الخطط الأميركية المقبلة بسورية والعراق: قوات محلية لهزيمة "داعش"

24 يناير 2016
يفضّل كارتر بقاء دور قواته تقديم المشورة(أوزج أليف كيزيل/الأناضول)
+ الخط -


تبدو الولايات المتحدة مصرّة على تحقيق انتصار كبير على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في العام 2016، لإلحاق الهزيمة به منعاً لتمدّده إلى الأراضي الأميركية. وتتّجه أنظار واشنطن إلى مدينتي الرقة والموصل، لاستعادتهما من التنظيم، كهدف أساسي، مع استمرار البحث عن قوات محلية لمحاربة "داعش".

وسعى وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في مؤتمر صحافي مع نظيره السعودي عادل الجبير في الرياض أمس السبت، للتأكيد على ثقة بلاده بالقدرة على إلحاق نكسة كبيرة بالتنظيم "في العراق وسورية قريباً". ولا تستبعد الإدارة الأميركية الخيار العسكري في سورية، وفق إعلان نائب الرئيس الأميركي جون بايدن، الذي أكد من تركيا أمس "أننا مستعدون لحل عسكري في سورية إذا لم يكن الحل السياسي ممكناً".  

أما وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر، فكان قد كشف في تصريحات لشبكة "سي إن بي سي" أثناء مشاركته في منتدى دافوس بسويسرا، عن الرؤية الأميركية لمستقبل سورية السياسي وعن الخطط العسكرية التي يُعتقد أنها ستؤدي لتحقيق تلك الرؤية والتعجيل بهزيمة "داعش" في سورية والعراق، معتبراً أن إعلان الخطوط العريضة لتلك الخطط لا ضرر منه بل مفيد في إعداد الناس ذهنياً لفهم ما سيحدث لاحقاً من تطورات، وفي تشجيع الحلفاء على القيام بدورهم ضمن أهداف واضحة.

وأفصح كارتر عن أن الإدارة الأميركية تريد "بقاء هياكل الحكومة السورية من دون شخص (رئيس النظام) بشار الأسد، وإشراك المعارضة المعتدلة في الحكم، وإعادة سورية إلى الوضع اللائق بها الذي يستحقه شعبها بجدارة ثم تحويلها إلى معسكر محاربة التطرف معنا".

وأعرب كارتر عن اتفاقه مع ما طرحته المحطة التلفزيونية بأن "العثور على معارضة معتدلة لتدريبها على قتال المتطرفين أصبح أكثر صعوبة من إرسال قوات للقيام بالمهمة، وأن الشركاء في المنطقة أصبحوا محتارين بين خيارين كل منهما أسوأ من الآخر، وهما بقاء الأسد في الحكم أو حلول المتطرفين مكانه".

وذكّر كارتر بأن الولايات المتحدة قادرة على تنفيذ المهمة التي بدأ يصفها بـ"هزيمة داعش" بدلاً من قوله "القضاء على داعش"، ملوّحاً بما لدى الولايات المتحدة من قوات مسلحة هي الأفضل على مستوى العالم من وجهة نظره. وأشار كارتر إلى أن الخطوة المقبلة للتحالف هي طرد التنظيم من الرقة في سورية ومن الموصل في العراق وقبل ذلك قطع طرق التواصل بين المدينتين.

وقال كارتر إن اجتماعاً لوزراء دفاع الدول الأعضاء في التحالف الدولي ضد "داعش" سيعقد خلال الأسبوعين المقبلين في بروكسل لمناقشة تلك الخطط والأهداف، معرباً عن استياء بلاده من بعض الحلفاء الذين اتهمهم بالتقصير والتقاعس بقوله: "إنهم مدرجون في عضوية التحالف على الورق فقط ولا يؤدون أي دور إطلاقاً أو يكتفون بتقديم ما لا يكاد يذكر". ولفت إلى أن الحلفاء الذين لم يحددهم بالاسم عندما "نطلب منهم أن يقوموا بدورهم فإننا لا نطلب منهم إسداء خدمة لنا أو فضلاً، مثلما نقوم نحن بأداء ما علينا لا نسدي خدمة لأحد ولا نقدم منّة أو فضلاً".

اقرأ أيضاً: واشنطن: متفقون مع العبادي على خطة تحرير الموصل

وفي إشارة منه لصعوبات متوقّعة، قال الوزير الأميركي "إن وجود داعش في سورية والعراق شبيه بالسرطان، وهذا الورم الخبيث إذا ما تركناه فقد ينتشر في جميع أنحاء العالم، ولأننا بحاجة إلى حماية شعبنا في أرضنا، فإنه يتحتم علينا مواجهة داعش في ثلاث جبهات رئيسية على نمط ما كان يجري في الحرب العالمية الثانية".

