حزب الله وإسرائيل: نار تحت الرماد

26 ابريل 2014
هدوء السنوات السبع قد يتلاشى (Getty)
+ الخط -

كشف المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، عن أن "القادة الميدانيين لجيش الاحتلال الإسرائيلي، ورؤساء الفرق العسكرية المنتشرة على الحدود الشمالية مع لبنان، يرصدون في الفترة الأخيرة تحركات متواصلة لعناصر حزب الله، تحكي قصة واقع ميداني، يخالف الهدوء المعلن الذي تتسم به حالة الحدود، وجعلت الجهات العسكرية الإسرائيلية تتحدث عن تغييرات جوهرية في ميزان الردع المتبادل بين إسرائيل وحزب الله، عند جبل روس".

وذكر هرئيل أن "ضباط وجنود جيش الاحتلال المنتشرين على امتداد سياج الحدود، يرصدون حركة نشطة لعناصر وأفراد حزب الله، وإن كانوا بملابس مدنية، إلا أنهم يستخدمون جيبات ومركبات معروفة جيداً للجيش الإسرائيلي ولقوات اليونيفيل، بل يقومون بدوريات حاملين سلاحهم علناً".

"
ضباط وجنود جيش الاحتلال يرصدون حركة نشطة لعناصر وأفراد حزب الله

"


وأضاف "ما عدا عملية تفجير عبوة ناسفة عند مرور دورية إسرائيلية في مارس/آذار الماضي، وقعت سلسلة عمليات تفجير مشابهة، في قطاع جبل الشيخ، على امتداد الحدود مع الجولان السوري، والخاضعة للسيطرة الكاملة تقريباً لقوات النظام السوري. وأخطر العمليات، كانت تلك التي وقعت في 18 مارس/آذار، وأسفرت عن إصابة ضابط إسرائيلي وثلاثة من جنوده".

جنتا
وشرح "ومع أنه تم تفسير هذه العمليات باعتبارها ردّاً من حزب الله على العملية التي وقعت في قرية جنتا، في البقاع اللبناني، بعد أن قصف الطيران الإسرائيلي مخزن سلاح لحزب الله، إلا أنها شكلت في الواقع نقطة تحول، فقد رد حزب الله على عملية قصف مواقع له داخل الحدود اللبنانية، خلافاً لسكوته وعدم رده على قصف قافلة محمّلة بالأسلحة كانت في طريقها إلى حزب الله في لبنان، لكون الهجوم وقع عليها داخل الحدود السورية".
وأشار الى أن "محاولة حزب الله الرد على العملية المذكورة، شكّلت إشارة أولى لتغيير في ميزان الردع وقوانين اللعبة بين إسرائيل وحزب الله، وتم تفسير العملية والرد، بأنه محاولة من حزب الله بترسيم خطوط حمراء جديدة، مفادها أن بمقدور إسرائيل أن تقصف العمق السوري والأراضي السورية، لكن في حال انتهكت إسرائيل السيادة اللبنانية فإنها ستدفع الثمن. ومن المحتمل جداً أن تكون سلسلة التفجيرات، التي قام بها الحزب، مؤشراً على نهاية السنوات السبع الهادئة على الحدود منذ حرب تموز 2006".

"
حزب الله: في حال انتهكت إسرائيل السيادة اللبنانية فإنها ستدفع الثمن

"


ورأى هرئيل أن "العنصر المؤسس في العلاقة المتبادلة بين حزب الله وإسرائيل، هو في واقع الحال انتصاره الأكبر الذي تمثل في الانسحاب الإسرائيلي من لبنان في عام 2000". واعتبر أن "الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تعتبر أن الأمر نبع، من الدمج بين العقيدة الجهادية للحزب، وبين كونه لاعباً على الساحة اللبنانية الداخلية. فقد عزز الحزب من مكانته ومواقعه في الجنوب اللبناني بعد الانسحاب الإسرائيلي، من خلال بسط سيطرته الكاملة على ما يحدث في الجنوب اللبناني، سواء على المظاهرات والنشاطات الميدانية، أم من خلال حضوره وتواجده الميداني والمعلن، وسط عمليات تحدٍّ واضحة للجيش الإسرائيلي".

نار هادئة

وأفاد هرئيل بأن "الحزب حافظ بموازاة ذلك على نار هادئة على حلبة الصراع، في محيط مزارع شبعا عبر اعتبارها لبنانية الهوية، ومع ذلك أبعد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 عناصر الحزب عن المنطقة الحدودية، وسمح بانتشار الجيش اللبناني مكانهم".
واستعرض هرئيل "الحرب الخفية التي دارت بين حزب الله وإسرائيل بعد حرب يوليو/تموز 2006، بعيداً عن الأعين، ومكنت ما عرف لاحقاً  بـ (هامش الإنكار)، الذي تميز بعدم اعتراف أي من الطرفين بعملياته ومسؤولياته عنها. هكذا اغتالت إسرائيل عماد مغنية لاحقا في دمشق في عام 2008، فيما حاول حزب الله ضرب أهداف إسرائيلية عدة في مختلف أنحاء العالم، ونجح في نهاية المطاف في قتل خمسة سياح إسرائيليين في عملية الباص السياحي في بورغاس في بلغاريا في عام 2012".
وقال إن "الحزب اضطر إلى تغيير انتشاره ومواقعه في الجنوب اللبناني، وقام بتركيز مواقعه الأساسية في القرى الشيعية والتنازل عن غالبية القرى المسيحية، وسحب قواعده من المناطق المفتوحة التي سماها الجيش الإسرائيلي في قاموسه العسكري (المحميات الطبيعية).

