ملادينوف وإحياء الميت

11 فبراير 2015
لن يجد ملادينوف من يساعده أو حتى يسمعه(فرانس برس)
+ الخط -
ماذا يمكن أن ننتظر من الدبلوماسي البلغاري نيكولاي ملادينوف الذي عينه الأمين العام للأم المتحدة مبعوثاً أممياً جديداً للشرق الأوسط؟ مهمة السيد ملادينوف ستقتصر على ملفين "أحلاهما مر"، إحياء عملية السلام المتعثرة منذ سنوات، وإعادة إعمار قطاع غزة الذي دمرته آلة الحرب الصهيونية في عدوان الصيف الماضي. واقع الأمور، يفرض علينا أن نتعاطف مع المبعوث الأممي الجديد - رغم أنه لا يتعاطف إلا مع إسرائيل وأمنها المهدد من محيط معاد - ولا يجب أن نرفع سقف التوقعات حول ما يمكن تحقيقه، لا سيما وأنه سيجد نفسه منكبا وحيدا على ملف "ميت"، تستحيل مهمة النفخ في روحه وإحياء عظامه من جديد، بينما كل الأطراف الإقليمية والدولية المؤثرة غارقة في ملفات أكثر سخونة وخطورة وغير قابلة للتأجيل، مثلما هو ملف الصراع العربي الإسرائيلي القابل للتأجيل والمماطلة.

فالولايات المتحدة الأميركية، الراعي الأول لعملية السلام، لا تبدو منشغلة كثيراً بهذا الملف راهناً، وقد نجد ترجمة ذلك في "الاستراتيجية" الأميركية التي أعلن عنها الرئيس باراك أوباما أمس الأول، ولم تحظ فيها عملية السلام في الشرق الأوسط ولو ببضع كلمات. أما الراعي الثاني لعملية السلام، روسيا، فهي أيضا منشغلة إلى أذنيها في ملفات أكثر أولوية بالنسبة الى أمنها القومي وموقعها الدولي، فالرئيس فلاديمير بوتين يصارع لإعادة التوازن للعلاقات الدولية عبر كسر معادلة "الأحادية القطبية" التي سادت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وتفرد واشنطن بالعالم.

بالطبع لن يجد السيد ملادينوف من يساعده أو حتى يسمعه في الإقليم، حيث كل دول "المواجهة" وكل دول "الاعتدال" مشغولة في همومها القُطرية، أو مشغولة في صراعاتها "المحورية"، بينما هناك كائن متوحش اسمه "داعش" يهدد الجميع. أما في الدائرة الأضيق، فلن يجد المبعوث الأممي الجديد من يسمعه في إسرائيل المشغولة بحملات انتخابية ساخنة قد تفرز يمينا طالما اشتكى منه سلفه المنصرف الدبلوماسي الهولندي روبيرت سري، أما على الجانب الفلسطيني فقد يجد السيد ملادينوف الكثير من "السميعة" والقليل من أصحاب القرار، حيث تتنازع القرار الفلسطيني مراكز تتصارع على ما تبقى من أرض وسلطة بلا سلطة.
المساهمون