رسائل دبلوماسية تنسف آمال تطبيع العلاقات التركية الأرمنية

19 يناير 2015
تنتقد يريفان سياسة "الإنكار" التركية حيال المجازر (دايفيد ماكنو/getty)
+ الخط -

جاء رفض الرئيس الأرميني سيرج سركسيان دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى حضور الاحتفالات بمناسبة مرور مائة عام على معركة غاليبولي في جاناكالي في أواخر إبريل/ نيسان المقبل، والذي يتزامن مع ذكرى مجازر الأرمن، لينسف آمال حدوث تطبيع بين البلدين.


وكان أردوغان قد أرسل دعوات لقادة 102 دولة، بما في ذلك الرئيس الأرميني سركيسيان والرئيس الأميركي باراك أوباما، لحضور المراسم الضخمة المقررة بمناسبة مرور مائة عام على معركة غاليبولي في يومي 23 و24 إبريل/نيسان المقبلين.
وبرّر سركسيان في رسالة بعثها إلى أردوغان رفضه بأنّه لم يتلق ردّاً على دعوته التي سُلّمت للأخير خلال حفل تنصيبه رئيساً للجمهورية لحضور الفعاليات التي ستعقد في العاصمة الأرمينية يريفان، بمناسبة ذكرى مرور مئة عام على المجازر، التي ارتكبت بحق الأرمن في ظل الدولة العثمانية عام 1915، قائلاً: "فخامة الرئيس، قبل بضعة أشهر، دعوتك لزيارة يريفان في 24 أبريل عام 2015 لنحضر معاً إحياء وتكريم ذكرى الضحايا الأبرياء الذين سقطوا في عمليات الإبادة الجماعية التي ارتكبت بحق الأرمن"، مضيفاً "ليس من عاداتنا زيارة ضيفٍ لم نتلق منه ردّاً على دعوةٍ وجهناها له مسبقاً".



ولم يفت سركسيان انتقاد ما أطلق عليه "سياسة الإنكار التقليدية التركية" اتجاه مجازر الأرمن، مشككاً في توقيت الاحتفال بمعركة غاليبولي، قائلاً إن "الذكرى المئوية الأولى لـ معركة غاليبولي تقع لأول مرة هذا العام في 24 إبريل/نيسان، على الرغم من أن المعركة بدأت في 18 مارس/آذار 1915 واستمرت حتى نهاية يناير/كانون الثاني 1916"، متسائلاًً "ما الغرض من إقامة احتفالات معركة غاليبولي في تاريخ الاحتفال بالمجازر ضد الأرمن، إن لم يكن صرف انتباه العالم عن الذكرى المئوية للإبادة الجماعية الأرمنية؟ على تركيا مسؤوليات كبيرة اتجاه شعوبها والإنسانية عليها أن تفي بها، قبل الشروع في الاحتفال بالانتصار في معركة غاليبولي، وهو الاعتراف بالمجازر الأرمنية وإدانتها".

وتحتفل تركيا  كل عام بهذه المعركة، لكنها وسعت من احتفالاتها هذا العام بالمعركة، إذ من المقرر أن يشارك في الاحتفالات 8500 أسترالي و2000 نيوزلندي مع ولي عهد المملكة المتحدة الأمير تشارلز وولديه، ورؤساء وزراء كل من أستراليا ونيوزيلندا، كما تخطط الحكومة التركية لاستضافة حفل استقبال و"قمة السلام" في اسطنبول في 23 نيسان/ابريل، وهو اليوم الذي يصادف الذكرى 95 لتأسيس البرلمان التركي.


تأتي هذه التوترات بين الطرفين لتقضي على الآمال بإمكانيّة إعادة تطبيع العلاقات بين البلدين، بعد رسالة الاعتذار التي وجهها أردوغان لأحفاد الأرمن العام الماضي، والتي كان لها تداعيات إيجابيّة في الإعلام الغربي، وأيضاً على الطرف الأرمني، إذ أكد الرئيس الأرميني سيرج سركسيان، في اليوم ذاته، أنّ بلاده لا تعتبر المجتمع التركي عدواً لها.


وكان أردوغان قد تمنى في رسالته الصادرة بتسع لغات، بما فيها الأرمينية، أن يرقد الضحايا الأرمن، الذين قضوا في تلك الحقبة بسلام، موجّهاً التعازي لأحفاد أولئك الذين شهدوا أحداثاً وصفها بـ"غير الإنسانيّة"، خلال الحرب العالمية الأولى.
وأكد أنّ "ما حدث لا ينبغي أن يمنع الأرمن والأتراك من إعادة العلاقات الإنسانيّة بينهما". 
وتعتبر مشكلة المجازر التي وقعت بحقّ الأرمن في العام 1915 خلال الحرب العالمية الأولى، والتي يتهم الأرمن الأتراك بارتكابها، وحدها الحاجز في وجه إعادة تطبيع العلاقات، إذ تمثّل المشكلة الأذرية الأرمينية عقبة أخرى. يعتبر الأتراك الأذريين أخوة لهم في العرق، باعتبار أنّ الشعبين ينتميان إلى مجموعة الشعوب التركية ويتحدثان اللغة التركية.


وتطرّق أردوغان إلى هذه المسألة، خلال زيارته الأولى لأذربيجان بصفته رئيساً للجمهورية، في سبتمبر/أيلول الماضي، معرباً عن عدم ممانعته لإعادة تطبيع العلاقات بين تركيا وأرمينيا، غير أنّه قال إنّ الأمر لا بدّ أن يمرّ عبر إعادة تطبيع العلاقات بين أذربيجان وأرمينيا، اللتين تعيشان حالة عداء منذ أكثر من 20 عاماً، إذ تتهم أذربيحان أرمينيا باحتلال إقليم ناغورني كاراباخ التابع لها.

يذكر بأن معركة غاليبولي قد بدأت في 25 إبريل/ نيسان من عام 1915 خلال الحرب العالمية الأولى عندما نزل الفيلق النيوزلندي الاسترالي التابع للجيش البريطاني على شواطئ جناكالة التركية في محاولة لتدمير وحدة المدفعية المتمركزة هناك والتقدم باتجاه إسطنبول عاصمة السلطة العثمانية، لكن العثمانيين أبدوا مقاومة عنيفة واستطاعوا هزيمة هذه القوات.


كما يصادف 24 أبريل/نيسان 1915 تاريخ توقيع الحكومة العثمانية على قانون الترحيل الخاص بالأرمن، والذي أدى إلى مقتل ما يصل إلى مليون أرمني، إذ يُحيي الأرمن في أرمينيا والشتات هذا اليوم باسم "ذكرى الإبادة الجماعية" التي ارتكبت من قبل الإمبراطورية العثمانية، وتخطط لعقد احتفالات ضخمة بمناسبة مرور مائة عام على القتل الجماعي لأسلافهم، إذ دعا سركسيان زعماء العالم أيضاً الى يريفان في نفس اليوم.
المساهمون