السنيورة: حزب الله حاول اغتيال رفيق الحريري

25 مارس 2015
بات الحوار مهدداً بين المستقبل وحزب الله (حسين بيضون)
+ الخط -
بدأ الحوار الثنائي بين حزب الله وتيار المستقبل يترنّح على وقع شهادة رئيس كتلة المستقبل النيابية، فؤاد السنيورة، أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لمحاكمة قتلة الرئيس، رفيق الحريري، في جريمة 14 فبراير/ شباط 2005. ومع هذا الترنّح بات الوضع السياسي والأمني ككل مهدداً بالانفجار في لبنان، باعتبار أنّ هذا الحوار الثنائي يشكل آخر صمامات الأمان، في بلد يعيش تبعات الحروب الإقليمية من العراق إلى سورية مروراً باليمن.

كسر السنيورة برودة جلسات الاستماع، إلى الشهود في المحكمة الدولية، وقال أمام الجميع، إنّ "الرئيس رفيق الحريري أبلغني اكتشاف محاولات عدة لاغتياله من قبل حزب الله". أعادت شهادة السنيورة تصويب بوصلة الاتهام إلى الحزب مرة جديدة، بعد أن سبق للاتهام أن طال قيادة النظام في سورية وضباطها الأمنيين. وسبق أن تحدث عدد من مسؤولي المستقبل عن شعور الحريري بالخطر، وورود أكثر من رسالة إليه من أجهزة أمنية تحذره من عمليات أمنية تمس شخصه وتهدد حياته. إلا أنّ السنيورة حدّد هذه المرة الجهة المسؤولة عن هذا التهديد، وذهب مباشرة إلى اتهام حزب الله في ربط مباشر بين الاغتيال الذي تمّ والتهديدات التي سبقته.

يمكن لهذا الجزء من شهادة السنيورة أن يبرّر الهجوم الكلامي والإعلامي الذي افتعله مسؤولون في حزب الله الأسبوع الماضي. تمثل ذلك في الانتقاد الحاد الذي وجهه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة (كتلة حزب الله في البرلمان)، محمد رعد، ورئيس المجلس التنفيذي في الحزب، هاشم صفي الدين، اللذان اتهما السنيورة بتخريب التقارب الحاصل بين الحزب والمستقبل خلال احتفال قوى 14 آذار بالذكرى العاشرة لانطلاقتها. تكلّل هذا الهجوم في اتهام رئيس حزب التوحيد العربي، الوزير السابق، وئام وهاب، (حليف أساسي لحزب الله)، السنيورة بكونه "جزءاً من المشروع الإسرائيلي لعمله ضد أي تقارب لبناني وضد أي مسعى لإخماد الفتنة".

اقرأ أيضاً: لبنان: قادة أمنيون بصلاحيات منتهية

حاول حزب الله استباق حضور السنيورة إلى المحكمة بهذا الهجوم، في ظلّ وجود داخل الحزب "نيّة تامة في الفصل بين قيادات المستقبل"، بحسب ما تقول شخصيات تدور في فلك قوى 8 آذار. ويشير هؤلاء إلى أنّ قيادة الحزب لا تزال مصرّة على الحوار مع المستقبل، إلا أن على الأخير حسم خياره، أيضاً، في هذا الشأن". ويعتبرون أن "حزب الله قد يجد نفسه محرجاً أمام جمهوره في حال استمرّ الجناح المتشدّد في المستقبل في رفع سقف خطاباته. وبالتالي سيطلب مسؤولو الحزب عبر قنوات الحوار، جواباً واضحاً من قيادة المستقبل حول الهدف من استمرار الحوار، وعما إذا كان الرئيس، سعد الحريري، عاجزاً عن ضبط التيارات في فريقه". ويشير مقرّبون من الحزب إلى أنّ "قيادة حزب الله أصدرت ما يشبه التعميم على مسؤوليها بعدم الردّ على المواقف المتشددة الصادرة عن قيادات في المستقبل وأبرزها السنيورة"، مع تأكيد هؤلاء، أنّ هذا التعميم سبق الكلام الأخير للسنيورة.

