"النصرة" تلملم شعبيتها في الغوطة الشرقية عبر"جيش الفتح"

13 يونيو 2015
تسعى النصرة إلى تأمين حاضنة شعبية في الغوطة(فرانس برس)
+ الخط -

كان مفاجئاً خروج "جبهة النصرة"، منذ ثلاثة أيام، ببيان يدعو جميع فصائل المعارضة المسلحة إلى تشكيل "جيش الفتح" في الغوطة الشرقية بريف دمشق، مستشهدة بنجاح تجربة "جيش الفتح" في إدلب والقلمون، وانتصاراتها التي حقّقتها ضد قوات النظام.

وكانت "جبهة النصرة" علّقت، قبل نحو عام، مشاركتها في القضاء الموحد للغوطة الشرقية، ورفضت الانضمام إلى مجلس القيادة العسكرية الموحد قبل عشرة أشهر، الذي يضم أبرز الفصائل العسكرية، "جيش الإسلام"، "الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام"، "فيلق الرحمن"، "ألوية الحبيب المصطفى"، و"حركة أحرار الشام الإسلامية".

بدا لافتاً، استشهاد "النصرة" بنجاح تجربة "جيش الفتح" في إدلب والقلمون، وهي التي رفضت مشاركة "جيش الإسلام" في معركة إدلب، أكبر المكونات العسكرية في الغوطة الشرقية، على لسان قائده زهران علوش، الذي يؤكد لـ "العربي الجديد" أننا "طلبنا من الفصائل المشاركة في غزوة إدلب، لكن "النصرة" رفضت مشاركتنا".

يرى نائب قائد المجلس العسكري في دمشق وريفها العقيد الركن خالد المطلق أن "هناك تنافسا بين تيارين إسلاميين متطرفين "جبهة النصرة" و"جيش الإسلام". تحاول "النصرة" تكرار تجربتها في إدلب، والانتصارات التي حققتها، بالتعاون مع الكثير من الفصائل، كما تحاول أن تكرر ذلك في دمشق، وذلك لمنع "جيش الإسلام" من الانفراد بقيادة جبهة دمشق وريفها، ولو إعلامياً، أو البطش بباقي الفصائل والحاضنة الشعبية التي تخالفه الرأي".

اقرأ أيضاً: "النصرة" ترتكب مجزرة ضد السكان في ريف إدلب

ويوضح المطلق لـ "العربي الجديد"، أنّ "جيش الإسلام" يدعي أنّه يمثل الفصائل المسلحة في دمشق وريفها، وهذا ليس حقيقياً. فهو لا يمثل إلا جزءاً بسيطاً في الغوطة، ويهيمن على الفصائل الأخرى بالبطش والترهيب. وتحاول "النصرة" سحب البساط من تحت قدميه بعد التدهور الواضح والصريح في سمعته، وبرز ذلك في التظاهرات التي أقيمت ضده في الغوطة الشرقية، لممارساته القمعية تجاه أهل الغوطة المحاصرين".

ويلفت القيادي إلى أنّ "النصرة" في طريقها إلى تشكيل تكتل في دمشق وريفها، وعلى الأغلب، من خارج الغوطة الشرقية للتحضير لمعركة دخول دمشق، موضحاً، أنّها بعكس "جيش الإسلام" الذي اتجه شرقاً نحو "داعش" تاركاً الغوطة الشرقية محاصرة، وشعبها يموت جوعاً وقهراً.

وبعد الإلحاح على تبيان موقف "جيش الإسلام"، وهو المرشح الأقوى لخوض معركة الحسم ضد قوات النظام في دمشق، يؤكد المتحدث الرسمي باسم "الجيش"، إسلام علوش لـ "العربي الجديد"، أنّه "سيكون هناك موقف خلال يومين"، ويمكن استنتاج مجموعة من الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها "النصرة" في هذه المرحلة".

يفصّل علوش أهداف "النصرة" المحتملة. أولآً، "تشكيل تكتل جديد في دمشق وريفها تحضيراً لمعركة دمشق، والذي كثر الحديث عنه في ضوء التغيرات الميدانية الحاصلة على الأرض، بعد تأكيد زعيم النصرة أبو محمد الجولاني، خلال لقاء متلفز، أن المعارك لن تنتهي في القرداحة وستمتد إلى دمشق".

اقرأ أيضاً: مسؤول معارض ينفي تغيير القيادة العسكرية بالغوطة الشرقية

ويتابع حديثه عن الهدف الثاني، والذي يكمن في "تحقيق نوع من الاتحاد غير المباشر مع فصائل الجبهة الجنوبية في درعا، التي تهدف إلى دخول دمشق من الخاصرة الغربية، ليكون دخول الجيش الجديد، في حال تشكيله، من الخاصرة الشرقية، نقطة حصار لا مفر لقوات النظام منه".

أمّا الهدف الثالث، بحسب علوش، يكمن في "تعزيز نفوذ جبهة النصرة في الغوطة الشرقية بعد تراجع شعبيتها هناك بفعل التظاهرات التي خرجت ضدها، وسعيها إلى تأمين حاضنة شعبية، لتمتد مناطق نفوذها من الشمال إلى الجنوب".

ويكمن الهدف الرابع في "اتخاذ خطوة استباقية في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، بعد إرهاصات الأخير، للدخول إلى قلب الغوطة، وإطلاق فصائل المعارضة معركة طرد التنظيم من القلمون الشرقي".

ويلخّص علوش الهدف الخامس المحتمل في "خروج النصرة من بيت سحم وببيلا في جنوبي دمشق، بعد تظاهرات تدعو إلى خروجها، على خلفية المصالحة مع قوات النظام، والتي اشترطت خروجها مقابل الهدنة، للعودة الآن عبر بوابة تكتل كبير مثل "جيش الفتح"، يستمد قوته من الحاضنة الشعبية".

ويدعو المتحدث الرسمي لـ "الاتحاد الإسلامي" وائل علوان، "جبهة النصرة" إلى الخضوع للمجلس القضائي الذي فوّضته جميع تشكيلات ومؤسسات الغوطة الشرقية، باستثناء "الجبهة". ويعتبر علوان في حديثه إلى "العربي الجديد" أنّ "لو أرادت الجبهة توحيد الصف، لانضوت تحت المظلة القضائية التي ارتضاها الجميع، خصوصاً بعد أن استجاب المجلس القضائي ودرس مع شرعيي "النصرة" جميع ملاحظاتهم وتحفظاتهم على عمل المجلس.

ويوضح علوان أنّ "المزاودة على الإعلام، لا تنبئ عن صدق النية لتوحيد الصف"، معتبراً أنّ "من أراد توحيد الصفوف، لجلس مع باقي الفرقاء للتنسيق وعمل جاهداً، بعيداً عن البيانات والإعلانات، لتوحيد الصف ضمن مؤسسة القيادة العسكرية الموحدة بهدف إسقاط النظام".

تجدر الإشارة إلى أن الغوطة الشرقية، الملاصقة لدمشق، تعاني من حصار منذ نحو عامين ونصف العام، وسط ظروف إنسانية سيئة لآلاف المدنيين داخلها، في ظل قصف دائم لقوات النظام بشتى أنواع الأسلحة الثقيلة من البراميل المتفجرة إلى القذائف الصاروخية.

اقرأ أيضاً: المعارضة تهدم أسوار "داعش" والنظام في الجنوب السوري