حلفاء إيران في العراق يضغطون لتغيير النظام إلى رئاسي

01 يوليو 2015
رفض كبير لتغيير النظام تتشاركه كتل عديدة(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
دعت كتل سياسية ومليشيات في العراق إلى تغيير جذري في نظام الحكم في البلاد، بحيث يتحول من نظام برلماني إلى رئاسي، لمعالجة الوهن والضعف في الدولة العراقية، ومنح الأكثرية فرصة حكم البلاد، بحسب تصريحات صدرت عن شخصيات سياسية ومليشياوية بارزة في بغداد والنجف وكربلاء، موالية لإيران.

اقرأ أيضاً: فصل جديد من مشروع طهران إطاحة البرزاني

وعقدت، خلال الأسبوع الماضي ومطلع الأسبوع الجاري، ثلاثة مؤتمرات على مستوى عال من الأهمية حول المشروع، من بينها مؤتمر واسع برعاية رئيس الوزراء السابق ونائب رئيس الجمهورية الحالي، نوري المالكي، في كربلاء، لتبني تلك الدعوة، حضره سياسيون وقادة مليشيات، فضلاً عن القنصل الإيراني في النجف، محيي الدين نجفي، جرى خلاله التركيز على كسب الدعم والتأييد الشعبي للمشروع. 

وأخذت تلك الدعوات تتسع بشكل كبير في الوسط السياسي، فضلاً عن مليشيات "الحشد الشعبي" الممولة إيرانياً، والتي أطلقت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لهذا الغرض، فضلاً عن إقامة منتديات وندوات محلية في مدن جنوب ووسط العراق.

وتقوم الدعوة على إلغاء النظام البرلماني القائم في العراق والعودة إلى النظام الرئاسي العام، وحصر السلطات والصلاحيات في رئيس الدولة المنتخب، معتبرين أن النظام البرلماني مترهل وضعيف، وسبب الكثير من المشاكل السياسية والأمنية للبلاد، بعد الاحتلال الأميركي وسقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين.

كما دعا القيادي في "الحشد الشعبي" وزعيم مليشيا "عصائب الحق"، التي تمتلك جناحين قتاليين لدعم النظامين في العراق وسورية، الشيخ قيس الخزعلي، في كلمة له ألقاها خلال مؤتمر خصص لهذا المشروع، السبت الماضي، إلى اعتماد النظام الرئاسي في العراق، والتخلي عن النظام البرلماني الذي نص عليه الدستور العراقي الدائم لسنة 2005. 

وأوضح الخزعلي، خلال كلمته التي بثها تلفزيون العراقية الحكومي، أن "النظام الرئاسي سيحول العراق إلى دولة مركزية قوية"، مؤكداً أن الولايات المتحدة الأميركية فرضت النظام البرلماني على العراقيين لمصادرة حق "الأغلبية الشيعية"، في حكم البلاد "رغم أنها تطبق النظام الرئاسي لديها"، على حد قوله. 

وأوضح زعيم المليشيا، التي تحظى بتمويل ودعم إيرانيين منذ سنوات، أن "النظام البرلماني يتطلب غالبية الثلثين لاختيار رئيس الجمهورية، ما يعزز مبدأ التوافق والمحاصصة، الذي أضعف النظام السياسي العراقي"، مشدداً على ضرورة إلغاء مجلس المحافظات الذي أثبت عدم فاعليته. ولوح بالنزول إلى الشوارع "إذا لم يتم الانتقال إلى النظام الرئاسي".

في الإطار نفسه، دعا عضو حزب "الدعوة الإسلامية" (الذي يتزعمه المالكي)، حسين الركابي، التحالف الوطني الشيعي إلى مناقشة الانتقال بالعراق إلى حكم رئاسي لا برلماني. وأوضح في مؤتمر صحافي عقده الأحد أن "النظام الرئاسي ضمان وحيد للعراقيين في كل زمان. ونجد أن البرلمان أخفق وشتت الجهود السياسية والإصلاحية في البلاد"، مضيفاً أن "الحكم سيكون بيد الأكثرية الدينية، وهو مطلب للشارع العراقي"، على حد زعمه.

