تونس: نجاح رئيس الحكومة الجديد رهن برنامجه

08 يناير 2015
اختيار الصيد يرجّح أن المرحلة المقبلة اقتصادية أمنية (الأناضول)
+ الخط -

تباينت ردود فعل الأحزاب والنخب السياسية التونسية حول شخصية رئيس الحكومة الجديد، الحبيب الصيد، المُطالَب بتشكيل فريقه الحكومي في مدة أقصاها شهر واحد، قابلة للتمديد لشهر ثانٍ، كما ينص الفصل 89 من الدستور التونسي.

وتراوحت هذه الردود بين الترحيب والرضا، والقلق والتردد، ولكن القضية، وفق العديد من المحللين للمشهد السياسي بعد الانتخابات التشريعية والرئاسية وبعد تخطي التجاذب السياسي، تكمن في نوعية التوجّهات العامة للحكومة المقبلة وبرنامج عملها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، باعتبار أن البرنامج الحكومي وتفاصيله سيكون بوصلة المرحلة المقبلة ومحركها.

وقد يُحسب للصيد تحصيله الأكاديمي، فالرجل حاصل على الإجازة في العلوم الاقتصادية وعلى شهادة مهندس زراعي من جامعة مينيسوتا في الولايات المتحدة الأميركية.

كما يحسب له توليه عدة مناصب حكومية، منها رئاسة ديوان وزارة الفلاحة، ليتولى في ما بعد رئاسة ديوان وزارة الداخلية في التسعينات، وحقيبة وزارية في الحكومة نفسها في مارس/ آذار من العام 2011، التي كان يرأسها الباجي قائد السبسي بعد الثورة، ما جعل البعض يؤكد بأن اختيار الصيد لرئاسة الحكومة يُرجّح التوجه القائل بأن المرحلة المقبلة هي مرحلة اقتصادية أمنية بامتياز.

غير أن الإشكالية التي طُرحت في هذا السياق، هي هل يكفي التحصيل الأكاديمي وتولي المسؤوليات الحكومية لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية الحارقة؟

لا تبدو المسألة بهذه السهولة، كما تقول شخصيات تونسية لـ"العربي الجديد"، فبعد تخطي الأزمة السياسية التي كادت تعصف بالبلاد على مدى مختلف مراحل الفترة الانتقالية، فإن الحكومة الجديدة مُطالَبة بالمحافظة على هذا المكسب الثوري ورفع كل المخاطر الاقتصادية ومواجهة حالات القلق الاجتماعي حتى لا تعود البلاد إلى المربع الصفر.

في هذا السياق، يؤكد وزير المالية السابق في عهد حكومة الترويكا، حسين الديماسي، لـ"العربي الجديد"، أن "كفاءات رئيس الحكومة الجديد العلمية المتنوعة وتداوله على عدة مسؤوليات قبل الثورة وبعدها، يهيّئه مبدئياً لأن يكون رئيس حكومة ناجح"، لكنه يستطرد "أن ذلك لا يكفي، باعتبار أن نجاحه في مهمته الصعبة يتطلب توفر شرطين أساسين، أولهما أن ينجح في اختيار فريق حكومته كشرط أول، فالمرحلة لا تتطلب رجال حكومة عاديين لصعوبة الوضع على جميع المستويات".

أما الشرط الثاني فربطه الديماسي "بضرورة توضيح برنامج الحكومة في المرحلة المقبلة بكل تفاصيله وفي جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية، ووضع كل الخطوات اللازمة، سواء كانت آجلة أو عاجلة، وذلك بالعودة إلى مختلف الأحزاب والمنظمات الوطنية والخبراء ومكونات المجتمع المدني".

من جهته، يوضح رئيس مركز التفكير الاستراتيجي للتنمية والخبير في مكافحة الفساد، كمال العيادي، لـ"العربي الجديد"، أن "ما يهم في شخص أي رئيس للحكومة ليس التحصيل الأكاديمي وتعدّد المسؤوليات فحسب، بل مدى قدرته على تحقيق أهداف الثورة والتي كان من بينها العدالة الاجتماعية والمناطقية"، معتبراً أن "مَن سيستجيب لحاجات الجهات الداخلية هو من سينجح في إدارة المرحلة المقبلة".

ويشير العيادي إلى أنه "تمت الاستجابة للاستحقاقات السياسية وإنجاح مختلف المسار الانتخابي، غير أن هذا الاستحقاق قد يصبح مهدداً، إذا لم تؤخذ بعين الاعتبار والاهتمام بقية استحقاقات الثورة وأهدافها، وأولها التنمية وتوفير فرص عمل".

التوجه نفسه ذهب إليه الخبير المالي، لسعد الذوادي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إذ يعتبر أن "نجاح رئيس الحكومة غير مرتبط بالشخص في حد ذاته، وإنما ببرنامج الحكومة الذي سيوضع على مدى السنوات المقبلة، والأهم توفّر الإرادة السياسية للقيام بالإصلاحات العاجلة ووضع تصور وحلول في جميع القطاعات الصحية والمالية والمصرفية والضرائبية والثقافية والتربوية والتعليمية"، مشيراً بالتالي إلى أن "ما نحتاج لمعرفته هو جملة الرؤى التي سترسم ومدى تماشيها مع التطورات الاقليمية والعالمية".

المساهمون