واشنطن تحرك ملف بيع تركيا مستلزمات عسكرية مرتبطة بمقاتلات إف 16

18 ابريل 2023
تعد مقاتلات إف 16 سلاحاً أساسياً للقوات الجوية التركية (Getty)
+ الخط -

أفادت وسائل إعلام تركية بأن وزارة الخارجية الأميركية أخطرت الكونغرس بموافقتها على بيع تركيا أجهزة متعلقة بنظام الاتصالات في مقاتلات إف 16، سبق أن طلبت أنقرة شراءها، في آخر تطور في الملف العالق بين البلدين منذ سنوات.

وقالت صحيفة صباح التركية، المقربة من الحكومة، يوم الإثنين، إن وزارة الخارجية الأميركية أبلغت الكونغرس بأنها وافقت على بيع تركيا أنظمة "تي دي إل-لينك 16"، وهي أجهزة تواصل تكتيكية، مستخدمة لدى الحلفاء داخل حلف الشمال الأطلسي (ناتو)، تعمل على تعزيز أجهزة التواصل في مقاتلات إف 16 التي تمتلكها تركيا، وتوفر تبادل المعلومات التكتيكية بين الطائرات والمروحيات والمسيرات والسفن والقوات البرية.

تحريك أميركا لهذا الملف يأتي بعد سنوات من طلب تركيا لهذه الأنظمة وتطوير مقاتلاتها، وشراء أخرى، عقب حرمانها من إتمام شراء مقاتلات إف 35 الحديثة، بحجة شراء تركيا صواريخ دفاع جوي روسية إس 400.

من ناحية أخرى، قالت وكالة الأناضول الرسمية إن "وزارة الخارجية الأميركية أبلغت الكونغرس رسميا بقرارها بشأن بيع مجموعات تحديث شبكة ربط البيانات التكتيكية (لينك-16)" إلى تركيا. وتتضمن حزمة البيع أيضاً، أنظمة تجنب الاصطدام الأوتوماتيكية، بجانب تجهيزات ودعم هندسي.

وقالت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأميركية في بيان نقلته وكالة الأناضول، إن وزارة الخارجية قررت الموافقة على بيع معدات وخدمات دفاعية ومعدات ذات صلة إلى تركيا لتحديث أسطول طائرات إف 16 بقيمة تقدر بـ259 مليون دولار.

وقال مسؤول من وزارة الخارجية الأميركية للأناضول إن تركيا حليفة هامة في "ناتو"، وإن إدارة بايدن تدعم جهود تركيا لتحديث أسطولها من مقاتلات إف 16، وإن قرار البيع "سيزيد من قابلية تركيا للتشغيل البيني مع الحلف وتطوير التدابير الأمنية، مثل أنظمة تجنب الاصطدام، وأنها مهمة لقابلية التشغيل البيني وسلامة الطيران الأساسية لكل من تركيا وجميع الحلفاء والشركاء المشاركين في مهمات مشتركة مع تركيا".

ويحق للكونغرس الأميركي الاعتراض على موافقات البيع إلى دول "ناتو" في غضون 15 يوم عمل، و30 يوماً بالنسبة للدول غير الأعضاء في الحلف. وبحسب الأعراف المتبعة، فإن الخارجية تبلغ الكونغرس بخطط البيع بشكل غير رسمي، وعقب تلقيها الرد، تقوم بالإبلاغ الرسمي.

شروط أميركية لبيع إف 16

وتعد مقاتلات إف 16 العنصر الأساسي للقوات الجوية التركية وقوتها، واشترت تركيا 270 مقاتلة في الفترة ما بين 1987-2012، لتكون ثاني أكبر دولة تمتلكها خارج أميركا بعد إسرائيل. ونظرا لعمر المقاتلات الطويل فإن عدداً كبيراً منها بحاجة إلى تحديث، خاصة تلك التي دخلت الخدمة في الفترة 1987-1995، ويبلغ عددها 160 طائرة.

وطلبت تركيا من أميركا تحديث 79 طائرة، فيما سعت إلى تحديث بقية المقاتلات عبر جهود محلية، كما عقدت تركيا وأميركا، في الأشهر الماضية، لقاءات تقنية لاستكمال هذه الصفقات.

مسيرة شراء تركيا لهذه المقاتلات وتحديثها تواجه صعوبات، منها تشريعها في مجلس النواب (أزيلت لاحقا)، وترتبط عراقيل تلك المسيرة بسلوك أنقرة في المنطقة والعالم، وخاصة في ما يتعلق بالعلاقة مع اليونان وأرمينيا وروسيا، وحملاتها العسكرية على وحدات الحماية الكردية، وصراعاتها في الشرق الأوسط. 

