"القرار التنفيذي" و"الفيتو" سلاحا أوباما لمنع تعطيل اتفاق النووي

14 يوليو 2015
من المستبعد وقوف الحزب الديمقراطي ضد التسوية النووية(فرانس برس)
+ الخط -
في حال تم إقرار الاتفاق النووي مع إيران في فيينا، ستتجه الأنظار إلى الكونغرس الأميركي، حيث ستعلو بدون شك أصوات تشريعية معترضة تحاول عرقلته، في ظل موقف الجمهوريين الذين يمتلكون الأغلبية داخله، لكن قدرة الجمهوريين على وقف مفاعيل أي تسوية نووية توقع واشنطن عليها مع طهران تبدو موضع تشكيك.

لم يبق وزير خارجية أميركي خارج بلاده على مدى أكثر من أسبوعين للتعامل مع ملف تفاوضي واحد، كما يفعل جون كيري هذه الأيام.
لكن مقابل هذا الثقل السياسي لإجراء تسوية، تتصاعد الأصوات الجمهورية المعترضة. رئيس مجلس النواب، جون بونر، صرح لشبكة "سي بي إس" أنه سيصفق للرئيس الأميركي، باراك أوباما في حال قرر الانسحاب من مفاوضات فيينا. وأضاف "لا اتفاق أفضل من اتفاق سيئ".
أما السيناتور الجمهوري، توم كوتون، الذي يعد من أبرز الأصوات المعارضة لأي اتفاق نووي، فأشار إلى أنه حال التوصل إلى تسوية "ستكون خطرة بالنسبة إلى الولايات المتحدة والعالم". من جهته، لمّح المرشح الرئاسي والسيناتور الجمهوري، ليندسي غراهام، إلى شبكة "سي إن إن" بأن على الرئيس الأميركي المقبل إنهاء أي اتفاق نووي يوقعه أوباما.

اقرأ أيضاً: إسرائيل تراهن على أعضاء الكونغرس لإفشال الاتفاق مع إيران

على الرغم من هذه الأصوات المشككة والمتوعدة، لا توجد أي قاعدة تشريعية تقول إنه يحق للكونغرس الموافقة أو رفض أي مفاوضات دولية تجريها الإدارة الأميركية.

يمتلك البيت الأبيض هامشاً للمناورة من خلال تصنيف الاتفاق النووي مع طهران على أنه "قرار تنفيذي" وليس "اتفاقية". وهنا يتبع أوباما تقليداً بدأه الرئيس الراحل فرانكلين روزفلت، الذي كان أول من اعتمد سابقة تصنيف كل المفاوضات الدولية التي يجريها بأنها "قرار تنفيذي" للالتفاف حول الكونغرس، وبالتالي فإن أي اتفاق دولي يحتاج فقط إلى موافقة البيت الأبيض.
خلال الستينيات، نجح الكونغرس بإقرار قانون يلزم الرئيس بإعلام الأول بجميع القرارات التنفيذية التي يتخذها. لكن هذا لم يمنع الرؤساء الأميركيين من توقيع معاهدات واتفاقات دولية، وتصنيفها قانونياً على أنها "قرار تنفيذي" لتخطي عقبة الكونغرس الذي يتخذ في الحالة الإيرانية موقفاً معارضاً الاتفاق النووي.
رئيس الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، السيناتور ميتش مكونيل، ذكر في تصريح لشبكة "فوكس نيوز" أنّ أمام أي اتفاق "عملية بيع صعبة"، مشيراً إلى أنّ الكونغرس سيسعى إلى فرض المزيد من العقوبات على إيران في حال فشل المفاوضات.
أما رئيس لجنة العلاقات الخارجية، السيناتور الجمهوري بوب كوركر، فقد أكد أن إيران "ستخادع" في حال كان هناك اتفاق نووي، وأن أعضاء الكونغرس "سيصوتون وفق ضميرهم في نهاية المطاف". حتى الرجل الثاني في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، السيناتور الديمقراطي روبرت مينينديز، فقد رأى أنّ موقف الإدارة الأميركية تحوّل مع الوقت من "منع إيران من الحصول على قدرة نووية إلى إدارة" الملف النووي. وهو صرح لشبكة "سي بي إس" أنه كان يفضل مقاربة مختلفة لهذا الملف، معتبراً أنّه خلال مراجعة أي اتفاق يجب التأكد أنّ "هناك ردعا على المدى الطويل". يذكر أن مينينديز يواجه حالياً قضية فساد وليس لديه ثقة البيت الأبيض، كما كان الحال خلال فترة تواجد كيري في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ.
المصادر الديمقراطية في الكونغرس تؤكد لـ "العربي الجديد" أنه طالما أنّ معالم الاتفاق النووي النهائي في فيينا تشبه الإعلان الأولي في شهر أبريل/نيسان الماضي، فلن يكون هناك عرقلة جدية في الكونغرس. كما هناك اعتقاد أن تمديد الموعد النهائي للتفاوض جاء ليعكس أنّ إدارة اوباما جدية في موقفها ولن تقبل بأي تسوية.

