بوتين يبحث عن شرخ أوروبي في المجر

20 فبراير 2015
زيارة بوتين هي الثانية له إلى المجر (دميتري أزاروف/Getty)
+ الخط -
يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى فكّ الحصار الأوروبي عن بلاده، عقاباً لها على موقفها في الأزمة الأوكرانية، وزار في هذا الصدد العاصمة المجرية، بودابست، يوم الثلاثاء. وكما كان متوقعاً، فقد جرت تظاهرة احتجاجية لحوالى ألفي شخص ردّاً على استقبال السياسيين المجريين لبوتين، ونقلتها قنوات تلفزيونية عدة. رُفع خلال التظاهرة علم الاتحاد الأوروبي وعلم أوكرانيا، وحمل المتظاهرون لافتات كُتب عليها "أوقفوا المعتدي الروسي"، و"أدولف بوتين، ارفع يديك عن أوكرانيا"، و"لا لبوتين، نعم لأوروبا".

وجاءت زيارة بوتين بعد أسبوعين من زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى بودابست، أوصت خلالها "بشدة" رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، بـ"الالتزام بالخط الأوروبي العام في العلاقة مع روسيا". ووجدت المجر نفسها مضطرة للمفاضلة بين بوتين وأوروبا، كون موقف أوربان، حليف بوتين، مخالفٌ لموقف الاتحاد الأوروبي. مع العلم أن المجر ليست وحدها في موقفها المتعاطف مع روسيا، فالرئيس التشيكي ميلوش زيمان، طالب غير مرة برفع العقوبات عن روسيا وإعادة العلاقات الاقتصادية الطبيعية معها.

ويبدو أن السياسية التي تتبعها دول مثل صربيا وتشيكيا وسلوفاكيا، تقضي بـ"الحفاظ على توازن في العلاقة مع بروكسل (مقرّ الاتحاد الأوروبي) من جهة وموسكو من جهة أخرى. كما أن سلوفاكيا، تحديداً، تدعو علناً إلى رفع العقوبات عن روسيا وتقف ضد نشر الدرع الصاروخي التابع لحلف شمال الأطلسي على أراضيها، على الرغم من اضطرارها، بوصفها عضواً في الاتحاد الأوروبي، إلى الالتزام بالعقوبات على روسيا.

وفي ختام زيارته الثانية إلى المجر، بصفته رئيساً لروسيا، كشف بوتين أن "روسيا تزود المجر بحوالى 80 في المائة من احتياجاتها النفطية و75 في المائة من احتياجاتها من الغاز الطبيعي"، وفقاً لما نقله عنه موقع الكرملين الرسمي.

وأضاف "للأسف، أنتم تعلمون أننا مضطرون لإيقاف مشروع خط أنابيب السيل الجنوبي، ولكنني أفترض أن الرصيد الذي حققناه مع شركائنا المجريين، والشركات المشتركة التي أنشأناها معاً، يمكن أن تستخدم في توسيع الأعمال مع أصدقائنا الأتراك في الجزء المتعلق بما يُسمّى السيل التركي (السيل الجنوبي سابقاً)".

وتابع "تتوافر هنا خيارات عدة ونحن مستعدون لمناقشتها مع جميع المهتمين بالعمل المشترك. وفي هذا السياق أريد التركيز على أن أهمية المجر كسوقٍ لتصريف الكربوهيدرات وكبلد ترانزيت واعد، لم تتراجع بالنسبة لروسيا. نحن جاهزون للحوار ولشراكة متبادلة في إطار المسار الجديد لحوامل الطاقة الروسية". وجزم "لا ننوي إغلاق أي شيء، ولا القطيعة مع أحد، وما نفعله ليس بخيارنا، إنه قرار المفوضية الأوروبية، قرار شركائنا الأوروبيين".

من جهته، أشار أوربان إلى أن الجانبين تطرقا إلى "المسائل الاقتصادية، واتفاقية نقل الغاز الموقعة سنة 1996، والتي تنتهي مدتها هذه السنة. لقد حللنا المسألة سياسياً، ولم يتبقّ سوى حل المسائل التقنية". وأضاف أنه "فيما يخص التعاون الاقتصادي، قلنا إن العقوبات الأوروبية أضرّت بالتعاون، كما أضرت به الخطوات الجوابية الروسية".

وشدد أن "من يفكر بأن الاقتصاد الأوروبي، أو أوروبا، يُمكن أن تكون قادرة على المنافسة من دون التعاون مع روسيا واهمٌ، وواهمٌ من يفكر بأن أوروبا يمكن أن تضمن أمن الطاقة الخاص بها من دون مصادر الطاقة الروسية، لذلك علينا البحث عن تعاون. والمسألة تتعلق بالصيغة التي يمكن استنباطها".

وأبدى أوربان أسفه لخروج "السيل الجنوبي" من الحسابات، مبدياً ارتياحه في الوقت عينه لإنجاز "السيل الشمالي". وذكر أن "المجر متمسكة بفكرة الاستمرار في الاستثمار، وتتحمّل مسؤولية مزدوجة، كون الغاز العابر إلى صربيا يمرّ بأراضينا".

وأفادت وكالة "ريا نوفوستي" أن "حجم التبادل التجاري بين البلدين يبلغ حوالى 8 مليارات دولار، وأن البلدين وقّعا خمس وثائق، بما فيها اتفاقية للتعاون في مجال التعليم والصحة، ومذكرة تفاهم للتعاون في إعداد الكوادر في مجال الطاقة النووية".

وفي لقاء مع إذاعة "سبوتنيك"، قال مدير "المركز الروسي ـ البولندي للحوار والوفاق"، يوري بوندورينكو، إن "زيارة الرئيس الروسي إلى المجر، تأتي في الوقت الذي يحاول فيه الاتحاد الأوروبي بجميع الوسائل الممكنة استعراض وحدته وتماسكه. إلا أن هذه الزيارة تظهر بوضوح شديد أنه ليس هناك أي وحدة في الموقف. فالمجر تنتهج سياسة مستقلة، والنخبة الحاكمة فيها تضع بروكسل وواشنطن أمام تحدٍّ".

ونقل موقع "لينتا.رو" عن المدير العام لمؤسسة "الأمن الطاقي القومي"، قسطنطين سيمونوف، تعليقه على الزيارة بالقول "يحلم المسؤولون الأوروبيون منذ زمن بالتخلي عن العقود الطويلة الأجل والانتقال إلى تسعيرة متحركة. هذا موقف أوروبي نمطي. ولكن ما إن ينقصهم الغاز حتى يشعرون بالقلق ويتهمون روسيا". وأضاف أن "أوربان، سياسي ماكر ويدرك أن بوتين بحاجة إلى حليف في أوروبا. وهو يحاول الحصول على مكاسب من ذلك. وهنا يجب فهم عبارة: هكذا هم أصدقاؤنا، يجب أن ندفع لهم مقابل كل شيء".

إقرأ أيضاً: كندا تفرض عقوبات جديدة على روسيا وموسكو تردّ
إقرأ أيضاً: مسرحية لبوشكين تشبّه بوتين بـ"قيصر اغتصب الحكم"

المساهمون