توصيات لبريطانيا بالانفتاح "الإيجابي" لتعزيز دورها المفقود دولياً

16 يناير 2016
تواجه بريطانيا تحديات داخلية وخارجية (كارل كورت/فرانس برس)
+ الخط -
يثير تراجع الدور البريطاني على الساحة الدولية خلال السنوات الأخيرة، تزامناً مع احتمال خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي، تساؤلات حول مستقبل "الإمبراطورية" التي لم تكن الشمس تغيب عن أركانها الممتدة في أصقاع الكرة الأرضية، وانتهى بها الوضع إلى مواجهة خطر التفكك على الرغم من نتائج الاستفتاء للاستقلال الإسكتلندي عام 2014.

تكشف ورقة أعدّتها مجموعة من الخبراء السياسيين، والاستراتيجيين، والإعلاميين بعنوان "تعزيز صوت بريطانيا في العالم"، أخيراً، عن أنّ المملكة المتحدة تواجه عالماً أكثر اضطراباً مما كان عليه في السنوات الخمس الأخيرة. كما تحيطها تحديات غير مسبوقة وتهديدات متسارعة، منها: صعود الصين، وتراجع التحالف الأطلسي، وتزايد عدائية روسيا، وتصاعد الصراعات وتفكّك الدولة المركزية في معظم أنحاء الشرق الأوسط، وتزايد هجرة اللاجئين والمهاجرين إلى أوروبا.

أضف إلى ذلك، غموض مستقبل الاتحاد الأوروبي، وهشاشة الاقتصاد العالمي، والتهديدات البيئية الكبيرة، ووصول النظام الإنساني الدولي إلى نقطة الانهيار. ويتزامن كل ذلك، مع الاستعدادات للاستفتاء على مصير المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، الذي حدّد مكانة بريطانيا في العالم على مدى السنوات الـ42 الماضية.

وشارك في إعداد هذه الدراسة كل من الأستاذ في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، مالكولم تشالمرز، والخبير في مؤسسة "راند أوروبا"، بول كورنيش، وممثل بريطانيا السابق الدائم لدى الاتحاد الأوروبي، جون غرانت، وعضو المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، مارك ليونارد، والمتحدث الرسمي السابق للشؤون الخارجية في مجلس اللوردات، اللورد والاس، والمساعد السابق للأمين العام للأمم المتحدة، المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان، اللورد مايكل وليامز.

اقرأ أيضاً: بريطانيا تبدأ العام الجديد بالملف الأوروبي

وتشير هذه الدراسة إلى أنّ تراكم كل هذه الأزمات والتحديات، ترافق، وفي مفارقة لافتة، مع تزايد القلق من انسحاب المملكة المتحدة من المشاركة في إيجاد حلول لهذه الأزمات، وفقدان بريطانيا للقيادة والقدرة على القيام بدور على الساحة الدولية في ظلّ تقليص ميزانيات الأدوات التقليدية للدبلوماسية الخارجية والدفاع، وتزايد الشكوك حول مصير عضويتها في الاتحاد الأوروبي.

وترى مجموعة العمل أنّ المصالح البريطانية والاستحقاقات الدولية تستدعي الحفاظ على دور فاعل وطموح لبريطانيا على الساحة الدولية. وإذا كانت الأوضاع العالمية تزداد صعوبة عما كانت عليه في الماضي، فإن على بريطانيا مواجهة ذلك بالعمل الجاد والذكي لا بالانسحاب من المواجهة، إذ لا يجب للمملكة المتحدة التصرف بسلبية أو ترك الميدان لأطراف وجماعات أخرى لا تلتقي مصالحها أو قيمها مع المصالح والقيم البريطانية.

ولتحقيق هذا الدور الكبير والطموح، يوصي التقرير الذي صدر في نهاية العام الماضي، بأنّ على القيادة البريطانية الاستثمار لإعادة ترتيب سياساتها الخارجية على أساس خمس قواعد رئيسية، وهي؛ ابتكار حلول خلّاقة للأزمات الدولية، والتمتع بعلاقات دولية متعددة وقوية، والتميّز بسياسات برغماتية على المستوى الأوروبي، والانفتاح على العالم وليس على الإقليم فحسب، والتدخل المسؤول في القضايا الدولية. ويتطلب هذا، إعطاء الأولوية لسد العجز الدبلوماسي ومعالجة النقص في الميزانيات العامة المخصصة للخارجية، والدفاع، والدبلوماسية العامة، والإعلام الخارجي، والمساعدات الخارجية.

ويرى معدّو التقرير أنه لا يمكن للحكومة البريطانية الحفاظ على مصالحها العالمية ودورها كلاعب فاعل على الساحة الدولية، بينما تنهج سياسات داخلية مالية تقلّص من قدرات المؤسسات الدبلوماسية، والدفاعية، والإعلامية التي تعمل على تعزيز النفوذ البريطاني الخارجي.

وتخلص الورقة إلى أن تمتع بريطانيا بسياسات خارجية ودفاعية فاعلة وطموحة على الساحة الدولية، يحتاج للدعم الشعبي، ولا سيما أنّ الشعور السائد لدى أوساط واسعة من الطبقة السياسية، يشير إلى أنّ الرأي العام البريطاني أصبح أقل طموحاً وأكثر تشككاً في السياسات الخارجية للحكومات. وتعززت هذه النظرة، بعد التجارب الفاشلة للتدخل البريطاني في العراق وأفغانستان وليبيا. ومع ذلك، يؤكد معدّو الورقة، أنّ الجمهور البريطاني لا يزال يتفهّم ضرورة قيام بريطانيا بدور عالمي يتناسب مع الحفاظ على مصالحها، لا سيما في مجالات تغيُّر المناخ، والهجرة، والأمن الإلكتروني، والإرهاب، والمياه، والأمن الغذائي، وعدم المساواة.

اقرأ أيضاً: أوروبا 2015... عام من الأزمات