دعوة مماثلة صدرت عن النائب جواد الشهيلي عن كتلة "دولة القانون"، بحيث وصف النظام البرلماني بالضعيف. وقال في مؤتمر صحافي عقد في البرلمان الأسبوع الماضي إنه "بات من الضروري أن نعيد النظر في النظام الأساسي في العراق الذي رسمه الأميركيون"، مبيناً أن "النظام البرلماني ينفع دولا أوروبية لا دولة عربية مثل العراق، والذهاب إلى النظام الرئاسي أفضل بكثير". 

تلك التصريحات والدعوات التي صدرت من الجناح الموالي لإيران قوبلت برفض واسع من الجانب الآخر ممثلاً بكتل سياسية سنية وكردية ومسيحية، فضلاً عن أحزاب وكتل وطنية وقومية وعلمانية.

وقال القيادي في "التحالف الكردستاني"، محمد أمين لـ"العربي الجديد"، إن "تلك الدعوات تخرج بأصوات عراقية، لكن بحناجر إيرانية". وأوضح أن "أي مس بالنظام الحالي للعراق، يعني ذهاب الأكراد بدولة مستقلة"، مبيناً أن هذا النظام هو ما اتفقت عليه أطراف المعارضة في مؤتمر لندن 2003، قبل احتلال العراق بشهر واحد برعاية الولايات المتحدة وبريطانيا، وتقرر أن يكون النظام برلمانيا "وعلى هذا الأساس تمت عودة الأكراد، لذا لن نسمح بأي تغيير".

كما فضل النائب عن "التحالف الكردستاني"، محسن السعدون، البقاء على النظام الاتحادي الفدرالي "الذي خلّص العراقيين من التجارب التي سبقت تغيير نظام حكم صدام حسين"، مؤكداً في بيان أن "النظام البرلماني مكسب للجميع، ولا يمكن التنازل عنه، بعدما أثبت نجاحاً في تشكيل الهيئات الرئاسية في البلاد".

من جهته، عبر القيادي في "اتحاد القوى العراقية"، سالم المشهداني، عن قلقه من تمرير هذا المشروع، الذي يجسد ديكتاتورية سياسية وأمنية في العراق، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "الجهات السياسية والعسكرية التي تسيطر على البلاد قد تمرر المشروع بدون الاحتكام للدستور".

وأبدى المشهداني تخوفه من مسألة الالتفاف على الدستور، وتزييف إرادة الشعب، كما حدث في عام 2005 حين زورت نتائج الاستفتاء على الدستور، وعام 2014 بعدما تلاعبت السلطة بنتائج الناخبين في المناطق المحيطة ببغداد، وتحويل أصوات الناخبين لصالح رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، فضلاً عن إجراء الانتخابات البرلمانية في المحافظات الساخنة التي تشهد سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على أغلب مناطقها.

وفي سياق متصل، أكد أستاذ القانون الدستوري في جامعة بغداد، حميد الفضلي، أن المادة الأولى من الدستور العراقي نصت على أن العراق دولة اتحادية، ذات نظام نيابي برلماني، مبيناً خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن تحويل العراق إلى نظام الحكم الرئاسي أمر أقرب إلى المستحيل، لأن تعديل أية مادة في الدستور العراقي تتطلب موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب، وهذا الأمر لن يتم بسبب اعتراض غالبية نواب التحالف الكردستاني، واتحاد القوى العراقية، وبعض نواب التحالف الوطني والأقليات، على هذه الدعوة. وأشار إلى أن تعديل الدستور لا يتوقف عند موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب فحسب، بل يتطلب موافقة الشعب باستفتاء شعبي عام يصعب إجراؤه في الظروف الراهنة".

بدوره، اعتبر النائب المستقل في البرلمان العراقي، عباس البياتي، الدعوة إلى النظام الرئاسي مرفوضة مسبقاً، مبيناً أنه لا يناسب العراق متعدد المكونات. وأشار النائب الذي ينتمي للقومية التركمانية إلى أن البعض يطالب بتحويل النظام السياسي في العراق من برلماني إلى رئاسي، ظناً منهم أن هذا التحول يمنح الرئيس صلاحيات واسعة، متسائلاً عن مصير المكونات الأخرى في البلاد إذا جرى اختيار رئيس جمهورية من مكون معين.

اقرأ أيضاً: الكتل النيابية في كردستان العراق تتفق على لجنة الدستور 

المساهمون