وكان السيناتور عن ولاية نيو جيرسي بوب مينينديز، والسيناتور عن ولاية ماريلاند كريس فان هولن، قد قدما العام الماضي مشروعي قرارين حول منع بيع مقاتلات أف 16 إلى تركيا، سُحِبَ أحدهما وقُدّم الآخر معدلا، وتضمّن شروطاً للبيع إلى أنقرة، لكن الكونغرس الأميركي ألغى هذه الشروط في نسخة مجلس الشيوخ من مشروع قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2023.

وشملت الشروط التعهد باتخاذ خطوات ملموسة لضمان أن يكون بيع الطائرات لتركيا متوافقًا مع مصالح الأمن القومي الأميركي، وألا يتم استخدام الطائرات المباعة "في الانتهاكات المستمرة للمجال الجوي اليوناني"، كما شملت عدم استخدام الطائرات ضد تنظيم وحدات الحماية الكردية في سورية، وأن توافق تركيا على انضمام السويد وفنلندا لحلف "ناتو".

الخطوة الجديدة من الخارجية الأميركية جاءت بعد فترة قصيرة من موافقة تركيا على انضمام فنلندا إلى حلف شمال الأطلسي، فيما لا تزال تعارض انضمام السويد، وكان الرئيس جو بايدن قد شدد على ضرورة بيع المقاتلات لتركيا، وتحديث أسطولها الجوي، في تصريحات خلال ختام قمة زعماء "ناتو" في مدريد العام الماضي.

ورغم تقدم تركيا في مجال الطائرات المسيرة، إلا أنها بحاجة إلى سد النقص الحاصل في أسطول مقاتلاتها، مع حرمانها من مقاتلات إف 35. وسابقاً، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن تركيا دفعت مليارا و400 مليون دولار قيمة مقاتلات إف 35 من ضمن مئة مقاتلة كانت تعتزم تركيا شراءها.

وتسلمت تركيا بالفعل عدة مقاتلات منها، ولكن إتمام صفقة صواريخ إس 400 في العام 2019، دفع واشنطن لمنع تسليم المقاتلات، وإلغاء تدريب الطيارين الأتراك وطردهم، وحجز المقاتلات في أميركا. وعقب هذه الأزمة، حاولت تركيا استرداد المبلغ أو شراء 40 مقاتلة إف 16 حديثة وتطوير قرابة 80 مقاتلة أخرى تمتلكها عبر مجموعة من حزمة التحديثات التي تقدم للطائرات لرفع عمر طيرانها من 8000 ساعة إلى 12 ألف ساعة طيران.

أميركا وحسابات الداخل التركي

الكاتب والمحلل السياسي فراس رضوان أوغلو قال، لـ"العربي الجديد"، إن إكمال الصفقة الأولى "مسألة وقت، فأميركا تريد إمساك العصا من المنتصف مع تركيا، فإذا نجح الحزب الحاكم تستمر بالعمل معه دون صدام مستقبلاً، وفي حال فوز الائتلاف المعارض تكون قد استبقت الأمور وأرسلت الشحنات، هي تكتيكات أميركية تختلف في التعامل مع أي جهة في الحكم".

وأردف "أميركا تدرك أهمية تركيا داخل (ناتو) وحريصة على العلاقة معها، والصفقة ستكتمل بالنهاية وإن طالت، وهي لا تريد إضعاف حلف الأطلسي، خاصة أن الخيارات التركية قد تتغير لاحقا نحو روسيا، ما يعني مشكلة بالنسبة لحلف الأطلسي، وهو ما لا تريده أميركا. بالتأكيد انعكست موافقة أنقرة على انضمام فنلندا للحلف على القرار الأميركي وتليين المواقف المتصلبة للأطراف المعارضة في أميركا لإتمام الصفقة".

من ناحيته، قال المحلل السياسي محمد جيرين لـ"العربي الجديد"، إنه من الواضح أن "الخطوة الأميركية إيجابية وتنم عن رضا واشنطن على موافقة تركيا على انضمام فنلندا إلى الحلف، ما يعني أنها لا تزال حريصة على وحدة الصف داخله، رغم عدم انضمامها لفرض العقوبات على روسيا بعد الحرب على أوكرانيا".

وأضاف "أميركا لا تريد أن تسد الأبواب بشكل كامل أمام حزب العدالة والتنمية الحاكم والرئيس رجب طيب أردوغان قبل الانتخابات، لأنها ستضطر للتعامل معه في حال فوزه، وفي الوقت نفسه تتحفظ على إتمام بقية الصفقات وبقية الملفات العالقة، لكي لا تحسب لأردوغان قبيل الانتخابات، وفي الوقت نفسه، تترقب المستقبل السياسي للبلاد، وبناء عليه قد تتخذ مواقف جديدة".

المساهمون