في ظل أزمة اقتصادية وتدهور حاد في جميع مناحي الحياة على أرض مصر، تتعدد الآراء حول السبل الكفيلة بإخراج البلاد من أزماتها. ويرى فريق ممن يصنف نفسه في خانة المعارضة أن إصلاح الأوضاع لن يأتي إلا بالضغط من أجل تعديل قانون الانتخابات الرئاسية والنيابية عبر الحوار مع السلطة.
ويعتبر هذا الفريق أن ذلك سيؤدي إلى فتح المجال العام أمام القوى والأحزاب السياسية المختلفة صاحبة الأيديولوجيات المتعددة، لطرح نفسها كبديل للسلطة الحالية، وإجراء "تغيير سياسي دستوري"، كما وصفه أحد أعضاء الحركة المدنية الديمقراطية في حديث لـ"العربي الجديد".
الرهان على استجابة النظام المصري لمطالب المعارضة
وأشار السياسي نفسه، والذي تحفظ على ذكر اسمه، إلى أن ذلك يجنب البلاد الدخول في دوامة الفوضى والعنف الذي قد يحدث نتيجة انفلات الأوضاع داخلياً بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة. وأكد أن "الحركة المدنية الديمقراطية، تراهن على اضطرار النظام إلى الاستجابة لمطالب المعارضة المتعلقة بتعديل قانون الانتخابات وخصوصاً نظام الانتخاب عبر القوائم، بما يسمح بتوسيع قاعدة المعارضة داخل مجلس النواب، الذي يعتبر حالياً الذراع التشريعية للسلطة التنفيذية ورئيسها".
وأوضح أن "استمرار الضغط السياسي على النظام، من شأنه أن يؤدي إلى إصلاحات تدريجية في بنية النظام ذاته". وأشار إلى أنه "يمكن استثمار ذلك مع الوقت للوصول إلى مناخ سياسي ملائم للتغيير السلمي، الذي يجنب البلد الدخول في حالة من الفوضى تعود بالضرر على الشعب كله، ويصعب مهمة إعادة بناء الدولة".
سياسي مصري: استمرار الضغط السياسي على النظام من شأنه أن يؤدي إلى إصلاحات تدريجية
من ناحيته، يُعارض أحد أعضاء ما كان يسمى بـ"ائتلاف شباب ثورة 25 يناير" هذا الرأي. وأوضح أن "الرهان على الإصلاحات الداخلية تحت ظل سلطة لا تؤمن أصلاً بالعمل السياسي، رهان خاسر، والدليل ما حدث في انتخابات الرئاسة عام 2018، من حملة قمع غير مسبوقة على المعارضة" .
كما شدد على أنه في ذلك الوقت "تم استدعاء الفريق سامي عنان من قبل القيادة العامة للقوات المسلحة للتحقيق واتهامه بعدة تهم من بينها الترشح من دون الحصول على موافقة القوات المسلحة لأنه لا يزال ضابطا مُستدعى، وبعدها تم سجنه مع المستشار هشام جنينة أحد قادة حملته الانتخابية".
وأشار المصدر إلى أنه "بعد ذلك الهجوم العنيف على المرشح المحتمل، دعت عدة شخصيات سياسية بارزة إلى مقاطعة الانتخابات". ولفت إلى أن "من بين هذه الشخصيات أعضاء في حملة عنان والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية عبد المنعم أبو الفتوح الذي تم سجنه بعد ذلك، والعضو السابق في مجلس النواب محمد أنور السادات الذي ألغى خططه للترشح بسبب الخوف على سلامة أعضاء حملته، كما تراجع المحامي الحقوقي المصري خالد علي عن خوض السباق الانتخابي".
وشدد على أن هذه الشخصيات أكدت في بيان أن "سياسات الدولة تمهد بشكل واضح لتغيير الدستور بفتح مدد الرئاسة والقضاء على أي فرصة للتداول السلمي للسلطة".
وأكد الناشط السياسي السابق، أن "ذلك كله لم يتغيّر بأي حال في الوقت الحالي، بل على العكس، فإن السلطة أصبحت أكثر قوة وتوحشاً من ذي قبل". وشدد على أنه "لذلك فإنها لن تسمح بأن تجرى انتخابات نزيهة يشارك فيها أي منافس حقيقي للرئيس الحالي".
سيناريوهات تطرح إعفاء السيسي من منصبه
بدوره، طرح السياسي المصري، المهندس ممدوح حمزة، والذي يعد أحد رموز انقلاب يوليو/تموز 2013، عبر حسابه في فيسبوك في ديسمبر/كانون الأول الماضي، سيناريو آخر يتمثل في أن يقوم المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإجراء إصلاحات داخلية عبر إعفاء الرئيس عبد الفتاح السيسي من منصبه، نظراً لفشله في قيادة البلاد، ولكن هذا السيناريو أوجد انقساماً بين السياسيين.
من جهته، رأى أحد أعضاء حركة "تمرد" السابقين أن التعديلات الدستورية التي أجريت على "دستور 2014" وأقرت في عام 2019، أضافت إلى مهام القوات المسلحة مهمة "صون الدستور والديمقراطية والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد".
عضو سابق في حركة "تمرد": من حق القوات المسلحة التدخل لحماية الشعب
وأكد أنه استناداً إلى ذلك فمن حق القوات المسلحة التدخل لحماية الشعب الذي يعاني من الفقر والجوع بسبب سياسات النظام الحالي.
من ناحيته، أكد سياسي مصري بارز وأحد القيادات الحزبية والعمالية السابقة أن "أي تصور لاستبدال الرئيس الحالي بشخصية عسكرية أخرى، سواء عبر انتخابات أو غيرها، لن يحسن الوضع، لأن أي نظام عسكري لن يأتي بجديد، بل سيتبع نفس السياسات التي تقوم على قمع الحريات واحتكار القرار".
ولفت إلى أن "حدوث ذلك، لن يؤدي إلا لتمديد أجل المعاناة التي يعانيها الشعب".