قبرص التركية تحت رئاسة أكنجي: دفعة لحظوظ التسوية

29 ابريل 2015
أكنجي طالب تركيا بالاعتراف بشخصية قبرص التركية (فرانس برس)
+ الخط -

يبدو أن عدوى انتصار اليسار اليوناني وصلت إلى قبرص، لكن هذه المرة إلى قبرص التركية، إذ انتُخب يوم الأحد اليساري المعروف مصطفى أكنجي رئيساً لجمهورية قبرص التركية، مما رفع الآمال بإمكانية توحيد شطري الجزيرة، إلا أنه خلق خلافات سريعة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول وضعية قبرص التركية. ويرى كثيرون أن انتخاب الرجل من شأنه أن يساهم جدياً في توحيد الشطرين، على اعتبار أنه صاحب "نظرية" للحل تقوم على أن يتخلى القبارصة الأتراك عن "الوصاية" التركية عليهم، في مقابل تخلي أشقائهم اليونانيين عن "الوصاية" اليونانية في إطار دولة قبرصية واحدة فدرالية أو كونفدرالية.

وفاز أكنجي برئاسة الجمهورية القبرصية التركية بحصوله على أكثر من 60 في المائة من أصوات القبارصة في الدورة الثانية للانتخابات، وذلك بعد إعلان كل من اتحاد قوى حزب الجمهورية التركية ورئيس الوزراء القبرصي التركي الحالي أوزكان يارغنج أوغلو دعمهم له، بينما حصل منافسه الرئيس السابق المحافظ درويش إرأوغلو المدعوم من قبل حزب الوحدة القومية والقوى القومية للحزب الديمقراطي، على 39,6 في المائة من الأصوات.

أكنجي من مواليد جنوب قبرص في مدينة ليماسول، وكان الرئيس السابق لبلدية القسم التركي من العاصمة نيقوسيا، وأيضاً وزير السياحة ونائب رئيس الوزراء، ومعروف بمواقفه الداعمة للتوصل إلى اتفاق سلام وتوحيد الجزيرة القبرصية المقسمة بين الشمال التركي والجنوب اليوناني. ولم تمضِ ساعات على انتخاب أكنجي حتى رحّب الرئيس القبرصي اليوناني نيكوس أناستاسيداس بانتخابه، مؤكداً أن انتخاب أكنجي يرفع الآمال بإعادة توحيد شطري الجزيرة.

من جهته، أرسل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رسالة تهنئة للرئيس القبرصي الجديد، لكنه حذّره من خطورة "التسرع بالوصول إلى أي اتفاق مهما كان الثمن"، قائلاً: "انتخابكم رئيساً تزامن مع مرحلة مهمة في قضية قبرص التي تخطت نصف قرن من الزمن، وسيبقى من أولوياتنا الوصول إلى حل عادل ودائم، من خلال المحادثات المزمع إقامتها مجدداً بعد فترة في إطار بعثة الأمم المتحدة للنوايا الحسنة، ومع ذلك لا يمكن تبني مقاربة تقوم على أن اليونان هي المالك الوحيد للجزيرة". وأضاف أن "تركيا كوطنٍ أم وبلد ضامن، ستواصل بعزم إيفاءها لمهامها ومسؤولياتها النابعة من الاتفاقات الدولية، في هذه المرحلة الحرجة".

كلام أردوغان التقليدي حول العلاقة بين "وطن أم ــ وطن صغير"، أزعج الرئيس القبرصي التركي الجديد الذي رد قائلاً: "نحن بلدان شقيقان، وأنا لا أجد علاقة الوطن الأم ــ الوطن الصغير علاقة صحية".

اقرأ أيضاً: مصطفى أكنجي يفوز برئاسة جمهورية شمال قبرص التركية

هذا الرد قابله أردوغان بانتقادات شديدة مذكّراً أكنجي بما قدّمته تركيا من "تضحيات" للقبارصة الأتراك، قائلاً: "إن أكنجي هو رئيس منتخب وباركنا له، لكن حديثه عن كوننا دولتين شقيقتين له معانٍ أخرى، فلوقوف تركيا إلى جانب جمهورية قبرص التركية أسباب موجبة، وللأخوة ضريبة، وتركيا دفعت ضريبة كبيرة لأجل قبرص، ولا زلنا ندفع، قدّمنا شهداء ليقف هذا الوطن الصغير على قدميه، وأخيراً دفعنا لقبرص مليار دولار، وعندما أتينا للحكم كان عدد الطلاب القبارصة الأتراك في جامعتنا 30 ألفاً ورفعناه إلى 60 ألفاً، ولنر من هو سبب المشكلة الآن أمام المجتمع الدولي، هل يعرف أكنجي ما ستسببه هذه المشكلة له؟". وأكد أن "تركيا ستستمر بالنظر لجمهورية قبرص التركية على أنها وطن صغير".

إلا أن كلام الرئيس التركي لم يغيّر موقف أكنجي الذي أكد على رأيه خلال مقابلة أجريت معه على تلفزيون "سي إن إن تورك"، يوم الإثنين، مشدداً على رؤيته حول وجوب علاقة ندية بين البلدين، قائلاً: "لقد انتصرت يوم أمس في الانتخابات بسبب برنامجي وأفكاري التي شاركتها مع المواطنين، لا أفهم لِم شعر البعض بعدم الارتياح، ألا تريد تركيا لهذا الوطن الصغير أن يكبر، هل تريد أن يبقى دوماً صغيراً؟"، مضيفاً "لا زلتُ عند كلامي، الذي أعتبره صحيحاً، وهو لا ينطبق فقط على جمهورية قبرص التركية، إنما أقوله لجميع القبارصة المتواجدين على الجزيرة، أنا لا أقول بأني كنت سعيداً بالخلاف الذي حصل مع أول يوم لتسلمي المنصب، والقبارصة الأتراك سيحافظون على حبهم للوطن الأم، لكن كي تكتسب هذه الأرض هويتها وشخصيتها، لا بد لها من الخروج من وضعية الوطن الصغير".

وأضاف أكنجي: "هنا توجد دولة لها مؤسساتها وتركيا تعترف بها، وفكرة "الوطن الأم والوطن الصغير" لا بد أن تبقى بالقلب، ونحن نطالب تركيا بأن تعترف بهوية وشخصية هذه البلاد، وأتمنى أن لا يسيء فهمنا أحد، نحن نريد تركيا أكثر قوة"، لينسحب أكنجي من المقابلة الهاتفية للحديث مع الرئيس التركي الذي ينتظره عبر الهاتف.

ولا زالت مفاوضات السلام بين شطري الجزيرة متعثرة منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي بعد الخلافات التي نشبت بين الطرفين حول قيام نيقوسيا بمنح حقوق التنقيب عن الغاز لمجموعة من الشركات في السواحل القبرصية من دون التنسيق مع القبارصة الأتراك.