حلفاء إيران في لبنان: "داعش" إلى حدود السعودية

16 يوليو 2015
علم إيران في أحد احتفالات حزب الله (فرانس برس)
+ الخط -
تبدو اللغة الانتصارية غالبة لدى حلفاء إيران في لبنان. ظهّرت وسائل إعلام هذا الفريق الاحتفاليّة بالاتفاق النووي بعبارات واضحة. ومتابعة قناة المنار وإذاعة النور التابعتين لحزب الله، تكشف حجم الفرحة والقناعة بأن هذا الاتفاق أعطى إيران دوراً إقليمياً بارزاً. فمنذ الإعلان عن الاتفاق، انشغل سياسيّو هذا الفريق بالتهنئة، وتمني أن يكون للاتفاق أثر إيجابي على لبنان.

لا يختلف الحديث مع مسؤولي هذا الفريق في الجلسات البيروتية المغلقة كثيراً عمّا تقوله وسائل الإعلام، إلا أنه أكثر عقلانية ومنطقيّة. يُمكن اختصار مواقف هؤلاء المسؤولين بعبارة "باتت إيران دولة إقليمية معترفا بها دولياً". يرى هؤلاء أن الاتفاق أعطى إيران الشرعية الدوليّة، مثلما سيؤدي مع الوقت إلى تحسن وضعها الاقتصادي وقدراتها على مساعدة حلفائها. لكن هؤلاء يؤكّدون أن الاتفاق لن يحمل آثاراً مباشرةً على المنطقة الغارقة بالصراعات، "رغم أنه سيحمل آثاراً غير مباشرة بكلّ تأكيد، خصوصاً في سورية والعراق".

يقول أحد المسؤولين الرسميين اللبنانيين سابقاً، إن الخطوة التي ستلي هذا الاتفاق ستكون صياغة عملٍ أكثر جدية في "مواجهة الإرهاب وعلى رأسه داعش، فالأميركيون لم يكونوا راغبين في المرحلة الماضية بأن تُحقق الحرب على الإرهاب نتائج كبيرة، عدا ضبط ومنع توسّع المناطق التي يُسيطر عليها التنظيم في العراق، حتى لا يستخدم المفاوض الإيراني هذه النتائج على طاولة المفاوضات، أما اليوم فإن الأمر اختلف".

في الوقت عينه، ينقل مستشار أحد رؤساء الأحزاب اللبنانيّة ممن لديهم علاقات جيدة في واشنطن، عن عدد من المسؤولين الأميركيين الذين التقى بهم منذ أشهر، قولهم له، إن واشنطن "لا ترى مشاركة حزب الله في القتال في سورية أمراً سيئاً". ويُضيف المستشار أن الكلام الأميركي غير العلني يختلف عن التصريحات، "فهم (الأميركيون) يرون أن لحزب الله دوراً في مكافحة الإرهاب في المنطقة". يتقاطع هذا الكلام مع ما يُردده مسؤولون في حزب الله على صيغة سؤال: "ألا ترون أن قتالنا في سورية جزء من الحرب على الإرهاب؟". كلام لا يختلف عن عدم معارضة وزراء حزب الله الجدية لانضمام قائد الجيش اللبناني إلى اجتماعات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد "داعش". لا بل يوافق الحزب على التنسيق الأمني والاستخباري مع الدول المشاركة في هذا التحالف، وقد ساعد هذا التنسيق الأجهزة الأمنية اللبنانيّة على ضرب خلايا للتنظيمات الجهادية على الأراضي اللبنانيّة.

إذاً، الخطوة اللاحقة بعد الاتفاق النووي هي تعزيز "الحرب على الإرهاب" كما ينقل حلفاء إيران في لبنان. ويُضيف أحد السياسيين اللبنانيين أن هناك امتعاضاً غربياً من الدور السعودي غير الفعّال في محاربة "داعش"، مقارنةً مع حماستها في حربها ضد الحوثيين، وهو ما سبق لمسؤولين أميركيين رفيعي المستوى أن سرّبوه أو قالوه علناً. من هنا، يقول السياسي اللبناني المقرب من إيران إن لديه معلومات تُشير إلى أن الخطوة اللاحقة في العمليات العسكرية في سورية والعراق ضد "داعش"، ستكون الدفع بمقاتلي هذا التنظيم إلى الحدود العراقيّة ــ السعوديّة، "بحيث يتحوّلون إلى مشكلة السعوديّة الأولى، بدل أن يكونوا مشكلة الدول الأخرى". 

وفي السياق، هناك من يعتقد في هذا الفريق، أن دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تحالف ضدّ الإرهاب يضم السعودية وسورية والعراق إلى جانب دولٍ أخرى، تُعد دعوة جديّة، وقد تضطر السعودية إلى القبول بها.

يُمكن الخروج بخلاصة واضحة من نقاشات هذا الفريق، وهي أن المنطقة العربيّة ستكون عرضة لتقسيم نفوذ بين ثلاث دول: إيران، وتركيا وإسرائيل، "وللأسف أخطأت دول الخليج كثيراً عندما تآمرت على العراق وسورية تحت عنوان إزالة الأنظمة الديكتاتوريّة، إذ لا دور عربيا بلا هاتين الدولتين ومصر التي تُعاني أيضاً من مشاكل داخليّة كبيرة" يقول "قومي عربي" قريب اليوم من حزب الله. لا ينكر الرجل أن إيران تدافع عن مصالحها، وهي مصالح غير عربية، لكنه معجب بأداء هذا النظام كثيراً. يتحدث كثيراً عن "منجزاته" ثم يقول: "الحضارة الفارسية كانت من أولى الحضارات، وهي كانت نداً للحضارات الأخرى منذ الأشوريين مروراً بالرومان والبيزنطيين والعثمانية إلى اليوم هذا".

في مكان ثانٍ، هناك من يقول في هذا الفريق إن "قدرة دول الخليج محصورة في الاعتراض عبر افتعال مزيد من الأزمات"، وفي الوقت عينه فإنه يُضيف: "وكلما تأخرت هذه الدول عن القيام بتسوية تاريخية مع إيران فإنها ستكون خاسرة". ربما ما قاله رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري عن هذا الاحتفال هو الأكثر تعبيراً بالنسبة لهذا الفريق، فهو اختصر الأمر بالجملة الآتية: "ما قبل الاتفاق ليس كما بعده".

إنه زمن الاحتفال بالنسبة لحلفاء إيران في لبنان. في المقابل، هو زمن الضياع للفريق المقابل. لا يملك فريق 14 آذار أجوبة واضحة عن تداعيات هذا الاتفاق. رئيس حزب القوات اللبنانيّة، سمير جعجع، يعتبر أن آثاره ستكون محدودة، بينما رأى وزير الشؤون الاجتماعية (ممثل تيار المستقبل) رشيد درباس أن "استرخاءً سيظهر عقب توقيع الاتفاق النووي، والتوترات في المنطقة ستلقى تبريداً مفيداً تدريجياً".

بدوره، اختصر النائب وليد جنبلاط الموقف من الاتفاق على طريقته بالقول في تصريحات صحافية: "طريق الاتفاق عبدت بمئات آلاف القتلى والجرحى والمفقودين في سورية والعراق"، مضيفاً أن هذا الاتفاق يضع المسمار الأخير في نعش العالم العربي ونعش اتفاق سايكس ــ بيكو.

اقرأ أيضاً: الاتفاق النووي والتنازلات المتبادلة: العقوبات مقابل القنبلة

المساهمون