تسريبات العملية التركية بسورية...مطارا القامشلي والرميلان واستباق التمدُّد الكردي

22 يناير 2016
نازحة سورية وطفلتها في تركيا (هالل فيدان/الأناضول)
+ الخط -

يحاول نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، من خلال زيارة رسمية إلى تركيا يبدأها اليوم، حلحلة الخلافات بين واشنطن وأنقرة، حول استراتيجية كل منهما في سورية. يأتي ذلك في وقت تحول فيه حزب "الاتحاد الديمقراطي"، الجناح السوري لحزب "العمال الكردستاني"، العقدة الأساسية، سواء في العلاقات الأميركية التركية أو في إمكانية عقد مفاوضات جنيف نهاية الشهر الحالي. 

اقرأ أيضاً: تركيا محذّرة أميركا: لن نقبل ممراً كردياً على حدودنا

ويتوقع أن يلتقي بايدن في زيارته كلاً من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو. ورغم تأكيدات الطرفين المتكررة على أنه لا خلافات بينهما، جاء آخرها في تصريحات بايدن قبل الزيارة، لكن حزب "الاتحاد الديمقراطي" يبقى موضع الخلاف الأهم؛ وفيما ترى واشنطن قوات الحزب حليفاً أساسياً أثبت نجاعته في الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، ترى أنقرة في "الاتحاد الديمقراطي"، جناح حزب العمال عدوها التقليدي، تهديداً مباشراً لمصالحها لا يمكن السماح له بالتمدّد أكثر من ذلك، الأمر الذي ترجمه الطرفان على الأراضي السورية.

 وتسرّبت أنباء حول قيام الإدارة الأميركية بتوثيق تحالفها مع قوات "الاتحاد الديمقراطي" عبر تعزيز وتوسعة مطار أبو حجر الزراعي الواقع بالقرب من مدينة رميلان. بينما قام الجيش التركي بإرسال معدات لإزالة الألغام التي زرعها "داعش "على الشريط الحدودي الفاصل بين ولاية كيليس التركية ومدينة جرابلس السورية الخاضعة لسيطرة التنظيم غرب الفرات، فيما بدا خطوة استباقية ورسالة تؤكد عزم الأتراك على التدخل ضد أي تمدد للاتحاد الديمقراطي، في حال قام الأميركيون "بتجاوز أنقرة"، مرة أخرى، كما حصل في منطقة تل أبيض، ودعموا تقدماً آخراً للاتحاد الديمقراطي.

وبحسب مراقبين، فقد بالغت وسائل الإعلام في تفسير خطوات الجانبين، إذ إن مطار أبو حجر يبقى في نهاية الأمر مطاراً زراعياً صغيراً لا يصلح لاستخدامه كمنصة لإطلاق عمليات عسكرية أميركية جوية ضد التنظيم ولا أن يكون قاعدة أميركية في الأراضي السورية. وفي أحسن الأحوال سيكون مركز قيادة ودعم متقدم للقوات الأميركية لإدارة العمليات ضد "داعش"، ما يشير إلى إمكانية تنفيذ خطط لضرب التنظيم ستؤدي إلى توسعة سيطرة الاتحاد الديمقراطي.

أما على الجانب التركي، فإن إزالة الألغام لا يمكن اعتبارها قراراً تركياً بدخول الأراضي السورية، لأن ذلك يحتاج إلى تهيئة كبيرة للرأي العام التركي، الأمر الذي لم يحصل لا على المستوى الإعلامي ولا على مستوى تصريحات المسؤولين الأتراك. وبالتالي، فإنه ليس أكثر من رسالة تركية لواشنطن تفيد بأن أي خطوة روسية أو أميركية تتجاوز الخطوط الحمراء التركية، لن تمرّ على الإطلاق مهما كان الثمن، سواء بالسماح لقوات "الاتحاد الديمقراطي" بالعبور غرب الفرات، أو عبر محاولة تقدّمها من منطقة عفرين باتجاه شمال حلب بغطاء جوي روسي لقطع إمدادات المعارضة من تركيا.

"الديمقراطي" يجمع الأميركيين والروس

في غضون ذلك، يعمل الروس على توسيع مطار القامشلي الدولي، الذي لا يبعد أكثر من بضع كيلومترات عن الحدود التركية لتحويله إلى قاعدة روسية، ستشكل خطراً على الأمن القومي التركي في ظل الخلافات مع موسكو. كما ستتولى تقديم الدعم لحلفاء روسيا ممثلين بقوات "سورية الديمقراطية" التي يقودها "الاتحاد الديمقراطي"، في ظل الضعف الواضح الذي تعاني منه قوات النظام في المنطقة. وأكدت لجان التنسيق المحلية في هذا السياق، وصول مائة عسكري روسي بمختلف الرتب إلى مطار القامشلي، لتوسيعه وتحويله إلى قاعدة روسية. وهو ما أكّده مصدر مسؤول في الخارجية التركية لـ"العربي الجديد"، قائلا: "لقد رصدنا وصول عسكريين روس إلى مطار القامشلي"، مضيفاً "يبقى عدد الجنود الروس المرسلين غير واضح، ولكن هذه ليست المرة الأولى، إذ رصدنا تواجد عسكريين روس في مناطق سيطرة النظام في القامشلي في وقت سابق".


واستبعد المصدر حصول تفاهم روسي أميركي في ما يخص الشأن السوري، قائلاً "لا يزال هناك الكثير من الخلافات بين واشنطن وموسكو في ما يخص الشأن السوري، لكن ما يجمعهما هو محاولة الاستفادة من قوات "الاتحاد الديمقراطي". بالنسبة لواشنطن، سيكون ذلك خطوة أخرى لتحقيق انتصارات ضدّ "داعش". وبالنسبة للروس، سيكون وسيلة لتوسيع نفوذها والضغط على أنقرة، خصوصاً أنها وسّعت علاقاتها مع "العمال الكردستاني" بعد تأزم العلاقة مع تركيا. بل وتضغط لجعل "الكردستاني" طرفاً أساسياً في مفاوضات جنيف بين المعارضة والنظام، في محاولة لتوجيه ضربة للمعارضة المدعومة من المحور الخليجي التركي".

المساهمون