غطاء أميركي كثيف يُساند معارك تحرير الرمادي

16 أكتوبر 2015
حرّرت العشائر 50% من الرمادي (حيدر محمد علي/فرانس برس)
+ الخط -
لليوم الثاني على التوالي، تحقق القوات العراقية، مدعومة بمليشيات وكتائب عشائرية، تقدّماً واضحاً في مجريات معارك الأنبار وصلاح الدين، في مواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). واستعادت تلك القوات السيطرة على عدد من المدن والبلدات والقرى المجاورة للرمادي وبيجي ومناطق شمال تكريت وجنوبها، وسط غطاء جوي أميركي، هو الأكبر والأعنف من نوعه، ما أفقد التنظيم القدرة على المناورة أو البقاء في مواقعه.

وهو ما دفع مراقبين إلى "اعتبار التدخل الأميركي بهذا الشكل، المُخالِف لما سبق من معارك، يأتي لسحب البساط من تحت الروس، الذين ينتظرون طلباً ما من حكومة حيدر العبادي، للتدخّل عسكرياً، وهو ما تتحفّظ عليه واشنطن وبعض المكوّنات والأحزاب السياسية والمدنية بالبلاد".

ووفقاً لبيانات وتصريحات قادة عراقيين، فإن القوات العراقية تمكّنت من تحرير نحو 40 كيلومتراً في محافظة صلاح الدين، شملت بلدات السكرية ومطار الصينية وجزءاً من مصفى بيجي والمجمع التشيكي والمزرعة والمالحة والسدة وطريق الثرثار، فضلاً عن المنطقة الصحراوية، الرابطة بين بيجي ومحافظة نينوى، وعاصمتها الموصل.

ويُشارك بمعارك بيجي سبعة فصائل من مليشيات "الحشد الشعبي"، فضلاً عن ثلاث كتائب عشائرية مع فرقتين من الجيش مدعومة بطيران التحالف الدولي، وإسناد غير معلن من قبل الحرس الثوري الإيراني، الذي يمتلك ثلاثة مدافع طويلة ومتوسطة المدى، أوصلها للمحافظة، لدفع الزخم القتالي لـ"الحشد الشعبي".

ويشير قائد الوحدة الخاصة في الفرقة الخامسة بالجيش العراقي، العميد الركن رياض محمد الطائي لـ"العربي الجديد"، إلى أن "المعارك تجري بشكل ممتاز، وما عجزنا عن تحقيقه في شهرين حققناه في يومين". ويضيف الطائي أن "داعش تكبّد خسائر كبيرة خلال المعارك، ونأمل أن تستمر عملية التقدم بهذا الشكل في اليومين المقبلين".

اقرأ أيضاً: مطالبة بالكشف عن اجتماعات عقدها وفد أمني عراقي بموسكو

من جهته، يكشف مصدر في وزارة الدفاع العراقية، لـ"العربي الجديد"، أن "داعش استخدم ورقة الانتحاريين في معارك بيجي، عبر الشاحنات المفخخة، غير أنها لم تنجح بفعل تدمير أغلبها على يد التحالف الدولي قبل وصولها الهدف".

في الرمادي، لم يكن التنظيم أفضل حالاً، وخسر مقاتلوه مناطق البو فراج والطريق السريع والمضيق والجسر القاسم والملعب الأولمبي، شمال وشرق الرمادي، وبدا التنظيم أضعف مع كثافة الطيران والقصف الجوي. وأصدرت وزارة الدفاع في هذا الصدد، بيانات تؤكد فيها أن "التقدم العسكري للقوات العراقية في محاور شمال العراق وغربه، جاء بعد تكبيد داعش خسائر كبيرة"، واصفة التقدّم بـ"النصر الساحق والهزيمة للتنظيم".

في السياق ذاته، يقول القائد العسكري لمقاتلي العشائر بالأنبار، الشيخ محمد الدليمي لـ"العربي الجديد"، إن "عملية تحرير مركز مدينة الرمادي باتت مجرد مسألة وقت". ويتابع قائلاً، إن "العشائر أدت الدور الأهم في تحرير 50 في المئة من الرمادي خلال يومين فقط، والعمل جارٍ على استكمال ذلك، والقوات الأميركية تساند العشائر بمدفعية ميدان متوسطة وثقيلة وطائرات حربية". ويستطرد "لو كان الدعم الأميركي في كل المعارك على هذا النحو، لحققنا الكثير وقلبنا المعادلة".

من جهته، يرى محافظ صلاح الدين، رائد الجبوري، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "المعارك الدائرة ناجحة وتُظهر تقهقراً واضحاً لداعش، الذي انسحب المئات من عناصره من بيجي وضواحيها". ويعتبر أن "الأيام الحالية شهدت تحوّل قواتنا من وضع دفاعي إلى هجومي، وهو ما سيغيّر قواعد الحرب بشكل كامل". ووفقاً لقادة عسكريين بالجيش العراقي، فإن "التنظيم فقد 16 قرية وثلاث بلدات ومدينة واحدة، في الأنبار وصلاح الدين، وهو أكبر إنجاز تحققه القوات العراقية منذ نحو عام".

وحول سبب ذلك، يؤكد مسؤول عراقي بارز، في تصريحاتٍ لـ"العربي الجديد"، أن "إشراك الأميركيين نحو سبعة آلاف مقاتل عشائري، قاموا بدعمهم وتدريبهم وتسليحهم، فضلاً عن تكثيف الغطاء الجوي، الذي كان السبب الرئيسي في استعادة بلدات عدة من قبضة داعش".


ويبيّن المصدر أن "غالبية المناطق المحررة انسحب منها داعش من دون قتال، بعد تقديره الموقف لناحية القصف الجوي والمدفعي الأميركي، لذا لم تنقل كاميرات القنوات المحلية أو وزارة الدفاع، صوراً لقتلى أو أسرى داعش".
وفي هذا السياق، يُرجّح المحلل السياسي العراقي عبد اللطيف الخفاف، ما سمّاه "حدوث تغيير في سياسة واشنطن بخصوص الحرب بالعراق".

ويوضح الخفاف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الدخول الأميركي بهذا الشكل في معركتي الأنبار وصلاح الدين، وتكثيف الطلعات الجوية من قاعدة انجرليك التركية ومن الكويت، يؤكد رغبة الأميركيين بقطع الطريق على الروس ومنح العراقيين نصراً يُحسب لهم".

ويضيف أن "موسكو كانت تريد خيبة عراقية قريبة، لاستغلالها سياسياً والضغط على رئيس الحكومة، الذي يتعرّض أصلاً للضغط من المليشيات، لإشراك الروس. لذلك غيّرت واشنطن قواعد حربها بالعراق، عبر تحقيق نصر على داعش، بدعم مباشر منها، كما حدث في تكريت، عندما فشلت إيران في تحقيق الانتصار بالمعركة ضد التنظيم في حينه". ويرى أن "تحقيق هذا التقدم عن طريق الأميركيين، يُعدّ بمثابة حجة أو طوق نجاة للعبادي، سيفلت معها من الضغوط التي تدعوه للموافقة على تقديم طلب دعم جوي روسي".

اقرأ أيضاً العراق: تحصين السفارة الروسية أمنياً بعد تهديدات من "داعش"