في ذكرى 25 يناير: رجال مبارك ومؤسساته يتصدرون المشهد

25 يناير 2016
السيسي كافأ محلب بتنصيبه مساعدا لرئيس الجمهورية (Getty)
+ الخط -



"براءة.. عودوا لمقاعدكم" مقولة شهيرة ختم بها قاضي "محاكمة القرن" المتهم فيها الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ونجلاه علاء وجمال، ووزير داخليته حبيب العادلي، و6 من مساعديه، المستشار محمود الرشيدي، حكمه في القضية.

جاءت العبارة لتحمل معها الكثير من الدلالات، في وقت تحل فيه الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير التي أطاحت بمبارك والكثير من رموز نظام حكمه، وقضت على حلم التوريث.

لكن الذكرى الخامسة تحل هذا العام، في ظل عودة الكثير من رموز نظام مبارك لمواقعهم، بل إن بعضهم تقلد مناصب أكبر من التي كان يتولاها قبل الثورة. كما عاد قياديو وزارة الداخلية التي ثار الشعب ضدها ليسيطروا على معظم الأماكن الحساسة في الدولة، هم وقياديون في الأجهزة السيادية الأخرى.

وزير تضامن مبارك يعود من جديد

فقد عاد للظهور الدكتور علي مصيلحي، آخر وزير تضامن في حكومة أحمد نظيف، ومن بعدها حكومة أحمد شفيق التي لم تستمر سوى أيام في أعقاب الثورة في 2011.

المصيلحي الذي بات رئيسا للجنة الاقتصادية في مجلس النواب، بعد أن أطاحت به الثورة واعتبره الثوار بعد ذلك من "الفلول" ظل مختفيا طيلة عام ونصف قبل أن يفكر في خوض انتخابات البرلمان عام 2012 التي لقي فيها هزيمة ساحقة في الدائرة التي اعتاد اكتساحها حينما كان وزيرا، إلا أنه مع حلول الذكرى الخامسة تغير المشهد تماما، وعاد ليتصدر من جديد بعد فوزه بمقعد مجلس النواب الجديد، بل والترشح على منصب رئيس البرلمان قبل أن يخسر المواجهة أمام علي عبد العال.

 اقرأ أيضاً:الذكرى الخامسة لثورة يناير: الترقب يخيم على المشهد المصري

ابن لجنة السياسات مساعداً للسيسي

لم يكن يتصور رئيس مجلس إدارة شركة المقاولين العرب، إبراهيم محلب الذي أطاحت به ثورة 25 يناير من منصبه، أن يقفز هذه القفزة الكبرى في أعقاب الثورة، وهو أحد أبناء الحزب الوطني المخلصين الذين شغلوا عضوية لجنة السياسات التي كانت تجهز جمال نجل مبارك للتوريث.

فما أن تمكن الانقلاب من الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، وحكومة الدكتور هشام قنديل، حتى صعد اسم محلب ليتولى منصب وزارة الإسكان في حكومة الدكتور حازم الببلاوي عقب الثلاثين من يونيو 2013، قبل أن ينتهي دور تلك الحكومة التي اتخذها العسكر في مصر واجهة لانقلابه العسكري على أول رئيس منتخب جاءت به ثورة يناير، ليصعد بعد ذلك محلب خطوة جديد لأعلى بتولّي منصب رئيس الوزراء، ومع كثرة الانتقادات للأداء السياسي للنظام والتنفيذي للحكومة بعد ذلك اتخذ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قرارا بإقالة الحكومة، وبدلا من أن يختفي محلب عن الأنظار، كافأه السيسي بتنصيبه مساعدا لرئيس الجمهورية لشؤون المشروعات القومية.

نواب "عز" وكلاء لبرلمان 30 يونيو

"برلمان 2010 كان سببا في الثورة"، هذا ما أكده رئيس أغلبية الحزب الوطني في مجلس الشورى السابق قبل 2011 محمد رجب في تصريحات صحافية، وهو ما أكده العديد من الخبراء السياسيين بعدما أطاح فيه أمين التنظيم السابق للحزب الوطني المنحل أحمد عز بكافة رموز المعارضة وقتها، فكان ذلك بمثابة الشرارة الرئيسية لثورة 25 يناير.

لم يكن ليتصور أي من المراقبين والمتابعين للمشهد السياسي أن مجرد عودة رموز ونواب هذا البرلمان للحياة السياسية مرة أخرى كان يعد دربا من دروب الخيال، إلا أنه وبعد 5 سنوات لم يعد فقط هؤلاء النواب للحياة السياسية بل إنهم باتوا يقودونها من تحت قبة السلطة التشريعية، خاصة بعد أن تولى النائب محمود الشريف رئيس اللجنة الدينية في برلمان 2010 منصب وكيل المجلس، في حين تولى سليمان وهدان النائب السابق عن الحزب الوطني منصب الوكيل الثاني، ولكن هذه المرة من بوابة حزب الوفد.

اقرأ أيضاً:السيسي يهاجم اﻹخوان ومعلقون: يكرر سيناريو أنا أو الفوضى

الداخلية في القلب من 30 يونيو

وكباقي المؤسسات التي قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير ضد فسادها وطغيانها، عادت وزارة الداخلية ورجالها يتصدرون المشهد هم أيضا، ما بين عودة الوزارة لدورها في قمع الحريات والمواطنين والتعذيب في أقسام الشرطة، كما عاد قياديو الوزارة السابقون لتولي مناصب تنفيذية مثل المحافظين، إذ يتولى نحو أربعة ألوية شرطة منصب المحافظ في أربع محافظات مصرية، أبرزها الجيزة التي يتولاها كمال الدالي مساعد وزير الداخلية السابق.

وعلى صعيد السلطة التشريعية، تمكن أكثر من 40 من قياديي الشرطة ما بين لواء وعميد وعقيد من الفوز بمقاعد في مجلس النواب، فبعد أن كان رموز الشرطة المصرية طيلة أربع سنوات ماضية محل اتهام، تصدروا المشهد من جديد.

النظام لا يتعلم من دروس يناير

 وعلق خبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، على هذا الوضع، بالقول: "النظام السياسي الراهن يكرر نفس أخطاء الماضي التي تسببت في ثورة 25 يناير، فالمناخ متقارب للغاية، فكما كان برلمان 2010 وما جاء به من تزوير، تشكل برلمان 2015 بسيطرة كاملة من أجهزة الأمن، كما أن مناخ الحريات والقمع بات أشد قسوة مما قام به نظام مبارك إضافة إلى تردي الأوضاع الاقتصادية"، متابعا "إلا أن القريبين من أذن الرئيس حاليا هم من سيكونون سببا في غرقه كما فعلت شلة عز في مبارك".

ويأتي هذا، في الوقت الذي حذر فيه مصدر قريب من مؤسسة الرئاسة مما أسماه "تهميش الأحزاب، والقضاء على الحياة السياسية من أجل الاعتماد على المؤسسات الأمنية فقط"، مضيفا "على النظام والرئيس ونحن نمر بذكرى يناير هذه الأيام أن يتعلم من دروسها"، وفي مقدمتها عدم الاعتماد على الوجوه المحروقة التي أفسدت الحياة السياسية".

اقرأ أيضاً:صحف فرنسية: نظام السيسي قلق من ذكرى 25 يناير