يواصل عدد من قيادات أحزاب سياسية سودانية وشخصيات مدنية مستقلة جولة في دول الجوار استهلتها الأسبوع الماضي بلقاء الرئيس الأوغندي يوري موسفيني، فيما من المقرر أن يجري الوفد اليوم الأحد مباحثات مع المسؤولين في إثيوبيا والاتحاد الأفريقي، بحثاً عن حشد إقليمي لصالح وقف الحرب.
ويضم الوفد اثنين من أعضاء مجلس السيادة السوداني، هما: الهادي إدريس، والطاهر حجر، غير أنهما انضما للجولة بحكم مواقعهما كزعيمين لحركتين وقعتا على اتفاق سلام مع الحكومة في عام 2020 وبموجب ذلك يتخذان موقفاً ليس مطابقاً لمواقف سلطة الجنرال عبد الفتاح البرهان، بدليل رفضهما انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021.
وتعد الحركتان جزءاً من تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير والأقرب إليه في المواقف، ووقعتا على الاتفاق الإطاري في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول الماضي ضمن مجموعة أخرى من الأحزاب السياسية.
كما يضم الوفد محمد الفكي سليمان عضو مجلس السيادة السابق والقيادي بالتجمع الاتحادي، أبرز تكوينات الحرية والتغيير، ومحمد الحسن التعايشي وهو أيضاً عضو سابق بمجلس السيادة كشخصية مستقلة.
كذلك يضم الوفد وزير العدل في حكومة عبد الله حمدوك المقالة، نصر الدين عبد الباري، ورئيس الحركة الشعبية التيار الثوري ياسر عرمان، والقيادي في تجمع المهنيين السودانيين طه عثمان إسحق، والقيادي في الحزب الاتحادي الديمقراطي إبراهيم الميرغني، ووزير شؤون مجلس الوزراء في حكومة حمدوك والقيادي في حزب المؤتمر السوداني خالد عمر يوسف، والأمين العام لحزب الأمة القومي الواثق البرير.
وتهدف الجولات كما جاء على لسان القيادات السياسية والمدنية لحث دول الإقليم والمنظمات الإقليمية على بذل مزيد من الجهد لوقف الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ الخامس عشر من إبريل/ نيسان الماضي، وإيجاد حل سياسي شامل وعادل يقود لجيش واحد قومي ومهني وحكم مدني ديمقراطي وسلام مستدام.
وسعت الهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد" التي تضم دولاً، مثل كينيا وإثيوبيا وجنوب السودان وأوغندا، للتدخل بدعم من الاتحاد الأفريقي للتوسط بين طرفي القتال؛ الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وشكلت لجنة رباعية برئاسة كينيا لمباشرة مهمة الوساطة، إلا أن الحكومة السودانية رفضت ترؤس كينيا للجنة بحجة انحيازها للدعم السريع وإيوائها عدداً من قيادته في العاصمة نيروبي، كما شددت على وجوب استشارتها في أي مبادرة مهما كان نوعها.
ويراهن وفد القيادات السياسية والمدنية على أهمية الدور الأفريقي في الحل، خصوصاً مساعي الهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد" والاتحاد الأفريقي.
من جانبه، قال عضو الوفد محمد الفكي سليمان لـ"العربي الجديد" إن الجولة ستشهد المزيد من اللقاءات مع رؤساء الدول الأفريقية عقب البداية من أوغندا ولقاء الرئيس يوري موسفيني، مشيراً إلى أنهم موجودون هذه الأيام في إثيوبيا التي ستشهد حراكاً دبلوماسياً واسعاً حول الشأن السوداني.
وبحسب الفكي فإن إثيوبيا ستشهد اجتماع رؤساء "ايغاد" مرة أخرى لمناقشة سبل تحقيق السلام في السودان، كما ستشهد اجتماعات لدول الترويكا التي تضم الولايات المتحدة والنرويج والمملكة المتحدة، فضلاً عن وجود مساعدة وزير الخارجية الأميركي مولي هناك إلى جانب دبلوماسيين سعوديين، وهو ما سيوفر حسب تقديره منصة مناسبة للقوى السياسية المدنية لطرح رؤاها وأفكارها.
وأوضح أنهم أرسلوا خطابات إلى كل من أوغندا وإثيوبيا وكينيا وجنوب السودان وتشاد لزيارتها، على أن يكون هناك مسار عربي من الجولات تشمل كل دول الخليج العربي ومصر، بهدف حشد الرأي الإقليمي وتوضيح صورة الضرر الذي سببته الحرب وعواقبها المستقبلية، والعمل على إيقافها بأسرع ما يمكن.
وأكد عضو الوفد أن وجهات نظرهم تطابقت مع رؤى كل الجهات التي التقوها، مبيناً أن طلب الوفد الوحيد هو مضاعفة جهودهم ومساندة أي مساع لوقف الحرب واستعادة العملية السياسية بشكل أوسع يضمن مشاركة المزيد من الأطراف من قوى سياسية ومدنية ومنظمات مجتمع مدني وأصحاب المصلحة وكل الفاعلين ولجان المقاومة.
