صواريخ "كورنيت" الموجّهة تدخل حرب سيناء

18 يونيو 2015
حركة الأسلحة من وإلى سيناء تحكمها المافيا والتنظيمات(فرانس برس)
+ الخط -
لم تتوقف فصول التطور العسكري لتنظيم "ولاية سيناء" منذ ظهوره وإعلان مبايعة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، ومن قبلها، منذ أن كان اسم التنظيم "أنصار بيت المقدس"، واعتماده على سلاح "المفخخات"، كأحد أبرز الأسلحة المستخدمة التي حقّقت نجاحات كبيرة وخسائر في صفوف قوات الجيش. وخلال الفيديو الذي بثّه التنظيم "صولة الأنصار 2"، ظهر أحد صانعي المفخخات، وهو يوجه رسالة إلى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ونطق ببعض الكلمات التي تؤكد أنه قادم إلى مصر من الشام، خصوصاً لدعم التنظيم المسلح في صناعة المتفجرات بالأطنان. بيد أن التنظيم فاجأ الجميع، العام الماضي، باستخدام صواريخ من نوع "سام 7"، وهي صواريخ متطورة لاستهداف الطائرات.


اقرأ أيضاً مرصد حقوقي: الجيش المصري يرتكب جرائم حرب في سيناء

وأثار استخدام التنظيم لهذه النوعية من الصواريخ حالة من التخوف الشديد، والتساؤلات حول كيفية حصول "ولاية سيناء" على مثل هذه الأسلحة المتطورة. لكن المفاجأة الأكبر، هي استخدام التنظيم في استهدافه لآلية تابعة لقوات الجيش في سيناء، في كمين كرم القواديس، يوم الأحد، صواريخ من نوع "كورنيت"، الموجّهة عن بعد. وتعد هذه الصواريخ روسية الصنع، وتم الإعلان الرسمي عن دخول هذا النظام للخدمة في الجيش الروسي في أكتوبر/تشرين الأول عام 1994، بينما تم البدء في تطويره عام 1988.

وتتعامل هذه النوعية من الصواريخ مع خليط من الأهداف البرية الثابتة والمتحركة كالدبابات وعربات القتال المدرعة والمخابئ والتحصينات، لاعتمادها في الأساس على نظام توجيه "ليزري" نصف أتوماتيكي سهل. يطرح وصول هذه الصواريخ المتطورة إلى سيناء، تساؤلات كبيرة حول الادعاءات التي تتحدث عن إحكام الجيش سيطرته على مداخل ومخارج سيناء.

كذلك يفرض ظهور هذا النوع من الصواريخ، مرحلة جديدة من الحرب القائمة بين التنظيم المسلح والجيش في سيناء، إذ بات في مقدور "ولاية سيناء" إطلاق عدة صواريخ على عدة مدرعات وآليات عسكرية في أي مكان من سيناء، من دون تكبّد عناء الدخول في صدامات ومواجهات مسلحة. ويمكن لعناصر التنظيم تحديد أهدافهم وإطلاق صواريخ عن طريق التوجيه للأهداف، ومن ثم تحقيق إصابة مباشرة في صفوف القوات، خصوصاً أن سرعة الصاروخ تتجاوز حاجز الصوت، ومن ثم الاختفاء عن الأنظار.

اقرأ أيضاً: الأمن المصري يفشل في اختراق "ولاية سيناء"

وأعلنت حسابات تابعة لتنظيم "ولاية سيناء"، عن استهداف آلية عسكرية من نوع "m 60"، متواجدة عند كمين كرم القواديس، وإصابتها مباشرة باستخدام صواريخ "كورنيت". وهذه المرة الأولى التي يستخدم التنظيم مثل هذه الصواريخ المتطورة في الحرب داخل سيناء، ولم يصدر أي رد فعل رسمي من قبل المؤسسة العسكرية. وتكتفي هذه الأخيرة دائماً بالتأكيد أن الأوضاع في سيناء تحت السيطرة تماماً، وفرض حصار على عناصر التنظيم، بيد أن الواقع على الأرض، لا يشير إلى ذلك.

يحتمل ظهور هذه النوعية من الصواريخ لأول مرة، سيناريوهين. الأول، هو وجود هذه النوعية من الصواريخ لدى التنظيم المسلح ولم يستخدمها من قبل على الرغم من مرور عامين على الحرب. أمّا الثاني، هو أن تكون وصلت إلى "ولاية سيناء" عن طريق التهريب أخيراً.



يفرض السيناريو الأول أزمة بالنسبة للجيش المصري، خصوصاً مع التأكيدات المستمرة بأنه تم القضاء على مخابئ وتمركزات التنظيم في مدينتي الشيخ زويد ورفح المصرية.
ويصوّر الجيش المصري دائماً أنه يسيطر على مجريات الأوضاع وإحراز تقدم ملحوظ في مواجهة التنظيم المسلح، ولكن وجود مثل هذه الأسلحة المتطورة في سيناء، يعني وجود مخابئ ومخازن للسلاح تابعة للتنظيم بعيدة عن أعين ويد الجيش والأمن المصري.

أما السيناريو الثاني، فإنه من دون شك يشكل أزمة أكبر بالنسبة للجيش، ويتمثل في فشل إحكام سيطرته على مداخل ومخارج سيناء، كما يقول، وبالتالي هناك طرق خاصة بـتهريب الأسلحة للتنظيم يجهلها الجيش. كما يفرض السيناريو الثاني أمراً واقعاً بشأن الحرب المستمرة في سيناء منذ عامين، من دون إحراز تقدم يذكر من قبل الجيش، وهو ما يؤكد استمرارها بضع سنوات أخرى.

اقرأ أيضاً: "ولاية سيناء" يتبنى استهداف معسكر قوات حفظ السلام

من جانبه، يقول الخبير العسكري، اللواء عادل سليمان، إن "فكرة القضاء نهائياً على الإرهاب والجماعات المسلحة أمر ليس بالسهولة التي يتخيّلها الكثيرون"، مضيفاً في حديثه لـ"العربي الجديد، أنّ "المنطقة بأكملها تواجه ظاهرة جديدة وهي تشكيل جماعات شبة عسكرية، عابرة للقارات وتعتمد على تحركات الأسلحة والمقاتلين بين دول المنطقة".

ويؤكد سليمان أن "حركة الأسلحة من وإلى سيناء تحكمها ليس فقط تنظيمات جهادية، وإنما مافيا تصدير الأسلحة وعصابات التهريب عموماً، وهؤلاء جميعهم لديهم طرق خاصة لحركة السلاح في العالم"، مشدّداً على "ازدهار تجارة السلاح خلال الأعوام القليلة الماضية في ضوء ما تشهده المنطقة من أزمات وصراعات مسلحة".

ويشير الخبير العسكري إلى أن "أقوى الدول والجيوش لم تتمكن من الحجب والسيطرة على حركة تجارة السلاح التي تقدر حجم الاتجار بها بمليارات الدولارات"، لافتاً إلى أنّ "هذا النوع من الصواريخ لدى "ولاية سيناء" ليس خطيراً، وموجود منذ فترة، ولكن يعد سلاحاً نوعياً يعزز من قدرتهم العسكرية".

اقرأ أيضاً: استهداف مدرعة للجيش المصري في سيناء بصاروخ كورنيت

المساهمون