وقف التأشيرة للروس: انقسام أوروبي وسط تردد دنماركي و"تراخٍ" ألماني

17 اغسطس 2022
مواطنون روس يتدفقون للحصول على تأشيرات أوروبية (العربي الجديد)
+ الخط -

احتضنت العاصمة النرويجية أوسلو، الإثنين، اجتماعا لقادة مجموعة دول الشمال (فنلندا والسويد والنرويج وآيسلندا والدنمارك) مع نظيرهم الألماني أولاف شولتز. الاجتماع الذي عُول عليه لتنسيق جهود وقف دخول الروس كسائحين إلى أوروبا يبدو أنه فشل في انتهاج موقف موحد، رغم أن المجتمعين ينتمون لذات معسكر يسار الوسط الحاكم في دولهم (الاجتماعيون الديمقراطيون).

لم تحصل فنلندا على النتيجة المرجوة، والمدعومة من دول جوارها في البلطيق، ليتوانيا وإستونيا ولاتفيا، بشأن الوقف التام لدخول "السائحين الروس" إلى القارة الأوروبية.

"حبة بطاطا سياسية ساخنة"

قضية التأشيرات تتحول هذه الأيام إلى "حبة بطاطا سياسية ساخنة"، كما توصف في الإعلام، بتقاذف الأوروبيين لها وبروز مواقف غير متحدة. وزير خارجية فنلندا بيكا هافيستو أعلن أمس أن بلده بدءا من الأول من سبتمبر/أيلول القادم سيخفض إلى 90 في المائة عدد الروس المسموح لهم بالدخول إليها، ما يضع دول الاتحاد الأوروبي أمام مأزق انقسام بين معسكرين.

 فإلى جانب هلسنكي تذهب إستونيا ولاتفيا وليتوانيا والتشيك وبولندا، ودول أخرى، نحو مواقف مشددة. كانت كوبنهاغن حتى أمس الثلاثاء محسوبة على ذات المجموعة، في مقابل موقف ألماني "متراخ" بنظر تلك الدول، مسنود ببعض مواقف أقرب إلى موسكو، كالمجر ويمين إيطاليا.

المستشار الألماني أولاف شولتز يتصدر مواقف الدول المعارضة لحظر تأشيرات الروس، ما يجعله وغيره في أوروبا، عقبة جديدة أمام وحدة الموقف الأوروبي بعد تردده في دعم أوكرانيا ربيع العام الحالي. فلبرلين فلسفتها الخاصة: "الحرب هذه حرب بوتين، ومن الخطأ اعتبارها حرب الشعب الروسي"، قال شولتز في أوسلو الإثنين الماضي.

عاصفة انتقادات لرئيسة الوزراء الدنماركية

ما يعزز الانقسام أن الألمان، بحسب ما رشح أمس الثلاثاء واليوم الأربعاء، استطاعوا جذب موقف دنماركي أقل حدة، ومثير لسجال داخلي كبير، بعدما تفهمت رئيسة الحكومة من يسار الوسط، ميتا فريدركسن، مواقف شولتز، قبيل اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الحاسم للنظر في المسألة يوم 31 أغسطس/آب الحالي في براغ، تحت القيادة التشيكية الدورية للمعسكر الأوروبي.

فريدركسن تجد نفسها منذ أمس تحت عاصفة انتقادات بتراجعها عن موقفها المساند لهلسنكي في وقف منح تأشيرات للروس. وذهبت مجموعة من الأحزاب البرلمانية صباح الأربعاء، من معسكري اليسار ويمين الوسط، إلى دعوة فريدركسن لتوضيح الموقف "فلا يمكن للروس مشاهدة الحرب على أوكرانيا ثم الاستمتاع في أوروبا كسائحين يؤيدون حرب بوتين"، كما ذهب مقرر السياسات الخارجية في حزب المحافظين في كوبنهاغن، ماركوس كنوث.

لا يمكن للروس مشاهدة الحرب على أوكرانيا ثم الاستمتاع في أوروبا كسائحين يؤيدون حرب بوتين

واختزل كنوث مواقف اليسار الاشتراكي والليبراليين الذين اتفقوا على توجيه انتقادات لاذعة لفريدركسن، وخصوصا بعد الكشف عن أن المزيد من الروس يتدفقون للحصول على تأشيرات أوروبية قبل حسم المسألة نهاية الشهر الحالي.

مواطنون روس يتدفقون للحصول على تأشيرات أوروبية (العربي الجديد)

مؤيدو حظر دخول الروس يؤكدون أنها "خطوة ضرورية لوقف استغلال نظام شينغن للتأشيرات الأوروبية"، بحسب فنلندا ودول البلطيق وجمهورية التشيك. في المقابل، يخشى المعسكر المقابل، وبينهم شولتز، من الآثار السلبية على المواطنين الروس، واستغلال الكرملين للحظر لتصوير أوروبا معادية لكل ما هو روسي.

وتحت وابل الانتقادات غير المسبوقة للدنماركية فريدركسن، وقادة أوروبيين آخرين، اضطرت أمس الثلاثاء إلى الاتصال بالرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، لتأكيد أن بلادها مستمرة في دعم أوكرانيا. 

في نهاية المطاف، لا يبدو النقاش الساخن منفصلاً عن مطالب أوكرانية واضحة في الأيام الماضية، في سياق الدعوة إلى تشديد حزم العقوبات على موسكو؛ فوزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، عاد ليطرح مطالب كييف بحظر دخول الروس، معتبرا أن "70 في المائة منهم يؤيدون الحرب".

وكانت موسكو سباقة إلى فرض حظر دخول بعض مواطني "الدول غير الصديقة"، بعد حظر الطيران من روسيا وإليها في المجال الأوروبي، فيما صعدت من حدة مواقفها من الخطوة الأوروبية الأخيرة.

وأمس الثلاثاء أعلن السفير الروسي في كوبنهاغن، فلاديمير باربين، أن الدعوات لمنع مواطنيه من دخول أوروبا منافية لحقوق الإنسان؛ "فإدخال قيود على أساس لون جواز السفر هو نفس التمييز على أساس العرق والجنسية والجنس، وباختصار الغرب لا يتذكر حقوق الإنسان في ما يبدو إلا عندما يكون طرحها مفيداً له"، وفق بيان مقتضب نشرته وكالة الأنباء الدنماركية "ريتزاو".

المساهمون