تجدّد الاشتباكات العنيفة بمدينة الأبيِّض
تجدّدت الاشتباكات العنيفة، اليوم الأحد، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بمدينة الأُبيِّض مركز ولاية شمال كردفان جنوبي البلاد، بحسب ما أفاد شهود عيان لوكالة الأناضول.
وقال الشهود إنّ اشتباكات عنيفة اندلعت في 3 محاور بالمدينة باستخدام القصف المدفعي والأسلحة الخفيفة.
وأشاروا إلى أن الجيش "كبّد قوات الدعم السريع خسائر بشرية كبيرة فضلاً عن عتادها الحربي وعرباتها القتالية".
ومنذ اندلاع الاشتباكات في منتصف إبريل/ نيسان الماضي، شهدت "الأُبيِّض" مواجهات مسلحة متقطعة بين القوتين المتحاربتين أدت إلى انقطاع الكهرباء والمياه وتردي الخدمات الصحية في مستشفيات المدينة.
وحتى الساعة 14:30 (بتوقيت غرينتش) لم يصدر تعليق من الجيش أو "الدعم السريع" حول تجدّد الاشتباكات بالمدينة.
الناطق باسم الخارجية السودانية: حل الأزمة يبدأ من الداخل
بالمقابل، أكد الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السودانية السفير عبد الرحمن خليل، لـ"العربي الجديد"، أن "حل الأزمة السودانية يبدأ من الداخل، وليس من الخارج"، موضحا أن المطلوب من القوى السياسية السودانية إجراء حوار شامل فيما بينها للوصول لوفاق خلال فترة انتقالية تقود إلى انتخابات.
وأضاف خليل، أن الجولات الخارجية لبعض القوى السياسية واستدعاء التدخل الخارجي لا يفضي إلى حل.
"منبر السلام العادل": جولة القيادات المدنية "بلا قيمة"
أما رئيس "منبر السلام العادل"، محمد أبو زيد كروم، فلا يرى في جولة القيادات المدنية أي جدوى، ويؤكد أنها بلا قيمة و"تمت بطريقة مشبوهة من حيث التجمع والتحرك والترتيب".
واتهم كروم خلال حديث مع "العربي الجديد"، قوات الدعم السريع برعاية وتمويل الجولة، لا سيما وأن "تلك المجموعة لا تخفي دعمها للدعم السريع التي تعتبر تلك القوى جناحا سياسيا لها ووضح ذلك من خلال صفقة الاتفاق الإطاري، وهي صفقة، تضمن وصول مجموعة الأحزاب للسلطة، مقابل إعطاء مشروعية للدعم السريع ومنحه استقلالية لم يحصل عليها من قبل"، كما يقول.
وأشار كروم، إلى أن تلك المجموعة هددت من قبل بالحرب كما هدد بها قائد الدعم السريع قبل اندلاعها، فيما اعتبر الجولة، تمردا "كامل الدسم" يستدعي التعامل معها من جانب الحكومة بكل حزم، مستبعدا أن تؤدي تلك التحركات لوقف الحرب، إنما ستعمل وفقا لقوله على إنقاذ التمرد بمساندة ومساعدة الجهات الإقليمية التي تدعم هذا الخط.
سفير سوداني سابق: القوى السياسية والمدنية دخلت متأخرة في خط المبادرات والتحركات
لكن الصادق المقلي وهو سفير سابق بالخارجية السودانية وكان ناطقا باسمها في وقت من الأوقات، يقول إنه لا بد من التسليم والترحيب بأي جهد وطني أو أجنبي يفضي إلى إنهاء الحرب التي وصفها حتى قائد الجيش بـ"العبثية".
وأشار خلال حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن القوى السياسية والمدنية دخلت متأخرة في خط المبادرات والتحركات، رغم الجهود الخجولة التي ظلت تبذلها مع طرفي النزاع بغية وقف الحرب، وأضاف "لو جاءت الآن خير من ألا تأتي مطلقا".
وبحسب قول المقلي فإن وجود وفد القوى السياسية والمدنية في أديس أبابا بالتزامن مع انعقاد اجتماع الرباعية الأفريقية بحضور وفود غربية على رأسها أميركا و الاتحاد الأوروبي بجانب الأمم المتحدة، "صدفة مبشرة"، موضحا أن المعسكر الغربي والأمم المتحدة ظلوا يواصلون اتصالاتهم المكوكية طيلة الفترة التي سبقت الحرب لمساندة و تسهيل َوإنجاح العملية السياسية.
ولم يستبعد المقلي، أن يلعب وفد القوى السياسية والمدنية المتجول في أفريقيا والدول العربية دورا محفزا للقوي الإقليمية والدولية لإنجاح المساعي الأفريقية، وإحياء منبر جده التفاوضي بين الجيش والدعم السريع.
وحول مدى وجود تقاطع ما بين التحركات الدبلوماسية للخرطوم، وجولة القوى السياسية، يقول السفير الصادق المقلي، إنه ليس لوزارة الخارجية في الوقت الحالي اي جهد معلن إنما تعكس فقط الموقف الرسمي ورد الفعل إزاء ما هو قادم من الخارج.