هل يتطور الدور المصري في السودان؟

20 ابريل 2023
تدريبات مصرية سودانية مشتركة، مايو 2021 (أشرف الشاذلي/فرانس برس)
+ الخط -

بعد تصريحات للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عقب اجتماع للمجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسته مساء الإثنين الماضي، أكد خلالها أن "ما يحدث في السودان شأن داخلي"، وأنه "لا ينبغي التدخل في ما يحدث هناك"، ومع حدوث أزمة القوة المصرية المحتجزة لدى قوات الدعم السريع في السودان، طرحت تساؤلات حول احتمال تطور دور مصري ما في السودان، باعتباره امتداداً طبيعياً للأمن القومي المصري.

وفي تطور بارز، أعلنت قوات الدعم السريع، أمس في بيان، "نقل الرعايا المصريين الذين كانوا في مطار مروي خلال الاشتباكات التي وقعت مع القوات الانقلابية السبت الماضي، إلى العاصمة الخرطوم". وأضافت: "نطمئن أسر وحكومة مصر بأن الجنود الذين كانوا يتواجدون في قاعدة مروي العسكرية جميعهم بخير ويتلقون الرعاية اللازمة، وسيتم تسليمهم متى سنحت الفرصة المناسبة لذلك وفقاً للأوضاع التي تمر بها البلاد".

وبعد ذلك، وصلت مساء الأربعاء إلى القاهرة، عن طريق الصليب الأحمر الدولي، مجموعة من القوات المصرية التي كانت محتجزة لدى قوات الدعم السريع السودانية.

أستاذ مساعد العلوم السياسية والخبيرة بالشؤون الأفريقية نجلاء مرعي قالت، في حديث لـ"العربي الجديد"، حول مسألة التدخل العسكري الخارجي في السودان: "نلاحظ أن هناك موقفاً حازماً لهذه المسألة، فالسودان لا يحتمل أي تدخلات خارجية من أي نوع. من الضروري أن يكون هناك تدخل من العقلاء والحكماء لتهدئة الأزمة، بمعنى أن تكون المعالجة سودانية – سودانية".

نجلاء مرعي: لا أعتقد أن في وسع أي دولة أو طرف دولي أو إقليمي التدخل في السودان عسكرياً

لكن مرعي أشارت إلى أن "من الصعب أن نتحدث عن حل سياسي في ظل المعارك الضارية. ولكن هناك مبادرات أطلقتها مصر والسعودية والإمارات تتوقف على قبول الأطراف المتنازعة لهذه المبادرات". وأضافت: "لكن هناك أيضا عمق كبير في الخلافات بين الطرفين في السودان يصعب معه تنازل طرف لحساب طرف، وكذلك يُصعب مهام الوساطة، في ظل رغبة الطرفين في فرض السيطرة".

التدخل الخارجي العسكري سيُعقد الوضع

وتابعت: "لا أعتقد أن في وسع أي دولة أو أي طرف دولي أو إقليمي التدخل في السودان عسكرياً، ولو حدث أي تدخل خارجي فسيزيد من تعقيد الوضع".
وأشارت خبيرة الشؤون الأفريقية إلى أن "هناك اتفاقاً مصرياً ــ سعودياً لبذل المزيد من الجهود من أجل استقرار السودان، وهناك اتفاق مصري – إماراتي حالياً لوقف إطلاق النار. وكل الرسائل المصرية لطرفي الصراع تشدد على تغليب الحكمة والاستماع لصوت العقل".

واعتبرت أن "مصر تقف على الحياد من الأزمة، ولم تنحز لطرف على حساب الآخر، لأن أي انحياز في هذه المرحلة يعني مد أمد الصراع لفترة طويلة. وتقع على عاتق الدولة المصرية مهمة العمل على إزالة الخلافات الموجودة، ويجب الوصول إلى تسوية مقبولة للطرفين، ويكون هناك تجنب للتصعيد العسكري، ودعوة للجلوس والتفاوض، والتوافق بين القوى السياسية. إن التطورات الأخيرة تستدعي قيام مصر بدورها التاريخي، لوقف التصعيد بلا تحيز".

