فساد "بعث" الأردن: فضائح الحزب تبصر النور

20 مارس 2015
بعثيّون أردنيون أمام السفارة السورية في عمّان (فرانس برس)
+ الخط -

انفجر الخلاف الذي يعيشه حزب "البعث العربي التقدمي" الأردني، المصنف كامتداد للبعث السوري، ليأخذ منحى أبعد من التناحر الداخلي، نتيجة لاستشراء الفساد المالي والتنظيمي، الذي دفع أكثر من 60 عضواً إلى الاستقالة من الحزب، بينهم أعضاء قيادة، ليمتد إلى نزاهة الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 2013، وشارك فيها الحزب بقائمة موحدة ضمت أربعة أحزاب قومية، تلقت دعماً مالياً غير معلن من شخصية حكومية.

الأزمة الداخلية للحزب بدأت لحظة مناقشة المؤتمر العام للحزب المنعقد في 23 يناير/كانون الثاني الماضي، التقرير المالي للحزب، والذي كان محل اعتراض من قبل مجموعة من الحاضرين، رأت في التقرير تجاوزات مالية، تضاف إلى التجاوزات التنظيمية التي شابت المؤتمر، عندما سُمح لأعضاء لا يحق لهم المشاركة في المؤتمر بالحضور، وذلك لأغراض انتخابية تتعلق ببقاء الأمين العام للحزب، فؤاد دبور، على كرسي القيادة.

ومن بين المخالفات المالية التي تم الاعتراض عليها، ظهور الأمين العام للحزب في التقرير مقرضاً للحزب بمبلغ 53 ألف دينار (قرابة 75 ألف دولار)، إضافة إلى تضخم موازنة النشاطات الحزبية، التي يقول المعترضون إنها كانت معدومة. غير أن الجدل الأكبر، والذي فجر الأزمة، كان اعتراف الأمين العام للحزب بحصول الحزب على تبرع بقيمة 50 ألف دينار أردني (قرابة 70 ألف دولار)، لتمويل حملة الحزب الانتخابية، من دون أن يظهر المبلغ في موازنة الحزب، حسب ما ينص قانون الأحزاب الأردني.

صمْت الأمين العام عن كشف الجهة المتبرعة، وأوجه صرف التبرع، دفع عضو القيادة المركزية للحزب لدورتين سابقتين، محمد العطي، والذي أعيد انتخابه في المؤتمر العام، إلى الاستقالة من منصبه احتجاجاً، قبل أن يعود في وقت لاحق إلى الانسحاب من الحزب بشكل كامل. ويقول العطي، الحزب القائم اليوم، ونتيجة لتراكم التجاوزات المالية والتنظيمية وفشله في بناء علاقته مع الجماهير، لم يعد يمت بصلة لمبادئ البعث.

ويتهم قيادة الحزب بقوله "ليس همهم بناء حزب، بقدر ما يهمهم تدمير الحزب، تحقيقاً لمصالح شخصية يسعون إلى الحفاظ عليها (..) والأصل أن يحارب الحزب الفساد، لا أن يمارسه"، ومن أجل تلك الأسباب آثرت الانسحاب، ملتزماً بمبادئ البعث، وحتى لا أكون شريكاً في الجريمة، كما يقول العطي. أمين عام الحزب دبور، يقر بتلقي حزبه التبرع، أسوة بالأحزاب الثلاثة التي شكلت القائمة الانتخابية، وهي حزب البعث العربي الاشتراكي (محسوب على نظام صدام حسين)، وحزب الشعب الديمقراطي الأردني (امتداد للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين)، وحزب الحركة القومية (محسوب على نظام القذافي)، مؤكداً أن المبلغ صرف من خلال لجنة مشتركة شكلت من قبل الأحزاب الأربعة، ويؤكد حقه في عدم الكشف عن الجهة المتبرعة، داعياً المتهمين إلى التوجه للقضاء.

يُذكَر أن قانون الأحزاب الأردني يحظر على الأحزاب قبول تبرعات مالية أو هبات من جهات خارجية أو مجهولة المصدر، فيما يسمح بقبول التبرعات من الأشخاص الأردنيين الطبيعيين، على أن تكون التبرعات معلنة، ولا تتجاوز مبلغ 50 ألف دينار (70 ألف دولار).

وتقول مصادر "العربي الجديد" إن التبرعات التي حصلت عليها الأحزاب الأربعة، جاءت من شخصية حكومية كبيرة، بهدف حث الأحزاب المصنفة في خندق المعارضة، على المشاركة في الانتخابات، بعد أن أعلن حزب جبهة العمل الإسلامي- الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن مقاطعة الانتخابات، بشكل أثر على مستوى المشاركة. وتابع المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن الدولة كانت حريصة على مشاركة أكبر عدد ممكن من أحزاب المعارضة، حتى تمنح الانتخابات شكلاً من التنوع. من جهته، يقول منسق التحالف الأردني لمراقبة الانتخابات والمجالس المنتخبة، عامر بني عامر، إنه لا توجد مشكلة في تلقي الأحزاب دعماً حكومياً للمشاركة في الانتخابات، لكنه يؤكد ضرورة أن يكون الدعم موزعاً وفق أسس واضحة وبشكل عادل بين جميع الأحزاب.

ويقول عامر إنه في حال صح تلقي الأحزاب الأربعة دعماً حكومياً من أجل المشاركة في الانتخابات، يجب أن يفتح تحقيق في الواقعة، وتجريم المتورطين فيها. يُذكر أن قائمة "النهوض الديمقراطي" التي شكلت من الأحزاب الأربعة، وترأستها أمين عام حزب الشعب الديمقراطي، عبلة أبوعلبة، أخفقت في إيصال أي من أعضائها الـ14 إلى قبة البرلمان.

دلالات
المساهمون