هل يمكن للغرب تغيير مسار إيران في ضوء الاحتجاجات على وفاة مهسا أميني؟

20 أكتوبر 2022
طالبات مدرسة في تبريز يحتججن: سنخلع الحجاب والنظام (تويتر)
+ الخط -

قصّت ممثلات ومسؤولات غربيات شعورهن أمام الكاميرات لتجسيد دعمهن للنساء الإيرانيات، وهزت الاحتجاجات الجمهورية الإسلامية منذ وفاة مهسا أميني (22 عاما) وهي محتجزة لدى شرطة الأخلاق قبل أكثر من شهر.

وقالت الممثلة الفرنسية جوليت بينوش: "من أجل الحرية"، وهي تقص خصلة من شعرها الكستنائي تضامناً مع الإيرانيين الذين ينددون ويحتجون على وفاة أميني.

واعتقلت شرطة الأخلاق أميني في 13 سبتمبر/أيلول في طهران، وقالت إن السبب هو "ملبسها غير المناسب"، ثم توفيت أميني بعد ذلك بثلاثة أيام.

كما قصت وزيرة خارجية بلجيكا ونائبتان شعورهن في البرلمان.

ويقول مسؤولون ومحللون إن عروض إظهار الدعم تلك تشير إلى حقيقة أعمق، وهي أن الحكومات الغربية ليس لديها الكثير من الأدوات السياسية للتأثير على ما يجري في إيران، بخلاف التعبير عن المساندة وانتقاد الانتهاكات وتزويد المحتجين بوسائل رقمية للتواصل.

فلم تفلح عقوبات اقتصادية مفروضة منذ أربع سنوات، أعاد فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 2018، واستمرت في عهد جو بايدن، وإن كان تطبيقها غير متسق كالسابق، في منع إيران من توسيع نطاق برنامجها النووي، ناهيك عن أنها لم تمنع كذلك التأييد الذي تقدمه إيران لجماعات وجهات تابعة لها بالوكالة في الخارج، ولم تردعها عن سحق المعارضة في الداخل.

وفي مشهد عالمي تسببت فيه الحرب في أوكرانيا في رفع أسعار النفط، وحيث بدا أن أكبر مشترين للنفط الإيراني، مثل الصين والهند، لا يأبهون بالتهديد بتطبيق أكثر صرامة للعقوبات الأميركية، فيبدو أن شريان الحياة المالي لن ينقطع عن إيران.

ويقول هنري روم من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى: "في ما يتعلق بالأدوات الاقتصادية التي يمكنها حقا أن تغير أفق النظام... هي محدودة للغاية".

لا حديث عن تغيير النظام

بالنظر للنتائج غير الإيجابية لتدخل الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، فليس هناك أي نقاش يدور عن أي جهد أميركي للمساعدة في إطاحة القيادة الإيرانية، التي ولدت في الأصل من رحم ثورة رفضت نظام الشاه المدعوم من الولايات المتحدة.

فقد ساعدت المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) في عام 1953 في تدبير إطاحة محمد مصدق، رئيس الوزراء الإيراني آنذاك، والذي كان يتمتع بشعبية كبيرة، بما منح الشاه محمد رضا بهلوي السلطة، ثم أطاحت الثورة الإسلامية في 1979 الشاه، ليبدأ بذلك مسار العداء المستمر منذ عقود بين طهران وواشنطن.

وقال دبلوماسي غربي: "لا ننظر في أمر التدخل لتغيير النظام".

مسؤول أميركي: النتيجة لن تتحدد على أساس ما تفعله الولايات المتحدة، ولا على أساس ما يفعله الغرب، ولا بما يفعله أي طرف أجنبي، ستتحدد بناء على ما يفعله الشعب الإيراني وبماذا سترد عليه حكومته".

