوب تقديم الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً عن القضايا التي تناولها القرار (المستوطنات الإسرائيلية) مرة كل ثلاثة أشهر، ما يضمن بقاء هذا الموضوع على جدول الأعمال.
مع ذلك لفت يادلين إلى أن صدور القرار تحت الفصل السادس، يضمن عدم ترجمته إلى خطوات عملية من دون قرار إضافي، لكن مثل هذه الخطوة غير متوقعة مع قدوم الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب، التي ستستخدم حق النقض ضد كل محاولة لاتخاذ قرارات تحت الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة.

وما لم يقله يادلين من مخاوف تعتري الاحتلال، خصّص له وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، تصريحاً نارياً، هاجم فيه هذه المرة فرنسا ومؤتمر السلام المقرر عقده في باريس الشهر المقبل. وادعى ليبرمان أن المؤتمر سيكون نسخة عصرية من محاكمة اليهودي الفرنسي درايفوس، لكن هذه المرة "لن يكون هناك متهم يهودي واحد في قفص الاتهام وإنما الشعب اليهودي كله وإسرائيل كلها". وقال ليبرمان في كلمة أمام كتلة حزبه في الكنيست أمس الإثنين، إن مؤتمر باريس "ليس مؤتمر سلام بل هو مؤتمر معادٍ لإسرائيل، وظيفته الأساسية المس بأمن إسرائيل وبسمعتها الجيدة". ودعا الفرنسيين من أصول يهودية إلى الهجرة من فرنسا، خصوصاً أن "هذا المؤتمر يزيد من الأوضاع المعادية في فرنسا لليهود". وأضاف: "هذا ليس مؤتمراً بل هو مؤامرة".