واشنطن واغتيال حسن نصر الله: خشية من حرب إقليمية وتحريض عليها

30 سبتمبر 2024
بايدن في ديلاوير، 27 سبتمبر 2024 (سول لوب/Getty)
+ الخط -

في ظل الكثير من التشفي الأميركي باغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله تصاعد الاهتمام في واشنطن بمرحلة ما بعد هذا الحدث الكبير. وتوزع التركيز في اتجاهين، واحد تمثله الإدارة وحزبها الديمقراطي، والذي يخشى من مواصلة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو التصعيد، لفتح حرب إقليمية تستهدف استدراج ايران. وفي المقابل هناك الحزب الجمهوري الذي يحرّض على مثل هذا التوجّه، ويدعو إلى تحرير نتنياهو من "القيود" لتمكينه من تسديد الحسابات في المنطقة مرة واحدة ونهائية.

وفي الحالتين تطغى الحسابات الانتخابية على الموقف. ويرى الحزب الديمقراطي في انعكاسات توسيع الحرب بهذا الشكل تهديداً لمرشحته كامالا هاريس، فيما الحزب الجمهوري يجد، على ما يبدو، في مثل هذا السيناريو عوناً محتملاً لمرشحه دونالد ترامب. وينشط هذا الجدل بموازاة تزايد الحديث والتوقعات عن قرب توغل إسرائيلي في الأراضي اللبنانية.

يستقوي نتنياهو بالحزب الجمهوري الذي يشن حملة على البيت الأبيض
 

الإدارة الأميركية، على لسان الرئيس جو بايدن ووزيري الخارجية أنتوني بلينكن والدفاع لويد أوستن، سارعت إلى التذكير بالحل الدبلوماسي ومشروع وقف إطلاق النار وأهميته، مع علمها بعزم نتنياهو على عدم التراجع عن رفض هذا الطرح ولو أنه مؤقت (21 يوماً). وذكرت معلومات أن عدداً من كبار المسؤولين أعربوا عن عدم ارتياحهم ليس فقط لتجاهل نتنياهو لمشروع وقف إطلاق النار وبصورة متعالية، بل أيضاً لما قد يضمره من مفاجآت خطيرة جاء بمثلها في الأيام الأخيرة وبالتحديد عملية اغتيال حسن نصر الله التي تزعم الإدارة بأنها "لم تتبلغ مسبقاً" بها.

ضوء أخضر لنتنياهو لاغتيال حسن نصر الله

وزاد من الاستياء أن نتنياهو أعطى الضوء الأخضر للمضي بعملية اغتيال حسن نصر الله من نيويورك صباح الجمعة الماضي، قبيل إلقاء خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وهذا ما يعزز الاعتقاد بأن عزم إسرائيل على دخول الأراضي اللبنانية، قد يخفي ما هو أبعد من مسألة عودة سكان المستوطنات الشمالية إلى منازلهم.

ومن المؤشرات على هذه النية المبطنة توسع الغارات الجوية وقوتها النارية لمناطق لبنانية جديدة، وكأنها عازمة على اغتنام اللحظة الراهنة التي يمر بها حزب الله لمواصلة سياسة الأرض المحروقة ونهجها التصعيدي بهدف استدراج الردود، وبالتالي توسيع المواجهة علها تشمل إيران، خصوصاً، وأن طريقه سالكة في هذا الاتجاه في ضوء ضعف بايدن المتساهل أصلاً مع تمرد نتنياهو على سيده.

استقواء نتنياهو بالجمهوريين

ويستقوي نتنياهو بالحزب الجمهوري الذي يشن حملة على البيت الأبيض بزعم أنه "يكبح إسرائيل بالحديث عن وقف النار" كما قال رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون الذي دعا بايدن إلى "الكف عن طرح هذا الموضوع" لإطلاق يد نتنياهو في الحرب، مشيداً بعملية اغتيال حسن نصر الله "التي تشكل خطوة إلى الأمام في الشرق الأوسط" على حد قوله.

تراهن الإدارة الأميركية على بقاء إيران كما بقيت حتى الآن في منأى عن الحرب

وحذا حذوه أكثر من سناتور جمهوري خلال مقابلات أجرتها معهم بعض شبكات التلفزة، والذين حملوا على الإدارة الأميركية بزعم تكبيلها لأيادي إسرائيل في مواجهة الوضع الذي "تقف إيران خلفه" من أجل مواصلة "تدمير ترسانة حزب الله"، كما قال السناتور الجمهوري توم كوتون. ولم يكن زميله ماركو روبيو أقل دفعاً في هذا الاتجاه، لا سيما وأن "إيران الآن في موقع الدفاع" بما يوجب تشديد الضغوط عليها، كما قال.

وكذلك كانت لغة السناتور ليندسي غراهام وغيره من ضمن أوركسترا في الكونغرس تعزف على وتر التصعيد، عساه يعجل في إحداث انفجار إقليمي كبير قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، تكون له تداعيات مؤذية لمرشحة الديمقراطيين كامالا هاريس من نوع ارتفاع أسعار النفط بصورة جنونية، والذي قد يصب في خانة ترامب. سيناريو بمثابة كابوس للبيت البيض الذي يدرك أن نتنياهو لن يوفر جهداً في هذا الخصوص لخدمة ترامب. والإدارة تراهن على بقاء إيران كما بقيت حتى الآن في منأى عن الحرب. وهو رهان في محله كما يرى مراقبون.