النظام ينقلب على مناطق "المصالحات" بريف دمشق

01 اغسطس 2015
يمنع النظام الطعام والغذاء عن مناطق "الهِدَن" (الأناضول)
+ الخط -

يتردّد أهالي منطقة الزبداني في إبرام هدنة مع النظام السوري، بفعل انقلابه خلال الأيام الماضية على العديد منها عبر حصاره مناطق الهِدَن، مانعاً الطعام والماء والدواء عن عشرات آلاف السوريين، بحجج عدة، في ظل صمت دولي.

ويبدو أن النظام قد نجح إلى حدّ بعيد من خلال فكرة المصالحات، التي تُشرف عليها إيران مباشرة، في التحكّم بسير الهِدَن وتوقيتها وخرقها في الوقت الذي يناسبه على حساب المدنيين. كما استطاع تحييد الفصائل العسكرية الموجودة في مناطق الهِدَن، من خلال فرض حصار مُطبَق عليها، أفقدها مع الوقت القدرة على المناورة، التي ستكون على حساب الحاضنة الشعبية لها، إلى درجة أصبحت فيه الفصائل "عبئاً" على تلك الحاضنة.

وفي هذا الصدد، أفاد الناشط الإعلامي في مدينة التل بريف دمشق عمر الدمشقي، لـ"العربي الجديد"، أنه "لليوم الثامن على التوالي، تستمر القوات النظامية بإغلاق الطرق المؤدية إلى مدينة التل، وتمنع المدنيين من الدخول والخروج إلى ‫دمشق، باستثناء سماحها بالمرور للموظفين وطلبة الجامعات". وكشف أن "المواد الغذائية بدأت تنفد وباتت الأسواق خاوية تماماً".

ولفت إلى أن "لا أحد في التل يعلم السبب الحقيقي وراء هذا الحصار، على الرغم من أن النظام اتهم المعارضة بقتل عسكري تابع له داخل المنطقة، وطالب بتسليم أحد المتهمين". وأعرب الدمشقي عن اعتقاده بأن "النظام اعتاد تكرار حصار المدينة، وفي كل مرة يدفع وجهاء المدينة مبالغ له لفكّ الحصار، ويبدو أن الحصار تحوّل إلى مصدر رزق له".

من جانبه، قال الناشط الإعلامي في مدينة المعضمية بريف دمشق، أبو كنان الدمشقي، لـ"العربي الجديد"، إنه "بدأ التضييق على المدينة منذ منتصف شهر فبراير/شباط الماضي، على خلفية استياء بعض الإعلاميين في التلفزيون السوري من آراء الناس، ووصل إلى درجة منع إدخال أي مواد غذائية أو طبية إلى المدينة، فضلاً عن توجيه سيل من الإساءات للأهالي الذين كانوا قادرين على الدخول والخروج من التل، وهم من الموظفين في الدولة وطلاب الجامعات".

اقرأ أيضاً: ألف برميل متفجر يطيح بحيلة هدنة الزبداني

وكشف أن "الوضع تأزم قبل أيام بشكل أكبر، بعد إغلاق النظام المعبر بشكل كامل، على خلفية محاولة عسكري منشق، أو فارّ كما ذكرت صفحات على موقع فيسبوك مقرّبة من النظام، التسلل إلى داخل المدينة من جهة الحي الشرقي، وقيام المجموعات المرابطة هناك بإلقاء القبض عليه واعتقاله. ما أدى إلى احتجاز قوات النظام نحو 40 ألف مدني، مانعة أي منهم من الدخول والخروج، بمن فيهم طلاب وموظفون. وقامت أيضاً بمنع إدخال الخضر والخبز للأهالي، مما زاد من معاناتهم مع استمرار انقطاع أدنى مقوّمات الحياة من ماء وكهرباء وطعام".

من جهته، قال عضو المجلس المحلي لمدينة قدسيا بريف دمشق، محمد الشامي، لـ"العربي الجديد"، إن "قدسيا وقّعت مع النظام هدنة منذ أكثر من عامين خرقها الأخير مرات عدة، كان آخرها في عيد الفطر، حين قام شبيحة النظام القاطنين في جبل النازحين، بقنص ثلاثة شبان بعمر 16 عاماً، كانوا يركبون على دراجة نارية استأجروها في فترة العيد، ما تسبب في مقتل أحدهم وهو من جوبر، واصابة الآخرين".

وتابع "قام الجيش الحرّ بقدسيا حينها بالرد على مصدر القنص، فتدخّلت قيادات من الحرس الجمهوري، وذكرت أنها قامت بمعاقبة القنّاص على حدّ زعمها وتمت تهدئة الوضع. إلا أنه ومنذ نحو أسبوع، قام النظام بفرض حصار على قدسيا، بحجة اختطاف عنصر مخابراتي يقود سيارة اجرة، مطالباً بالإفراج عنه، ولم نجد له أثراً عند جميع المجموعات في المدينة".

ولفت إلى أن "قدسيا تحوي ما يقارب المليون نسمة، بينهم نازحون من مناطق كثيرة كالغوطة الشرقية وجنوب العاصمة دمشق ومخيم اليرموك ودير الزور والغوطة الغربية. يعيشون جميعاً حصاراً خانقاً، يمنع دخول المواد الأولية، كالطحين والخضر. كما لا يوجد محروقات ومواد طبية، في وقت يمنع دخول وخروج المدنيين من موظفين وغير موظفين، بالإضافة إلى توقف البلدية وعدم إدخال سيارات القمامة، مما أدى إلى تراكم النفايات بشكل رهيب خلال هذه الفترة".

وقال الشامي "تُجرى في الفترة الحالية مفاوضات يُطالب فيها النظام بإخلاء سبيل عنصره، فارضاً شروطاً جديدة لاستمرار المصالحة، وإلا سيقوم بضرب المدينة". ولفت إلى أنه "لم يُعلن عن الشروط، لكنّ هناك حديثاً عن مطالبة النظام بالسماح لعناصره بالدخول والخروج من المدينة بأي صيغة كانت. أعتقد أن هذه المطالب صعبة التحقق".

كما أفاد ناشطون معارضون أن "القوات النظامية تحاصر منذ أيام بلدتي مضايا وبقين بريف دمشق، مطالبة إياهما بتسليم النازحين فيها من أهالي الزبداني، في وقت تشنّ بمساندة حزب الله اللبناني هجوماً شرساً على المنطقة منذ نحو الشهر، من دون تحقيق أي تقدم يذكر، على رغم إمطارها يومياً بعشرات الغارات الجوية والبراميل المتفجرة والصواريخ الفراغية وغيرها من الأسلحة الثقيلة".

ويرى ناشطون معارضون أن "النظام يحاول دائما الضغط على الفصائل المسلحة في مناطق المصالحات، عبر التضييق على معيشة المدنيين عبر قطع المواد الأساسية عنهم، في وقت نجحت الهدن في شلّ العمل العسكري، الذي أصبح بالنسبة للمدنيين المحاصرين من دون جدوى، لأنه غير قادر على إسقاط النظام ولا إخراج المعتقلين ولا تأمين مستلزمات الحياة للمدنيين. لذلك أصبح السلاح حملاً ثقيلاً عليهم، وهو ما كان يعمل النظام من أجله منذ أن طرح فكرة المصالحات، عبر إفقاد الفصائل المسلحة الحاضنة الشعبية".

اقرأ أيضاً معركة الزبداني: النظام يقصف بقين وتحذيرات من وقوع مجازر

المساهمون