وأوضح كارتر أن "الجبهة الأولى هي مدينة الموصل في العراق كونها أكبر المدن التي يسيطر عليها التنظيم الإرهابي، والثانية هي مدينة الرقة في سورية التي يعتبرها داعش عاصمة له ولا بد من استعادتها، أما الجبهة الثالثة فهي حماية الأراضي الأميركية من اختراق داعش لها كما حدث في باريس بحيث يتسنى للتنظيم تجنيد أميركيين لمهاجمة أميركيين". وأضاف: "لا يمكن أن نقبل بذلك. ولهذا فنحن بحاجة لتدمير داعش في الموصل والرقة والمضي قدماً في أقرب وقت ممكن".

وفي نبرة تحذير لأعضاء التحالف من التقاعس في تحقيق الهدف، قال الوزير الأميركي: "نحن جاهزون أن نفعل الكثير بأنفسنا، وقادرون على إلحاق الهزيمة بداعش ولكن عندما يتحقق ذلك فسوف نتذكر من هم الذين وقفوا إلى جانبنا".

وأكد كارتر أن القوات البرية الأميركية موجودة على أرض العراق بالفعل ولكن دورها في العمليات لا يزال سؤالاً استراتيجياً مطروحاً للنقاش، معرباً عن تفضيله أن يظل الدور محصوراً في تقديم المشورة ومساعدة القوات العراقية والسورية على تحقيق النصر، لا أن تكون القوات الأميركية بديلاً للقوات المحلية.

وجاء إيضاحات كارتر بعد لقائه برئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على هامش المنتدى، حيث بحث معه الخطوات المقبلة في الحملة العسكرية على "داعش"، وجدول أعمال الاجتماع المرتقب لوزراء دفاع دول التحالف في بروكسل.

وفيما يتعلق بإشراك القوات البرية الأميركية في الحرب على "داعش"، قال الوزير الأميركي إن "النهج الاستراتيجي لدينا هو تمكين قوات الأمن العراقية من استعادة الأراضي التي استولى عليها التنظيم والتمسّك بها، ليس لأننا غير قادرين على انتزاعها من قوات التنظيم، ولكن لأننا لا نريد التمسّك بها أو حكمها". وتابع كارتر: "عندما تنتزع أي منطقة من تنظيم داعش لا بد أن يوجد بديل ما للبقاء على الأرض وحكمها، وهو أمر يصعب على جيش أجنبي القيام به. ومن هنا جاءت استراتيجيتنا في البحث عن قوى محلية لديها الدافع والقدرة للقيام بالمهمة ولو أنه من الصعوبة العثور على مثل هذه القوى".

ورداً على ما يطرحه الكثير من المحللين والخبراء العسكريين من أن السبيل الوحيد لإلحاق الهزيمة بتنظيم "داعش" هو إرسال قوات برية أميركية أكبر من القوة الموجودة على الأرض حالياً، قال كارتر: "أعتقد أننا سوف نفعل أكثر مما فعلناه حتى الآن، ولكن قواتنا البرية لن تكون بديلاً لقوات الأمن العراقية أو القوات الكردية أو القوات العربية السورية، ولا أعتقد أن أي أجنبي يمكن أن يكون بديلاً لهم على الأرض، ولكن بإمكاننا أن نكون معهم من أجل تمكينهم وتقديم العون لهم".

واستدرك كارتر قائلاً: "لا شك أن لدينا جنوداً على الأرض وسوف يكون لدينا المزيد إذا ما رغبنا في عمل المزيد"، مضيفاً: "أريد أن أكون واضحاً بأننا نبحث عن فرص لبذل المزيد من الجهد، وهذا يتطلب وجود قوات على الأرض، ولكن السؤال الاستراتيجي المطروح هو هل نعمل على تمكين القوات المحلية لاتخاذ اجراءاتها أم نكون نحن البديل للقوات المحلية؟". وأوضح كارتر قائلاً: "لقد مررنا بهذه التجربة في الرمادي حيث كانت معاونتنا للقوات العراقية كبيرة ولكن الذي استعاد الرمادي وحقق الانتصار هم العراقيون وكان النصر نصرهم". وأضاف: "سوف نستمر في ذات الطريق الذي حقق النجاح ولكن الأمر قد يتطلب منا أن نفعل أكثر وسنحتاج إلى الدول الأخرى؛ وهذا هو السبب في أنني سأحاول جمع الحلفاء لمناقشة المسألة".

ولفت كارتر إلى أن الوضع في سورية مختلف نوعاً ما عن العراق بسبب غياب الشريك المحلي الذي يمكن الاعتماد عليه. وأعرب الوزير الأميركي عن أمله في أن تكون خطة انتزاع الرقة من تنظيم "داعش" مثالاً على إمكانية العثور على شركاء محليين في سورية، من دون أن يوضح التفاصيل.

اقرأ أيضاً: قوات برية أميركية تتوجه إلى العراق

المساهمون