أعطى أوباما الكونغرس حق مراجعة أي اتفاق نووي من خلال القانون الذي أقرّه المشرّع الأميركي في شهر مايو/أيار الماضي. لكن من المستحيل عملياً وقف أو عرقلة أي تسوية بدون تمرد واسع النطاق لأعضاء الكونغرس الديمقراطيين على البيت الأبيض. بغض النظر عن الأكثرية الجمهورية في مجلس النواب، فإن مسرح المواجهة والحسم هو مجلس الشيوخ، وهنا لعبة الأرقام تتكلم.

لدى الأغلبية الجمهورية 54 صوتاً مقابل 44 صوتاً للأقلية الديمقراطية وصوتين مستقلين يصبان عادة مع الديمقراطيين في جلسات تصويت مجلس الشيوخ. بعد التسوية التي أقرّها الكونغرس في العام 2013 لتجاوز الجمود الذي كان يخيم على أدائه، كان الاتفاق أن أي أكثرية في مجلس الشيوخ تحتاج إلى أن تضمن 60 صوتاً لتحيل أي مشروع قانون إلى التصويت في الجلسة العامة. يحتاج الجمهوريون إلى ستة أصوات ديمقراطية على الأقل لإحالة مشروع قرار رفض رفع العقوبات على طهران إلى الجلسة العامة.
وخلال التصويت الفعلي على مشروع القانون، ستحتاج الأغلبية الجمهورية إلى ضمان 67 صوتاً لإقراره، أي يحتاج البيت الأبيض إلى ضمان تصويت 34 صوتاً من أصل 44 يملكها الحزب الديمقراطي في مجلس الشيوخ.
وهذه عملية حسابية سهلة لأنه من المستبعد أن يقف الحزب الديمقراطي ضد الرئيس حول قضية رئيسية في ملف السياسة الخارجية. أما في حال تمكن الجمهوريون من تجاوز عتبة التعطيل وإقرار هكذا مشروع، سيكون النقض أو "فيتو" أوباما جاهزاً لنقض مفاعليه وعدم التوقيع عليه.
بعد انقضاء موعد 9 يوليو/تموز، ينص القانون على أنّ فترة مراجعة الاتفاق مع إيران ستزيد من 30 يوماً إلى 60 يوماً، أي أنه يتعين على إدارة أوباما منذ الآن انتظار شهرين ليراجع الكونغرس الاتفاق. وهذا وقت قد يستنفذه الجمهوريون حتى اللحظة الآخيرة لتأخير مفاعيل اتفاق محسوم منذ لحظة توقيع البيت الأبيض عليه. 
إذاً توقيع أي تسوية نووية مع طهران ليس مرتبطاً بموافقة الكونغرس أكثر مما هو مرتبط بإرادة سياسية في واشنطن تقرر أنّ ما حصلت عليه من إيران يكفي لتسويق التسوية داخليا،ً بطريقة لا تنعكس سلباً على إدارة اوباما والديمقراطيين.

اقرأ أيضاً احتمالات الاتفاق النووي الإيراني: نتائج مباشرة وأخرى طويلة الأجل

المساهمون