حي النصايرة: ضحية جديدة للقذائف العشوائية في سيناء

22 أكتوبر 2018
كثُرت حوادث القصف العشوائي (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -


القصف العشوائي من قبل الجيش المصري بات إحدى سمات الحرب في سيناء، خصوصاً أنه طاول منازل مدنيين، لا مقرّات مسلّحين، ومن تلك الحوادث، قصف استهدف منزلاً في حي النصايرة وسط مدينة الشيخ زويد بمحافظة شمال سيناء، يوم الخميس الماضي، ما أدى إلى جرح المواطن حسن عبد ربه النصايرة، ومقتل زوجته.

في هذا السياق، قال أحد أقرباء صاحب المنزل لـ"العربي الجديد" إن "أهالي حي النصايرة سمعوا انفجاراً هائلاً هزّ الحي فجر يوم الخميس الماضي، فيما لم يخطر ببال أحد أن يكون الانفجار ناجماً عن تعرض أحد منازل العائلة للقصف العشوائي. وبعد دقائق من تفقد المنطقة، استمعنا إلى صراخ في بيت حسن عبد ربه النصايرة، فما إن وصلنا للبيت الذي تهدمت أجزاء منه نتيجة القصف، حتى وجدنا العائلة تحت الركام، فتم نقل حسن للمستشفى بواسطة سيارة أحد المواطنين لعدم وجود إسعاف في المنطقة". وأضاف أنه "بعد أن أزحنا جزءاً آخر من الركام وجدنا زوجة حسن قد أصيبت بشظايا متفرقة في أنحاء جسدها وقطع من الركام المتطاير نتيجة قوة الانفجار"، مشيراً إلى أنه "جرى نقل جثمانها إلى مستشفى العريش، ليجري تشريحها وأخذ أوراق رسمية من قبل النيابة العامة ووزارة الصحة المصرية للتأكد من خلالها من أسباب الوفاة، وهي تتمثل بتعرض المنزل لقذيفة مدفعية، من دون سعي حكومي أو أمني للبحث عن مصدر القذيفة ومحاسبة الجناة المسؤولين عن قتل السيدة وإصابة زوجها، وتضرر منزلهما بصورة كبيرة".

وأشار إلى أن "عائلة النصايرة بصدد توجيه رسائل احتجاج ومطالبة بالتحقيق الفوري بحيثيات الجريمة التي وقعت بحق إحدى الأسر الآمنة في بيتها، ولدينا شكوى مخصصة إلى محافظ شمال سيناء اللواء محمد عبد الفضيل شوشة، الذي تعهّد بإعادة الأمن إلى سكان المحافظة، لكن يبدو أن مدينتي رفح والشيخ زويد تم استثناؤهما من هذا الوعد، وإلا ماذا يسمى هذا الاستهتار بأرواح المدنيين الذين تعرضوا لكافة أشكال الظلم على مدار السنوات الخمس الماضية بفعل العمليات العسكرية للجيش المصري".

وتضاف عائلة النصايرة إلى سجل العائلات التي تعرض أفراد منها للموت نتيجة القصف العشوائي لقوات الجيش تجاه منازل المواطنين في مدن محافظة شمال سيناء، وكذلك إطلاق الرصاص الحي تجاه المواطنين من دون تفرقة بين النساء والأطفال والمسنين.

في هذا الإطار، قال أحد شيوخ سيناء لـ"العربي الجديد"، إن "كثيراً من شوارع سيناء تعتبر مصائد للموت، إذ تطلق الكمائن الموجودة فيها الرصاص الحي بشكل عشوائي، وعلى حسب مزاج العسكريين في تلك المناطق"، مضيفاً أن "حالة من الحزن تسود أرجاء محافظة شمال سيناء بسبب الحادثة، بفعل استهتار العسكريين الموجودين في الكمائن المحيطة بمدينة الشيخ زويد، الذين أطلقوا القذيفة من دون سبب. مع العلم أن المدينة تشهد هدوءاً تاماً، ولم تسجل أي حادثة استهداف قوات الجيش تستدعي إطلاق القذائف بهذا الشكل الجنوني، كما أن ما جرى لا يمثل الحادثة الأولى ولن تكون الأخيرة كما يعلم جميع أبناء سيناء".



وأعاد سبب عدم توقف ظاهرة الرصاص العشوائي وكذلك القذائف إلى "عدم تسجيل أي حالة تحقيق في صفوف الأمن المصري في حوادث القتل العشوائي في سيناء وغيرها، وهذا ما سمح للعسكريين بإطلاق النار والقذائف من دون أن يشعروا بالقلق من المراجعة الأمنية من قبل القيادة العسكرية. أما المواطن فهو الحلقة الأضعف في مسلسل سيناء بأكمله، إذ يتعرض لظلم الدولة المصرية وجيشها وشرطتها، وكذلك التنظيمات المسلحة التي توجد في سيناء، والمواطن السيناوي دفع فاتورة من دماء أبنائه ومنازلهم وممتلكاتهم من دون إرادة منه، في ظل سياسة التعامل المتبعة من قبل الدولة المصرية مع أبناء سيناء، وكأنهم ليسوا مصريين، وهذا ما اعتاد عليه أبناء سيناء على مدار العقود الماضية".

ووفقاً لمصدر حكومي مسؤول في محافظة شمال سيناء تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن "عدد المدنيين الذي قتلوا بصورة عشوائية بإطلاق نار أو قذائف منذ صيف عام 2013 وحتى مطلع العام الحالي فاق الـ 600 مواطن، بينهم نساء وأطفال، عدا عن مئات الإصابات بعضها تعرض للبتر والإعاقة الدائمة، فيما لم يتم التحقيق في أي قضية قتل من هذا النوع، باعتبارها أخطاء غير مقصودة من العسكريين في ظل العمليات العسكرية المستمرة في سيناء، وهذا ما تسبب في زيادة أعداد هذه الحالات بصورة دائمة على مدار السنوات الماضية".

وأكد المصدر ذاته أن "عائلات القتلى تتخوّف في كثير من الأحيان من التوجه بشكاوى إلى الحكومة أو الأجهزة الأمنية خوفاً من رد فعل الأخيرة، سواء باعتقال أفراد العائلة التي تعرضت للقصف أو إطلاق نار، أو حرمانها من راتب التضامن الاجتماعي الذي يصرف لعائلات قتلى العمليات العسكرية، وحتى إن تم إرسال شكاوى أو مطالبات بالتحقيق، فإنها تذهب أدراج الرياح، في ظل حالة الطوارئ والاستنفار العسكري السائدة في سيناء منذ صيف عام 2013". وأشار في الوقت نفسه إلى أن "الأمر بحاجة إلى تصعيد شعبي على نطاق واسع، لإيجاد حل لهذه الظاهرة، وإعادة حقوق القتلى والمصابين".

ويشار إلى أن المواطنين في سيناء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أطلقوا حملة للتغريد استنكاراً لحادثة مقتل السيدة، وطالبوا نواب سيناء في مجلس الشعب، والمسؤولين الحكوميين بضرورة التحرك العاجل، من أجل إيقاف هذه الظاهرة التي أزهقت أرواح عشرات المواطنين على مدار السنوات الماضية، رغم علمهم المسبق بأن الأجهزة الأمنية والجيش لن يحركا ساكناً في هذه القضية التي يدان بها المجندون والضباط المسؤولون عن الكمائن وتحركات قوات الجيش في مناطق سيناء.