من جهة أخرى، يقول النائب المستقبلي، أحمد فتفت لـ"العربي الجديد"، إنّ "حزب الله بحاجة إلى الحوار وبالتالي لن يلجأ إلى تعطيله". ويشير إلى أنّ "المستقبل يتوقع رفع وتيرة الحرب الكلامية من مسؤولي حزب الله، علّهم ينجحون في فرض الهدنة وسحب فتيل السجال"، مؤكداً استمرار المستقبل على موقفه المبدئي من أربعة ملفات رئيسية هي "المشاركة العسكرية لحزب الله في سورية، وانتشار سلاح الحزب غير الشرعي في لبنان، ومشاركته في طموحات ومشاريع الإمبراطورية الفارسية بالإضافة إلى المحكمة الدولية".

وفي هذا الإطار، أكدت معلومات لـ"العربي الجديد"، أنّ "ممثلي حزب الله في الحوار طالبوا، خلال جلسة الحوار الأخيرة، نظراءهم في المستقبل عدم التطرق إلى هذه الملفات السجالية بغية المساعدة في إبقاء الأرضية خصبة أمام التفاهمات والتقارب الحاصل بين الطرفين". في حين تقول أوساط مطلعة على أجواء الحزب، إنّ "ممثلي المستقبل طلبوا من الحزب خلال الجلسة الأخيرة عدم الوقوف عند بعض المواقف، وأوحوا بما لا يقبل الشك بوجود بعض الخلافات داخل المستقبل".

وفي السياق نفسه، يلفت عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل، النائب السابق، مصطفى علوش، إلى أنّ "قيادة حزب الله تبذل جهوداً ضائعة في سعيها وراء فكّ اللحمة الموجودة بين الرئيسين الحريري والسنيورة". فيضع علوش تبسيطاً لكل الأزمة الحاصلة بين المستقبل وحزب الله بقوله "إننا جميعاً أدوات، لكن الفرق إننا في المستقبل متواضعون وطموحاتنا محلية، في حين أنّ طموحات الحزب أوسع وتتجه صوب سورية والعراق".

بات حزب الله يواجه إذاً صقوراً في تيار المستقبل، أبرزهم السنيورة وفتفت ووزير العدل أشرف ريفي، وأصبح الرهان على قدرة الحريري على إدارة الخلافات الداخلية في تياره. وبالعودة إلى شهادة السنيورة أمام المحكمة الدولية، فأشار إلى القلق الذي كان يساور رئيس الوزراء الراحل خلال فترة حكمه فقال "بعد كل زيارة الى الخارج كان الحريري يقول، الله يسترنا عندما نعود الى بيروت". ولفت السنيورة إلى اللقاء الأخير الذي جمعه بالحريري مشيراً إلى أنّ "مسؤول أمن الحريري، يحيى العرب دخل الاجتماع وقال، إنه التقى رستم غزالة (رئيس جهاز الأمن والاستطلاع للقوات السورية العاملة في لبنان) وسلمه الغرض"، وتابع السنيورة: "استنتاجي أن الغرض المقصود الذي سلم لرستم غزالة، هو مبلغ من المال، وكنت أسمع أن هناك مساعدات كانت تعطى لغزالة بين حين وآخر".

وأكد السنيورة أن الحريري "كان يحاول أن يتقي العسف الذي يمارسه النظام الأمني السوري"، نافياً أن يكون "لدي أية معلومات عن المبالغ وليس لدي على الإطلاق أية معلومة عن المبالغ التي كان يتقاضاها غزالة من الحريري الأب".

تكشف شهادة السنيورة وغيره من المسؤولين المقربين من آل الحريري، الظروف السياسية التي سبقت ورافقت جريمة 14 فبراير/ شباط 2005. في جلسات المحكمة الدولية، حان موعد الإحاطة السياسية لتُترك كل النقاشات والأحاديث عن الأدلة الظرفية والحسية لتنفيذ الاغتيال، وأولها "داتا" الاتصالات التي كشفت عن شبكة المتّهمين الأساسيين بتنفيذ الاغتيال وهم أعضاء في حزب الله.

اقرأ أيضاً: رستم غزالة يخشى أن يتمّ "انتحاره"

المساهمون