النظام يعتزم إنهاء ملف جنوب دمشق بـ"تسويات التهجير"

24 نوفمبر 2016
سيتم تهجير من لا يقبل تسوية وضعه (سمير تاتين/الأناضول)
+ الخط -

علمت "العربي الجديد" أن النظام السوري، وضع ملف منطقة جنوب دمشق على طاولة "تسويات التهجير"، إذ يتم حالياً بحث السيناريوهات المتاحة لفرض هذه التسوية على الأهالي والفصائل المعارضة التي تسيطر على المنطقة، في وقت يرجح أن يكون ترحيل مقاتلي تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش)، وتنظيم "فتح الشام" (جبهة النصرة سابقاً) سلساً حيث يوجد اتفاقات سابقة بينهم بهذا الشأن. وقال مصدر مطلع في دمشق، طلب عدم الكشف عن هويته لضرورات أمنية، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "النظام وضع ملف جنوب دمشق، على طاولة التسويات المقبلة، حيث بدأ العمل على وضع سيناريوهات لفرض إرادة النظام، كما سبق أن فعل في داريا ومعضمية الشام وقدسيا والهامة، والآن أصبح الموضوع في مخيم خان الشيح في مراحله الأخيرة". ولفت إلى أن "عدة جهات تشرف على العملية، على رأسها الحرس الجمهوري والاستخبارات الجوية وفرع فلسطين التابع إلى الأمن العسكري"، مبيناً أن "الخطوط العريضة للتسوية ستكون تهجير من لا يقبل تسوية وضعه لدى النظام إلى إدلب، وعودة المنشقين عن القوات النظامية للخدمة تحت لوائها، وسيعطى المتخلفون عن الخدمة العسكرية الاجبارية فرصة لتأجيل الخدمة بحسب القوانين النافذة لدى النظام، أو الالتحاق بجبهات القتال إلى جانب قوات النظام".

من جانبه، نقل الناشط في جنوب دمشق، أبو يحيى الشامي، في حديث مع "العربي الجديد"، عن مصدر عسكري معارض في جنوب دمشق، وصفه بـ"المسؤول" قوله إن "جنوب دمشق مقبل على تسوية شاملة". ولفت إلى أن "النظام عمد منذ فرض الهدنة على جنوب دمشق في العام 2014، إلى سياسات استنزاف الفصائل المعارضة بصراعات داخلية مع داعش والنصرة، وإنهاك الأهالي في تأمين الاحتياجات الأساسية للحياة، في ظل ارتفاع نسبة البطالة والفقر"، مضيفاً "حتى انتقاء المناطق لعقد الهدن وإدخال المساعدات لأهالي المناطق المهادنة فقط، زاد الشرخ بين المناطق المهادنة وغير المهادنة، في وقت حصر إدخال المواد الغذائية بيد تجار حرب يرتبطون بالنظام، سهلوا إخراج مستودعات ومعامل من المنطقة المحاصرة مقابل مبالغ مالية ضخمة".



وأشار الشامي إلى أن "الهدن والتسويات التي يتم التحضير لها هذه الأيام، تتم من الداخل بذات الأدوات، وهم من يعرفون اليوم بشيوخ المصالحات، الذين كانوا مع النظام وتاجروا بالثورة، واليوم يرتبط بهم مجموعة من العسكريين، أصحاب المصالح الضيقة، يدعمونهم لإنهاء تواجد القوى المعارضة في المنطقة". وتابع إن "أمثال هؤلاء المشايخ هم صالح.خ، إمام مسجد الصالحين ومسؤول ملف المصالحة في بلدة يلدا وشرعي سابق في الفرقة الثانية التي كانت تضم أبابيل حوران وأحفاد الأمويين والعهدة العمرية وأحد شرعيي المحكمة الشرعية للجنوب، التي دعم الأبابيل تأسيسها نهاية العام 2012، وهو شيخ معتمد لدى النظام، وأول من طرح مشروع المصالحة في المنطقة بالتعاون مع أنس.ط". وقال "أما أنس.ط، فهو إمام مسجد الكريم في ببيلا وشيخ سابق في معهد الإحسان الشرعي التابع للنظام وعضو في مجلس أعيان ببيلا، وسبق أن زار برفقة صالح.خ قاعدة حميميم العسكرية قبل أشهر". وأضاف "أما الشخصية الثالثة فهي محمد نور.ه، وهو شيخ جامع بيت سحم الكبير وشيخ سابق لدى النظام وقائد كتائب سرايا الشام التابعة للواء شام الرسول، الفصيل الأكثر دعماً لمشروع المصالحة، وهم مرتبطون برئيس فرع الدوريات". وأفاد المصدر ذاته أن "الثلاثة، تجمعهم قضية فساد كبيرة تتعلق بإفتائهم بتفريغ مستودعات كبرى تحوي مواد غذائية في بلدة عقربا، تحت فتوى سموها فتوى المخمصة، وتم على إثرها نهب مستودعات البلدة وبيعها بأبخس الأثمان في العام 2012".

وأفادت مصادر معارضة من دمشق، في حديث مع "العربي الجديد"، بأن "النظام يستثمر حالة الاستعصاء السياسي والعسكري، التي تزيد من مأساة السوريين، خصوصاً الخاضعين للحصار في دمشق وريفها، حيث جعلهم يعيشون لسنوات تحت سياسة التجويع الممنهج، في وقت ظهرت الفصائل المسلحة المعارضة بمظهر العاجز، فهي لا تستطيع فك الحصار أو مواصلة العمل العسكري، وإن كان السبب الرئيسي لذلك يعود إلى انخفاض الدعم إلى أدنى مستوياته". وأفادت مصادر إعلامية من جنوب دمشق أن "جلسة من المفاوضات تمت منتصف الشهر الحالي، بين ما يسمى اللجنة السياسية وممثلي النظام، عقب رفع النظام الرسوم التي يتقاضاها على المواد الغذائية التي تدخل إلى مناطق المعارضة في جنوب دمشق من 10 في المائة إلى 30 في المائة، ما سيزيد الضغط على الأهالي، الأمر الذي اعتبر الخطوة الأولى في التصعيد لفرض التسوية". ولم تكشف اللجنة عن فحوى الاجتماع، إلا أن تسريبات ذكرت أن اللجنة السياسية تقدمت باقتراحات حول المنشقين عن القوات النظامية والمتخلفين عن الخدمة في صفوفها، لضمان بقائهم في مناطقهم، إضافة إلى ضمانات للحفاظ على حياة المحاصرين وممتلكاتهم، في وقت رفضها النظام، الذي يصر على إعادة المنشقين والمتخلفين إلى القوات النظامية، وتسوية أوضاع المدنيين وأكبر عدد من المقاتلين، في حين يتم تهجير أعداد محددة من الرافضين للتسوية إلى إدلب كوجهة وحيدة. ويبدي العديد من ناشطي وعائلات جنوب دمشق مخاوفهم من أن يلقوا مصير أهالي معضمية الشام وقدسيا والهامة، حيث يفرض عليهم تسوية أوضاعهم والبقاء تحت سلطة النظام، مفضلين التهجير إلى إدلب على ذلك. يذكر أن جنوب دمشق يحتضن أكثر من 100 ألف مدني، بينهم آلاف النازحين من مختلف مناطق البلاد، وكان دخل، بعد عمليات عسكرية دامية، في اتفاق هدنة مع النظام في شباط العام 2014، تنص على وقف إطلاق النار مقابل دخول المواد الغذائية.