معسكرات تدريب مدرسية لمليشيات برلمانية في العراق

29 أكتوبر 2015
أقام حمودي المعسكرات داخل المدارس (واثق الخزاعي/Getty)
+ الخط -
تتصاعد أعمال العنف والقتل والتسيّب في مختلف المحافظات العراقية، بسبب انتشار السلاح خارج إطار الدولة مع إضفاء شرعية لتواجد المليشيات، وحركتها تحت مسمى "الحشد الشعبي"، الأمر الذي تسبب في انتكاسات أمنيّة خطيرة داخل المدن.

ويطالب مسؤولون ومراقبون سياسيون وأمنيون بحصر السلاح بيد الدولة، ومحاسبة كل الجهات التي تملك سلاحاً بحجة حماية نفسها ومقرّاتها، بينما تغضّ الحكومة النظر عن كل تلك المطالبات ولا تعيرها أيّ اهتمام. الأمر الذي أفسح المجال لمسؤولين حكوميين بتسليح جماعات تابعة لهم، وتدريبهم في معسكرات داخل بغداد، بحجّة قتال تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

ويقول مصدر في البرلمان العراقي لـ"العربي الجديد"، إنّ "النائب الأول لرئيس البرلمان، همام حمودي، فتح معسكرات تدريبيّة داخل بغداد، بحجة تلبية نداء المرجعية (علي السيستاني) وقتال داعش". ويكشف أنّ "حمودي أقام المعسكرات داخل المدارس الحكومية، ودعا إليها الشباب وفقاً لانتماءاتهم الطائفية".

ويضيف المصدر أنّ "المتطوعين يتلقون تدريبات داخل المعسكرات على حرب الشوارع والعصابات، والمتفجرات، والقتال الأعزل، واستخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة". ويلفت إلى أنه "يتواجد حالياً في تلك المدارس أنواع مختلفة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، كالرشاشات والمسدسات والكواتم، والقاذفات، والرمانات اليدوية، والهاونات، وعبوات ناسفة".

ويبيّن أنّ "هناك أعداداً كبيرة من العاطلين عن العمل، وحتى طلّاب المدارس، انضموا إلى تلك المعسكرات، بسبب ما يقدّمه حمودي لهم من امتيازات، كالراتب الشهري والهدايا. كما يزوّدهم بأسلحة خفيفة خاصة مع باجات (شارات) خاصة تحمل اسم حمودي، والحشد الشعبي، بالإضافة إلى رخصة حمل السلاح، فضلاً عن تسهيلات أخرى في التعيينات والإجازات المستمرّة بالنسبة للموظفين والطلاب".

اقرأ أيضاً: 39 طائرة شحن روسية إيرانية لدعم الأسد عبرت العراق

ويتابع: "عند انتهاء الدورات التدريبيّة سيعود المتطوعون إلى أعمالهم الخاصة، لكنهم سيجرون اجتماعات دوريّة كل 10 أيّام أو أكثر، يتلقون فيها التوجيهات الجديدة، ويتم استدعاؤهم عند حدوث أيّ طارئ، على ألا يتم استدعاؤهم إلّا من قبل حمودي حصراً".

من جهته، يرى عضو "تحالف القوى العراقيّة"، أحمد السامرائي، في تلك المعسكرات "عسكرة للمجتمع وتشكيلات جديدة للمليشيات تحت مسمى نداء المرجعية والحشد الشعبي". ويقول السامرائي في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إنّ "الظروف التي يمر بها العراق اليوم تحتاج الى توافق ومصالحة سياسية بين الكتل، والعمل على توطيد العلاقات لبناء عراق موحّد يسوده التفاهم والتوافق". ويعتبر أنّ "تشكيل كل مسؤول مليشيات خاصة به ستؤثر على سير العملية السياسية، فضلاً عن تأثيرها الأمني".

ويردف: "على الحكومة أخذ دورها الحقيقي، وتمنع هكذا معسكرات وتمنع انتشار السلاح خارج أجهزتها الأمنية". متسائلاً عن "الإمكانيات المادية المتوافرة لدى حمودي، والتي من خلالها يستطيع تمويل وتجهيز تلك المعسكرات ومنح رواتب ومخصصات وامتيازات للمتطوعين". ويدعو السامرائي لجنة النزاهة البرلمانية وهيئة النزاهة، لـ"القيام بواجبها ومتابعة كشف الذمم المالية للمسؤولين لمعرفة المفسدين منهم".

بدوره، يؤكّد الخبير في شؤون الجماعات المسلّحة، إبراهيم الفهداوي، أنّ "العراق، اليوم، يعيش ربيعاً أخضر لتشكيل المليشيات والجماعات المسلحة الخارجة على القانون، ومنحها الشرعيّة والحصانة الكاملة من أيّ مساءلة قانونية".

ويبيّن الفهداوي في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنّ "هذه المعسكرات هي بمثابة تشكيلات جديدة للمليشيات، المرتبطة بالشخص الذي يقيم المعسكرات"، مبيّناً أنّ "فتوى المرجعيّة للجهاد الكفائي، فتحت الباب واسعاً لتشكيل المليشيات تحت مسمى الحشد الشعبي، الأمر الذي سيؤثّر على أمن البلاد بشكل خطير".

ويتوقع أنّه "بعد انتهاء فترة التدريب في المعسكرات، سيعود المتدربون إلى ممارسة أعمالهم، لكنّهم سيتلقون توجيهات بين فترة وأخرى، للقيام بأعمال خاصة وفقاً للأجندة التي يعمل بها زعيمهم". ويعتبر أنّ "الحكومة اليوم لا تستطيع منع تلك التشكيلات، ولا تستطيع حتى أن تحدّ من انتشارهم، الأمر الذي سيجر العراق الى مصير مجهول".

اقرأ أيضاً: واشنطن تُلوح بتدخل عسكري برّي في العراق
المساهمون