الحكومة الجزائرية تصعّد ضد الحراك الشعبي: تمرد غير مسلح تدعمه فلول بوتفليقة

17 مارس 2020
تصريحات بلحيمر اعتبرت "إعلان حرب" ضد الحراك (تويتر)
+ الخط -
في خطاب "حرب" وتصعيد سياسي ضد الحراك الشعبي، وصفت الحكومة الجزائرية الحراك الشعبي بـ"حركة التمرد غير المسلحة"، التي "تدعمها بقايا حزب إسلامي محظور وفلول من نظام بوتفليقة تسعى للانقلاب على نظام الحكم"، ما يؤشر بوضوح لتوجه السلطة لاعتماد حل أمني مباشر لمنع استمرار الحراك، في حال عودة المتظاهرين للشارع بعد تعليق التظاهر بسبب كورونا.

وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة الجزائرية، وزير الاتصال، عمار بلحيمر، في حوار مطول نشرته وكالة الأنباء الرسمية، إن هناك "محاولات لقوى غير وطنية لتحويل الحراك إلى حركة تمردية غير مسلحة تهدف إلى شل البلاد كلية"، مشيرا إلى أن من "يريدون استمرار الحراك في هذا الظرف الصعب ومهما كانت عواقبه على الأمة قاطبة، إنما يعبرون بذلك عن تعنت انتحاري، ولقد أصبح من الواجب التصدي لهؤلاء بقوة التعلق وروح المواطنة وكذا بقوة القانون الذي هو ملزم وفوق الجميع".

واتهم المسؤول الحكومي ما وصفها بـ"فلول" النظام السابق، بمن فيهم الموجودون في السجن من المسؤولين في نظام بوتفليقة، ومجموعات مرتبطة به، بالسعي لتنفيذ خطة انقلاب على الحكم، بالاعتماد على الأموال التي نهبت من المقدرات العامة، وقال إن "جمع الأموال غير المشروعة وبلا حدود من طرف العصابة وأذنابها داخل حتى مؤسسات وأجهزة الدولة، وعلى جميع مستويات القرار، يعطي لهذه القوى قدرة على الإيذاء، وهي القدرة التي لم يتم إلى حد الآن احتواؤها. هذه القوى ومن وراء القضبان، وتلك الفلول، تعتزم استرجاع الحكم ودواليب الدولة من خلال تمديد المسيرات إلى الأيام المتبقية من الأسبوع (يشير إلى حراك السبت) حيثما أمكن تنظيمها، مرتكزة في ذلك على شعارات معادية للمؤسسة العسكرية ولمصالح الأمن، واستهداف النظام العمومي والمؤسسات والاستقرار والسيادة الوطنية".
وفي ما يعتقد أنه حديث مبني على معلومات وتقارير أمنية، أكد بلحيمر أن "تنظيمات غير حكومية معروفة بجنيف أو في لندن، وفلول الفيس المحل (الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة منذ مارس 1992) إضافة إلى شراذم مافيوية للنظام البالي، تعمل دون هوادة في مواقع مختلفة، بما في ذلك من وراء القضبان، للتحريض على العصيان المدني والفوضى واللجوء إلى العنف"، وأضاف: "نحن متخوفون من أن ينساق الحراك شيئا فشيئا وأكثر فأكثر نحو امتدادات مفبركة، تبرز يوما بعد يوم الطابع المعادي والمضاد للطبيعة الثورية للحراك"، لافتا إلى أن "الحراك كان في بداياته حركة متعددة التيارات والمشارب، غير أنه اخترق من قبل تيارات سياسية تمكنت من التسلل بين صفوفه بغرض تحييده عن طابعه الوطني والديمقراطي".

وكان المسؤول الحكومي الجزائري يشير بوضوح إلى حركة "رشاد"، المتمركزة في عدد من الدول الأوروبية، والتي تضم قياديين وكوادر من جبهة الإنقاذ اللاجئين في الخارج، ومناضليهم في الجزائر، والتي تتهم باختراق الحراك، وبالتحالف مع مجموعات محسوبة على النظام السابق.

حراك 2019 ليس حراك 2020

وبرأي المسؤول الحكومي، فإن حراك فبراير/شباط 2019 والأشهر التالية، الذي "نجح في إفشال مؤامرة العهدة الخامسة لرئيس مريض وعاجز، استعمل كواجهة سياسية من طرف قوى غير دستورية مثلتها شرذمة مافيوية مرتكزة على شبكات النهب... وأصبح بعد عام يراوح مكانه دون مخرج، والجانب الأخطر هم الطائفة الدخيلة على الحراك والمتخفية وراء مطلب مشروع للتغيير الديمقراطي، والبحث عن هيمنة استعمارية جديدة، للمطالبة باستقلال جديد".

وثمن المتحدث باسم الحكومة ما سماه "تعالي أصوات التعقل في البلاد لإعلان توقيف المسيرات، والهدنة والوقاية، نظرا للخطر الصحي الشامل الذي يمثله فيروس كورونا"، مشيرا إلى أن "الحكمة تستوجب اليوم إنهاء المسيرات والتجمعات، ولا مانع من أن يعود الحراك إلى مساره الأصلي بعد القضاء النهائي على أزمة كورونا الخطيرة بفضل تجند شعب كامل، ولا مانع أن تعود مسيرات الحراك إذا لم يسجل تقدم ملموس في مجال الديمقراطية والتنمية الاجتماعية".
وأقر المتحدث باسم الحكومة الجزائرية أن البلاد تواجه مخاطر وتهديدات حقيقية تهدد بزعزعة استقرارها في الداخل، وتتعلق بتهديدات إرهابية على حدودها، وأخطار ناجمة عن الانخفاض الهائل لعائدات النفط، وخطر الانتشار المهول لفيروس كورونا، وتوقع في السياق احتمال ظهور موجة كبيرة من الاحتجاج الاجتماعي على خلفية ندرة الموارد المالية، إضافة إلى ما وصفه بـ"الإرث المسموم، والمتمثل في الألغام المتعددة على شكل وعود ديماغوجية وضعتها الحكومة السابقة في ميزانية الدولة لعام 2020".

ولافت أن هذه التصريحات التي يصفها نشطاء الحراك الشعبي بأنها "إعلان حرب ضد الحراك"، تأتي متزامنة مع تصريحات حادة أطلقها وزير الداخلية كمال الدين بلجود، وصف فيها الحراك بأنه "مخترق من قبل إسرائيل ودول أخرى"، واتهم نشطاء الحراك بالعمالة للخارج، وكذا تصريحات لرئيس الحكومة عبد العزيز جراد قال فيها إن هناك مبالغة وإفراطا في احتلال الفضاء العام، وطالب بوقف المظاهرات.
المساهمون