باحث فرنسي: مثل هجمات باريس يحدث يومياً بالعراق وسورية

15 نوفمبر 2015
باريس وضواحيها بدت شبه خالية (فرانس برس)
+ الخط -

تبدو مدينة باريس وضواحيها، اليوم، مدينة شبه خالية، فالاجتماعات والتظاهرات محظورة، كما أن الأسواق الأسبوعية في شوارعها غير مرخص لها، والمسألة الأمنية تظل الهاجس الرئيس، وسيارات الجيش تجوب الشوارع، إضافة إلى أفراد آخرين يقومون بدوريات راجلة.


فرنسا بدأت حدادها الرسمي، لثلاثة أيام، وأنشطة الرئيس منصبّة على استقبال رؤساء الأحزاب السياسية. وقد بدأت اللقاءات مع نيكولا ساركوزي، رئيس حزب "الجمهوريون"، والذي أعلن عن دعمه الإجراءات التي أعلن عنها الرئيس فرانسوا هولاند، ومن بينها إعلان الطوارئ، وتشديد المراقبة على الحدود، وإن كان يطالب بشكل مفتوح بالتفكير في حلول ومعالجات أخرى أكثر صرامة، بل وفي "مقارَبة أخرى للمسألة الأمنية".

وقد استبق مقرّبون من ساركوزي كل ما يمكن أن تتمخض عنه المشاورات واللقاءات السياسية بين الحكومة والأحزاب، رافضين أيّ حديث عن "وحدة وطنية"، كما حدث أثناء الاعتداء على "شارلي إيبدو"، مرحّبين بـ"تفكير سياسي" بدل "الوحدة الوطنية".

ويذهب ساركوزي وحزبه، والذي اكتشف أن "فرنسيي باريس لم يكونوا، يوم الجمعة، في أمان"، إلى اقتراح حلول تتأقلم مع الواقع الجديد، يتوجب على القرار السياسي الأخذ بها، ومنها اعتقال كل الجهاديين الفرنسيين العائدين من سورية، وفرض "عقوبة أمنية" عليهم، وعلى المستوى الدولي "التنسيق مع الرئيس بوتين".

الجالية العربية الإسلامية، بعد الاعتداءات: الخوف من المستقبل والخلط
مساجد باريس وضواحيها شبه فارغة، والقليل من الذين قبلوا الحديث مع بعض وسائل الإعلام الفرنسية ركزوا على إدانة شديدة لما جرى من إرهاب ضد أبرياء، والخوف من المستقبل القريب. وقد تلمسنا الأمر، وكان جواب أحمد، فرنسي، مختصراً: "كما حدث قبل أشهر، يحدث الآن. لن تجد مسلماً في فرنسا يقبل ما جرى. نحن، مسلمو فرنسا، أيضاً، ضحايا. والخوف كبير من أن يقوم فرنسيون بالخلط بين ديننا وبين تأويل هؤلاء الإرهابيين لهذا الدين".

اقرأ أيضاً: "مكافحة الإرهاب" تتصدر قمة العشرين وفرنسا تريد "خطوات ملموسة"

ولمعرفة ملابسات الاعتداءات الإرهابية ونتائجها، توجه "العربي الجديد" إلى الباحث الفرنسي إليامين ستّول، خريج معهد العلوم السياسية بأطروحة متميزة رائدة عن "المسلمون في الجيش الفرنسي"، والباحث، حالياً، في معهد الدراسات الاستراتيجية "Ecole militaire".

وعن شعوره إزاء ما جرى، قال ستّول: "شعوري الأول الذي يحضرني هو الإحساس بفظاعة ما جرى، ثم الذهول. الفظاعة، أولاً، من عدد الضحايا المرتفع، أكثر من مائة شخص، وخاصة الطريقة التي تم بها الاعتداء. نحن إزاء أشخاص يريدون تحقيق أكبر قدر من الخسائر البشرية، عدة اعتداءات منسق بينها، من أجل قتل أكبر قدر من البشر، بغض النظر عن اللون والديانة والعمر".

وماذا عن تأثير ما جرى على مسلمي فرنسا؟ يقول ستّول: "إن النتيجة الأولى لما حدث على الجالية العربية الإسلامية في فرنسا هو الخوف. وكما هو الشأن بعد أي اعتداء، يوجد الخوف من الخلط، والخوف من رؤية الفرنسيين يضعون في نفس السلة إرهابيين يعلنون عن أفعالهم باسم قِيَم تدّعي أنها قيم إسلامية، ومسلمي فرنسا الذين يعيشون إيمانهم في هدوء وسكينة. ويحدونا الأمل ألا تقوم الحركات اليمينية المتطرفة والهوياتية بالاستفادة من هذه الأحداث لصبّ حقدها".

ويضيف الباحث الفرنسي، من أصول عربية: "لديّ شعور بأن المسلمين الفرنسيين سيدينون هذه الأعمال بشدة"، قبل أن يضيف: "يريد تنظيم داعش خلق شرخ بين الفرنسيين ورفع درجة الإسلاموفوبيا في هذا البلد. وعلينا، نحن، أن نكشف أننا متحدون، وأننا نرفض الحرب الأهلية".

ولا يخفي الباحث وجود مسؤولية ما للدولة الفرنسية في ما حدث: "هذه الأحداث توجّه أصابع الاتهام إلى السياسة الخارجية الفرنسية. إن فرنسا، والدول الغربية، بصفة عامة، تقود سياسات هجومية في البلدان الإسلامية منذ سنوات، وندفع، اليوم، النتائجَ، إن على مستوى تدفق المهاجرين أو المسألة الأمنية. ويجب التذكير أن ما حدث في باريس، ليلة الجمعة، يحدث، للأسف، بشكل يومي، في العراق وسورية. يجب، إذن، إدانة الأعمال الإرهابية والتفكير في مواقفنا الدبلوماسية وأيضاً في تدخلاتنا في هذه المنطقة من العالَم".

اقرأ أيضاً: الشرطة الفرنسية تضبط سيارة استخدمت في هجمات باريس

المساهمون