"واشنطن بوست": نتنياهو يوجّه إهانات علنية لواشنطن وبايدن يقترب من القطيعة معه

11 فبراير 2024
الانتخابات تدفع بايدن لإعادة النظر في حساباته (برندان سميالوفسكي/ فرانس برس)
+ الخط -

الإدارة الأميركية لم تعد تعتبر نتنياهو "شريكاً إيجابياً"

بايدن كان متردداً في السابق في التعبير بشكل علني عما يخالجه

بايدن يدفع ثمنا سياسيا يكبر كل يوم بسبب دعمه غير المشروط للاحتلال

نتنياهو يتحدى بايدن من خلال خطته العسكرية للهجوم على رفح

قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن الرئيس الأميركي جو بايدن وكبار مساعديه يقتربون من "نفض أيديهم" من رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكثر من أي وقت مضى منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، موردة عن مصادر مطلعة أن الإدارة الأميركية لم تعد تعتبر نتنياهو "شريكاً إيجابياً" في وسعهم التأثير على مواقفه حتى خلال اللقاءات السرية.

ونقلت الصحيفة الأميركية عن ستة مصادر مطلعة، فضلت عدم ذكر أسمائها، تأكيدها أن الامتعاض المتزايد من نتنياهو دفع مساعدي بايدن إلى أن يطلبوا منه أن يوجه انتقادات علنية أكثر لرئيس الوزراء الإسرائيلي بخصوص الحرب التي يقودها على غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وأضافت الصحيفة أن بايدن، الذي يدعم بشكل مطلق الاحتلال الإسرائيلي ويعرف نتنياهو منذ أزيد من 40 عاماً، ويقر علانية بأنه صهيوني، كان متردداً في السابق في التعبير بشكل علني عما يخالجه في السر بخصوص ما يجري في غزة. وأوضحت أن الفكرة باتت تلقى قبولاً لديه، لا سيما في ظل مواصلة نتنياهو إثارة غضب مساعدي بايدن من خلال توجيه إهانات علنية لهم، ورفضه الفوري لـ"المطالب الأميركية البديهية".

ولفتت "واشنطن بوست" إلى أن البيت الأبيض رفض رغم كل ذلك ممارسة ضغط حقيقي من خلال وقف الدعم العسكري للاحتلال الإسرائيلي أو إخضاعه على الأقل لشروط، تحت ذريعة أن ذلك "سيقوي شوكة أعداء إسرائيل". وأضافت نقلا عن المصادر ذاتها أن مساعدي بايدن يرون أن توجيه انتقادات لنتنياهو سيسمح للرئيس الأميركي بـ"النأي بنفسه عن قائد لا يتمتع بأي شعبية ويتبنى سياسات الأرض المحروقة، مع مواصلته التعبير عن دعمه الدائم لإسرائيل".

وقالت الصحيفة إن النقطة التي أفاضت "كأس الغضب" تتمثل في نوايا الاحتلال الإسرائيلي شن عملية عسكرية برية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، التي لجأ إليها مئات الآلاف من الفلسطينيين الفارين من القصف الإسرائيلي.

وعن ذلك، قال للصحيفة مستشار خارجي للبيت الأبيض: "إنهم يعيشون في خيام ولا يحصلون على ما يكفي من الماء والطعام وتطلب منهم الذهاب لمكان آخر"، متسائلا: "إلى أين؟ وكيف في إمكانهم الوصول إلى ذلك المكان؟".

ورغم أهميتها الكبيرة في حسابات إدارة بايدن وارتباطها بالحرب على غزة، لم تتطرق "واشنطن بوست" سوى بشكل عرضي لملف الانتخابات الرئاسية الأميركية 2024، واكتفت بالإشارة إلى أن بايدن "يدفع ثمنا سياسيا يكبر كل يوم بسبب دعمه غير المشروط" للاحتلال الإسرائيلي. وأوضحت أن ذلك يحصل رغم أن نتنياهو يبدو مهتماً أكثر بتسجيل نقاط سياسية لصالحه من خلال توبيخ بايدن بشدة كل ما ظهر في اللقاءات العلنية.