"
ركّز حزب الله انتشاره في القرى الشيعية وانسحب من القرى المسيحية

"


واستعرض هرئيل "العلاقات وميزان الردع المتبادل، برصد عام 2012 واندلاع الثورة السورية كنقطة تحول أخرى في منظومة العلاقات المتبادلة بين حزب الله وإسرائيل، بعد أن طلب الرئيس بشار الأسد، مساعدة الحزب في حربه ضد الثورة السورية. وتمكن نظام الأسد من صد هجمات الثوار ووقف زحفهم في منتصف العام الماضي بفضل المساعدات والدعم الذي تلقاه من كل من روسيا وإيران وحزب الله".

5000 مقاتل في سوريا

ولفت الى أنه "ينتشر اليوم ما بين 3500- 5000 مقاتل من مقاتلي حزب الله في سوريا، ويوليهم النظام السوري مسؤولية المهام الحساسة. فحزب الله لم يحسم فقط المعركة في القصير والقلمون لصالح النظام فقط، بل يقوم محاربوه اليوم بحراسة أهم المواقع لنظام الأسد جنباً إلى جنب مع أفراد الألوية العلوية الموالية للنظام".
واعتبر أنه "على الرغم من الخسائر التي تكبدها الحزب وفقدانه مئات المقاتلين، إلا أنه اكتسب عملياً خبرات ميدانية مهمة، بالإضافة إلى ثقة متزايدة بالنفس، ويقوم بموازاة ذلك ببناء ترسانة عسكرية مكونة من عشرات آلاف الصواريخ والقذائف القادرة على ضرب كل هدف ممكن داخل أراضي إسرائيل، كما أعاد سيطرته الاقتصادية والدينية على السكان الشيعة في لبنان. مع ذلك رافقت هذا الصعود في مسيرة حزب الله ، نقاط ضعف تمثلت بضربات متتالية للقوافل المعدة له تلقتها من إسرائيل وهو ما جعل الحزب يدرك أنه ليس أمام ضربات موضعية، وإنما معركة إسرائيلية تستهدف المس بقوته وقدراته العسكرية وترسانته العسكرية ومنع وصول أسلحة متطورة إلى لبنان".
ومنذ مايو/أيار الماضي، وبعد هجومين على قوافل وشاحنات محملة بالأسلحة كانت معدة لحزب الله، أعلن الأسد أن الجولان بات ميداناً مفتوحاً أمام منظمات المقاومة، أي لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل. وخصص الحزب الأشهر التي تبعت هذا الإعلان للاستعداد لإمكانيات التحرك من أراضي الجولان.

"
شكّل اغتيال اللقيس نقطة تحوّل مفصلية في صراع حزب الله واسرائيل

"



اغتيال اللقيس
وشدّد هرئيل على أن "نقطة التحول المفصلية في هذه المسيرة لم تكن في عملية جنتا، وإنما في الضاحية عندما اغتيل القيادي، حسن اللقيس، في الثالث من ديسمبر/كانون الأول الماضي، أحد كبار رجال الذراع العسكرية لحزب الله. فقد كانت هذه العملية الذروة في التحدي الذي فرض على نصر الله، بمعنى أن الوصول إلى الضاحية بهذه الطريقة تعني احتمالات استهدافه لاحقا بطريقة مشابهة، وعلى غرار ما حدث مسبقاً مع عماد مغنية. لكن هناك من نصح حزب الله بعدم الرد المباشر، باعتبار أن الحرب مع إسرائيل هي ماراثون يكون فيه الفائز من يراكم النقاط. وأعلن نصر الله بعد العملية أن لحزب الله حساباً مفتوحاً مع إسرائيل".
ورأى أن "حزب الله طبّق استراتيجيته الجديدة في أواخر شباط/فبراير الماضي، وتم زرع العبوة في هاردوف، وعبوتين إضافيتين في الجولان، وأُطلقت قذائف صاروخية باتجاه جبل الشيخ، وكشفت شرطة تايلاند عملية كان حزب الله يحاول تنفيذها لاستهداف سياح إسرائيليين".
وجزم أن "ردّ حزب الله على قصف جنتا، يرسم معركة لا يمكن الجزم بأنها انتهت. ومع أن الحزب لا يريد أن يخوض غمار حرب مع إسرائيل والمجازفة برد قاس ٍ يتحمل مسؤولية الدمار الذي سيسببه للبنان، إلا أنه يرصد أيضا أن إسرائيل غير معنية بدورها بالحرب، وبالتالي فإنه على استعداد للمجازفة أكثر من أجل إيصال رسالته لإسرائيل بحظر المس برجاله في لبنان أو بمحاولات تهريب الأسلحة للبنان".
وأشار الى أن "الأمر الوحيد الواضح ان حزب الله تجرّأ للمرة الأولى منذ عام 2006 على شن هجوم عند الحدود المشتركة مع إسرائيل، وبقي الانتظار كي نعرف ما إذا كانت تحركاته هذه مجرد ردود على خطوات إسرائيلية أم سيبادر بنفسه إلى عمليات استفزاز جديدة".

 

المساهمون