دانيال روبنشتاين... صديق إسرائيل "المستشرق" آتٍ من تل أبيب

18 مارس 2014
روبنشتاين (إلى اليسار) مع سلام فياض (عباس موماني getty)
+ الخط -

قد لا تطمئن صفة "المستشرق"، التي تُطلق على المبعوث الأميركي الجديد إلى سوريا، دانيال روبنشتاين، السوريين عموماً، أكانوا منحازين للثوّرة أو موالين لنظام الرئيس بشار الأسد. غير أن حال "عدم الارتياح" تلك حيال المبعوث الجديد (الذي يخلف روبرت فورد، مهندس هياكل المعارضة، وبعضاً من خطابها)، يمكن أن يُدّعم بالصفة الأخرى لروبنشتاين: يهوديته.

بعيداً من رد الفعل السوري، ولا سيّما المعارض منه، إزاء الموفد الأميركي الجديد، يبدو أن المسألة الأكثر جدارة بالبحث تتمثّل في الإجابة عن السؤال التالي: ما المغزى من إيفاد الولايات المتحدة لرجل يهودي إلى "المستنقع" السوري، ولا سيّما أن الرجل يأتي، بصورة غير مباشرة، من عالم أجهزة الاستخبارات؟

ما يزيد من مشروعية التساؤل السابق، قرار الإدارة الأميركيّة الذي اتخذته، اليوم الثلاثاء، بإغلاق السفارة السورية في واشنطن، فضلاً عن قنصلياتها، وهو القرار الذي جاء بالتزامن مع تصريحات روبنشتاين التصعيديّة تجاه النظام، والتي قال فيها إنه "من غير المقبول لأعوان النظام السوري القيام بمهام دبلوماسية وقنصلية في الولايات المتحدة".

دانيال روبنشتاين، صديق لإسرائيل، ونائب مساعد وزير الخارجية في مكتب الأبحاث والاستخبارات، وكان مرشحاً لمنصبه الحالي قبل ثلاث سنوات، غير أن حصوله على منصب القنصل الأميركي في القدس بين عامي 2009 و2012، منعه من العمل كموفد إلى سوريا. سبق للرجل أن شغل منصب مدير مكتب الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية في وزارة الخارجية الأميركية بين عامي 2004 و2005، كما أدى مهاماً دبلوماسية في كل من عمّان ودمشق وتونس وتل أبيب، وفي بغداد زمن الحكم الأميركي المباشر بعد الاحتلال.

التأمل في سيرة الرجل المهنيّة، يدفع إلى الاعتقاد بأن الولايات المتحدة لم تعد ترغب في أن تكون "دبلوماسيتها السوريّة"، سياسيّة محضة. وقرار تعيين روبنشتاين، الذي ألِف العمل في مناطق الصراع في الشرق الاوسط، وتولّى مهمات يمكن وصفها بـ"الميدانية"، ومن بينها رئاسة وحدة المراقبة المدنية في "القوات متعددة الجنسيات والمراقبين" في سيناء، يرجّح الرأي القائل بأنّ عين أميركا باتت على الميدان أوّلاً، ثم على الصراع السياسي، المُعلن منه أو ذاك الذي يدور في الغرف المغلقة.

غير أن ما سبق، لا يمنع بعض المراقبين من تقليل احتمال تغيير واشنطن لسياستها حيال سوريا، ويقللون، في الوقت نفسه، من أهمية الربط بين تعيين روبنشتاين، اليهودي ـ الأميركي، من جهة، وهو المتزوّج من جولي آدامز، الموظفة، هي الأخرى، في وزارة الخارجيّة الأميركية، وارتفاع حدّة الصراع الغربي ـ الروسي في أوكرانيا، وانعكاسه على الموقف الغربي عموماً، والأميركي خصوصاً، من قضايا الشرق الأوسط، وفي مقدّمتها بالطبع القضيّة السوريّة، من جهة ثانية.

استهل الموفد الجديد مهمته، ببثّ شريط فيديو على صفحة السفارة الأميركيّة في دمشق على موقع "فيسبوك"، تزامن مع الذكرى الثالثة للثوّرة. قال روبنشتاين في الشريط ما يريد أن تسمعه "الضحيّة السوريّة" لناحية الاعتراف برد فعل النظام "عديم الرحمة"، حيال "مطالب الناس البسيطة بالحريّة والكرامة". غير أنه، في ما يتعلق بسياسة بلاده إزاء الملف السوري، اكتفى الدبلوماسي الخبير بالقول إن "أميركا ستكون إلى جانبكم".

https://www.facebook.com/photo.php?v=10152240411192649&set=vb.48261722648&type=2&theater

يصف البعض مهمة الموفد الأميركي الجديد بالمستحيلة، لناحية قدرتها على إحداث خرق، ليس بين الجانبين السوريين المتصارعين فحسب، وإنّما في طبيعة السياسة الأميركيّة في عهد الرئيس باراك أوباما، والتي يشكل الانكفاء والتخلي عن تأدية دور شرطي العالم، سمتها الأبرز.

البيان الذي أعلنت من خلاله وزارة الخارجيّة الأميركيّة تعيين روبنشتاين، خريج جامعة كاليفورنيا في بيركلي، والذي يتحدث العبرية والبرتغالية والعربية، يعوّل على "قيادة المبعوث الخاص و مشورته"، اللذان سيشكلان "أمراً حيوياً، فيما نقوم بمضاعفة جهودنا لمساندة المعارضة السورية المعتدلة، ودعم شركائنا في المنطقة، ومجابهة تصاعد التطرف الذي يهددنا جميعاً، ومعالجة الأزمة الإنسانية المدمرة وتأثيرها على الدول المجاورة". ويلحظ البيان "التحدي الصعب" لعمل الموفد الأميركي الخاص، الأمر الذي يلتقي مع توصيف مهمة روبنشتاين بـ"المستحيلة".

مهمة تتطلّب فريقاً جديداً، يعكف الموفد الجديد، بحسب موقع "times of israel"، على تشكيله، إذ سيكون هناك ثلاثة أشخاص رئيسيين، أحدهم مبعوث أميركي خاص للمعارضة السياسية، وآخر للمعارضة العسكرية، وثالث للإغاثة بإشراف روبنشتاين شخصياً.