وأضافت "واشنطن بوست" أنه بينما يقود بايدن حملة انتخابية صعبة للبقاء في منصبه بالبيت الأبيض لولاية ثانية، تظهر نتائج استطلاعات الرأي أن الناخبين الشباب، والمتحدرين من أصول أفريقية وأبناء الجاليتين العربية والمسلمة، يعارضون بشدة طريقة تعامله مع الحرب على غزة.

"نتنياهو يتحدى بايدن"

من جهتها، خصصت صحيفة "وول ستريت جورنال" مقالاً للخلافات الأميركية الإسرائيلية، جاء فيه أن نتنياهو يتحدى بايدن من خلال خطته العسكرية بالهجوم على رفح، مضيفة نقلا عن خبراء قولهم إن رئيس الوزراء الإسرائيلي يحاول إطالة الحرب على غزة، بعدما أظهرت نتائج استطلاعات الرأي تراجع الدعم الشعبي له مقابل دعم إسرائيلي داخلي لـ"مواصلة مطاردة حركة حماس".

وكشفت الصحيفة أن نتنياهو اختار توجيه رسالته مباشرة إلى الأميركيين، من خلال مقابلة مع قناة "إي بي سي نيوز" ليلة اليوم الأحد. وبحسب تسريبات للمقابلة حصلت عليها "وول ستريت جورنال"، فإن نتنياهو ادعى أن "النصر قريب"، و"أننا سنصل إلى ما تبقى من كتائب حماس (...) في رفح، معقلهم الأخير". وزعم أيضاً أن عدم دخول جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى رفح سيكون بمثابة خسارة للحرب ضد حماس، وسيسمح لها بالبقاء موجودة.

ومساء اليوم، أجرى بايدن مكالمة هاتفية مع نتنياهو استمرت نحو 45 دقيقة، تحدثا فيها حول الحرب على قطاع غزة.

وقال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي أكد في حديثه لنتنياهو على ضرورة الاستفادة من التقدم المحرز في المفاوضات لتأمين إطلاق سراح جميع المحتجزين في أقرب وقت ممكن.

وأضاف أن بايدن دعاه إلى "اتخاذ خطوات عاجلة ومحددة" لزيادة المساعدات الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين.

وبخصوص العملية العسكرية التي يلوح بها الاحتلال في رفح، قال البيت الأبيض إن بايدن "عاود التأكيد على رأيه بأن تلك العملية العسكرية يجب ألا تمضي قدما دون خطة لضمان سلامة مليون شخص يلوذون بها".

وكان نتنياهو قد كشف أنه لم يتحدث إلى الرئيس الأميركي منذ تصريحات الأخير التي وصف فيها الرد العسكري الإسرائيلي على عملية السابع من أكتوبر بأنه "مبالغ فيه".

وفي إشارة إلى تلك التصريحات، قال نتنياهو أيضا خلال مقابلته مع "إي بي سي": "أقدر دعم الرئيس بايدن لإسرائيل منذ بداية الحرب. ولا أعرف بالضبط ما الذي كان يقصده بذلك".

وكان الرئيس الأميركي اعتبر، الخميس، أنّ الردّ العسكري الإسرائيلي في قطاع غزّة "تجاوز الحد"، موضحا: "أنا أرى، كما تعلمون، أن سلوك الرد في قطاع غزة تجاوز الحد".

وكان نتنياهو قد أعلن، الجمعة، أنه أوعز إلى المستوى الأمني والجيش الإسرائيلي بتحضير خطة للقيام بعملية عسكرية في رفح، في حين أوضحت صحيفة "يديعوت أحرنوت" أن الجيش صدّق عملياً على خطته التي حضّرها للعملية العسكرية في رفح، والتي تشمل أيضاً إجلاء السكان من هناك.

ويأتي إصرار نتنياهو على شن عملية عسكرية في رفح رغم الانتقادات الدولية والتخوف من وقوع عدد كبير من الضحايا في المنطقة، التي سبق لجيش الاحتلال أن أمر السكان المدنيين بالنزوح نحوها، مع تشديده القصف على وسط قطاع غزة وشماله.

المساهمون