ووصف مسؤول أميركي سياسة واشنطن بأنها تنقسم إلى ثلاثة محاور، التعبير عن التأييد للمحتجين وحقهم في التعبير عن رأيهم، ولفت الأنظار لما يقال عن انتهاك قوات الأمن الإيرانية لحقوق الإنسان، وتشجيع الشركات على المحافظة على خدمات الإنترنت في إيران لتسمح للمتظاهرين بالتواصل.

وقال المسؤول: "النتيجة لن تتحدد على أساس ما تفعله الولايات المتحدة، ولا على أساس ما يفعله الغرب، ولا بما يفعله أي طرف أجنبي، ستتحدد بناء على ما يفعله الشعب الإيراني وبماذا سترد عليه حكومته".

وتابع المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه قائلا: "يمكننا أن نسلط الضوء، يمكننا أن نتأكد من أن الشعب الإيراني يعلم أنه ليس بمفرده، وأن الناس تتابع وتراقب وأن صوته مسموع. يمكننا أن نحاسب من يقمعونهم بعقوباتنا... تلك هي الأمور التي ننظر فيها".

إيرانيون يطالبون بضغط غربي

يتهم رجال الدين الذين يتولون الحكم في إيران الغرب بتأجيج الاحتجاجات. لكن إيرانيين في الداخل والخارج يحثون دولا غربية على الضغط على إيران بطرد سفرائها وأفراد أسر يرتبطون بالسلطات الإيرانية يعيشون في الخارج.

يقول سعيد جولكار من جامعة تينيسي في تشاتانوجا: "الغرب لا يملك الكثير من السطوة على إيران، لكن أعتقد أن عليه أن يستخدم المتاح بشكل جيد"، ودعا أيضا لفرض عقوبات على قوات أمن إيرانية لا ترتدي زيا رسميا.

وجهود إحياء الاتفاق النووي الإيراني الموقع في 2015، والمعلقة أصلا بخيط رفيع، باتت أصعب بسبب حملة إيران على المحتجين، التي شهدت حتى الآن مقتل ما يصل إلى 23 طفلا بأعيرة نارية حية وطلقات الخرطوش من مسافة قريبة وبسبب الضرب أيضا، وفقا لما أفاد به مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

كما أن الشكوك المتعلقة بأن إيران تنقل طائرات مسيّرة، وحتى صواريخ أرض أرض قصيرة المدى، لروسيا، لمساعدتها في الحرب في أوكرانيا، ستجعل الزعماء الغربيين مترددين أكثر في السعي للتوصل إلى اتفاق من شأنه أن يمنح الحكومة الإيرانية مليارات الدولارات من الموارد الإضافية.

ويرى بعض المسؤولين والمحللين أن طهران ربما لا تسعى هي نفسها للتوصل الآن إلى اتفاق، نظرا للحساسيات السياسية في الداخل.

وقال الدبلوماسي الغربي: "إذا كان هناك توقيت يمكن فيه لاتفاق نووي تقديم بعض السعة الاقتصادية، فهو الوقت الذي سيكون فيه مرغوبا. لكن، إذا فعلت ذلك، فستمهد الطريق لبلادك لتكون أكثر انفتاحا وأقل عزلة وربما سيكون ذلك صعبا جدا بالنسبة للنظام".

وحتى إن أرادت إيران إحياء الاتفاق، فقد أدت حملة القمع للاحتجاجات في إيران إلى أن يكون مثل هذا القرار أصعب على واشنطن. وبموجب الاتفاق النووي الإيراني، حدت طهران من برنامجها النووي مقابل تخفيف عقوبات اقتصادية، ما رفع عائداتها النفطية وقتها.

وقال روبرت آينهورن من معهد بروكنجز البحثي: "المعارضون (في الولايات المتحدة) للاتفاق سيكون لديهم المزيد من الحجج لمهاجمة إدارة بايدن المستعدة لإبرام اتفاق مع نظام، قد يقولون، إنه مهدد.. لماذا نفتح شريان حياة لنظام على حافة الهاوية ويقتل فتيات وشابات؟".

(رويترز)