جلسات الاستماع لضحايا الانتهاكات في تونس: خطوة نحو الحقيقة

17 نوفمبر 2016
ينتظر التونسيون محاسبة مرتكبي الانتهاكات (Getty)
+ الخط -
 
توافد عدد من الشخصيات الوطنية التونسية والسياسيين والوزراء وضحايا الانتهاكات وعائلات شهداء ثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011، ومناضلون من فترة الاستعمار الفرنسي، إلى نادي عليسة، مساء الخميس، لحضور أولى الجلسات العلنية لضحايا الاستبداد وانتهاكات حقوق الإنسان في تونس.
وفي الوقت الذي يغيب فيه الرؤساء الثلاثة عن الجلسة، حضر بعض الوزراء، ومن بينهم وزير الوظيفة العمومية، عبيد البريكي، ووزير العلاقة مع المواطن، مهدي بن غربية، وكاتب الدولة للشؤون العقارية، مبروك كورشيد، ورئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، ورئيس حزب العمال، حمة الهمامي، والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، حسين العباسي.

وقال رئيس لجنة التحكيم والمصالحة، خالد الكريشي، لـ"العربي الجديد" إن "هذه الجلسات هي بداية الإعلان عن مصارحة الدولة التونسية مع ضحاياها والمجتمع، فاليوم يقف الجميع أمام المرآة لمعرفة الحقيقة".

واعتبر الكريشي أنّ "ما يهم في هذه الجلسات هو كشف الحقيقة، بعيدا عن التشهير والمس بالمعطيات الشخصية، وبعيداً عن إثارة الصراع والخلافات الحزبية والسياسية بهدف عدم تكرارها مستقبلاً".

وأوضح أن "الانتهاكات التي حصلت جسيمة، وتم ضبطها حسب معايير دقيقة ومنها نوعية الانتهاك، والجنس"، مبينا أن "الهيئة فضلت أن تقدم نساء شهادتهن في جلسة الاستماع العلنية"، وأن "تكون العينات ممثلة للمحافظات التونسية"، مبيناً أنّ "الاعتراف بالانتهاكات هو خطوة أولى نحو المصالحة".

وأكد القيادي في حركة النهضة، سمير ديلو، أن "المصالحة لا تقتصر على هيئة الحقيقة والكرامة، بل هي مهمة وطنية يشترك فيها الجميع من حكومة وفاعلين سياسيين".

وأضاف ديلو، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن "قصته مع النظام السابق انتهت منذ غادر بن علي أرض تونس"، مبيناً أنه "كان فاعلا في مسار العدالة الانتقالية وفضل أن يكون مساعدا في هذا المسار دون المطالبة بأي شيء".
 
وأوضح أنه "قدّم ملفه للمساهمة في كشف الحقيقة"، وأن "المعنيين بالاعتذار هم ضحايا الشهداء الذين ما زالت حقوقهم غائبة إلى اليوم". وأكد أن "نادي عليسة، له رمزية تاريخية، باعتباره من الأماكن المصادرة، واحتضانه هذه المناسبة سيساعد في طي صفحة الماضي".
بدوره، قال القيادي في الحزب الجمهوري، عصام الشابي، إن "التونسيين انتظروا هذا اليوم لمعرفة بعض الحقائق والانطلاق في طي صفحة الماضي وبداية المصالحة".

وأشار الشابي إلى أنه "يتفهم آلام الضحايا وعذابهم"، معتبراً أن "من يخشى اليوم العدالة الانتقالية هم أولئك الذين لا يريدون أن تظهر الحقيقة". ولفت إلى أن "نادي عليسة كان تحت تصرف زوجة الرئيس المخلوع، وهو رمز للاستبداد والفساد، وهي فرصة للضحايا اليوم أن يعبروا عن تجاربهم وآلامهم في نفس المكان بمحاولة لطي صفحة أليمة من تاريخ تونس".

وأكد القيادي في حزب التكتل، وزير الشؤون الاجتماعية السابق، خليل الزاوية، لـ"العربي الجديد" أنّ "أفضل عبارة تجسد هذا اليوم، هي عبارة استعملت أيام الثورة وهي هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية". وبيّن أنّ "العدالة الانتقالية ليست للانتقام والتشفي وإنما لأخذ الدروس من الماضي"، معتبرا "حضورهم اليوم لدعم مسار العدالة الانتقالية، فالكثير منهم لا يعرفون حقيقة ما حصل".

في السياق ذاته، قال السجين السياسي رشاد جيعدان، إن "أملهم هو رد الاعتبار معنوياً للضحايا"، مبينا أنه "منذ دخوله المكان انتابه شعور غريب ذكره بلحظات التعذيب التي تعرض اليها في عهد الرئيس المخلوع".

وأوضح جعيدان لـ"العربي الجديد" أنه "اعتقل عام 1993"، مبيناً أن "القضية كانت مفبركة وحكم بالسجن 26 عاما"، وأنه "كانت هناك إملاءات من قصر قرطاج لتساء معاملته ورفاقه المعتقلين حيث تعرضوا إلى أبشع أنواع التعذيب".

وأضاف جعيدان أنّهم "قدموا شهادتهم والشباب سيعرفون تاريخ فترات صعبة عاش فيها المناضلون أقسى أنواع التعذيب والتنكيل"، مبيناً أن "أبشع ما اقترفه الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الإبادة والتنكيل بالمناضلين وبعائلاتهم"، معتبراً أن "بن علي لم يكن يستهدف الخصم فقط بل يستهدف كامل العائلة والأقرباء"، مؤكداً أن "ما حصل في الماضي لن يتكرر ثانية".
 
 

المساهمون