وقالت مرعي: "لا أتفق مع من يقول إن مصر وجدت نفسها في دائرة الصراع بعد سيطرة القوات (الدعم السريع) على قاعدة مروي الاستراتيجية، واحتجاز عدد من الجنود المصريين، فوجود الجنود المصريين في قاعدة مروي كان ضمن تدريبات مشتركة مع الجيش السوداني، وهذه الأزمة لن تؤثر على موقف مصر حيال السودان، ومصر لن تتدخل عسكرياً في السودان لأن ذلك يزيد من تعقيد الأمر".

وحول احتمال طرح مبادرات للحل في السودان، اعتبرت مرعي أن "الأزمة تتمثل في رفض الطرفين المتقاتلين في السودان لأي مبادرات للتسوية ووقف إطلاق النار، فأي مبادرة تقوم بها مصر أو السعودية أو الإمارات، تتوقف من الأساس على مدى قبول الأطراف المتنازعة لها".

سيناريوهات مفتوحة لأزمة السودان

وأضافت: "نحن أمام سيناريوهات مفتوحة، لا سيما مع تعقيد العملية السياسية. لدينا سيناريو متفائل يتعلق بالتهدئة والدمج في القوات المسلحة، ويعتمد بالأساس على جهود الوساطة الإقليمية أو الدولية أو المبادرات المصرية، ويعتمد أيضاً على النظر إلى عوائق دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة".

شادي إبراهيم: هناك خلل في نموذج العلاقات العسكرية في السودان

وأضافت: "لدينا سيناريو آخر بتدخل الدول المحيطة للتهدئة، لكن دون الدمج، وهذا السيناريو سيعقد من الفترة الانتقالية، لأن الوضع سيكون قابلاً للانفجار في أي لحظة. وهناك سيناريو ثالث باحتمال حسم الأمر لصالح الجيش السوداني، وسيتوقف على مدى الدعم الذي سيحصل عليه (قائد الجيش عبد الفتاح) البرهان، سواء مادياً أو عسكرياً من قبل الدول التي تؤيده".

وأشارت إلى أن "السيناريو الرابع الأكثر تشاؤماً، ونتمنى ألا يحدث، هو سيناريو الحرب الأهلية، ويعتمد على فشل جهود الوساطة، ومحاولة طرفي الصراع الحصول على دعم من الأطراف الخارجية".

وفي هذا السياق، أكد الدكتور أيمن سلامة، وهو عميد متقاعد بالجيش المصري وضابط اتصال سابق في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أن "المجموعة المصرية المحتجزة لدى قوات (محمد حمدان دقلو) حميدتي، ليست مجموعة محاربة، بل هم "مدربون" ويعرفون في الجيش المصري بالـ"معلمين"، وهم في مهمة تدريب للجيش السوداني، وفق بروتوكولات عسكرية قانونية مع المجلس العسكري السوداني صاحب السلطة".

وأشار سلامة إلى أن هذه المجموعة "لا تحارب بالوكالة لحساب أي من الفريقين، وبالتالي لا يمكن اعتبارهم أسرى حرب". وأضاف أن "مسؤولية الدعم السريع القانونية عن القوة -بموجب القانون الدولي الإنساني بوصفهم طرفا محاربا في النزاع المسلح- هي: الحفاظ على سلامة وأمن كافة المحتجزين لديهم، ومعاملتهم ليس معاملة أسير الحرب، ولكن معاملة المدنيين الأبرياء العزل".

أكثر من طرف يملك السلاح بالسودان

الباحث في جامعة إسطنبول، والمتخصص في العلاقات الدولية والشؤون الأمنية شادي إبراهيم، قال لـ"العربي الجديد": "هناك خلل في نموذج العلاقات العسكرية في السودان، لأن هناك أكثر من طرف يمتلك السلاح، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع (الجنجويد)، إلى جانب بعض الحركات الانفصالية".

وأضاف: "لدينا أكثر من لاعب رئيسي من الأطراف الخارجية، على رأسها مصر، وهي أكبر طرف مؤثر في المشهد بمحاولة دعم الجيش السوداني بشكل رسمي، رغبة في وجود كيان منظم تستطيع التفاهم معه، ويدير بعض الأزمات كملف سد النهضة. ولكن في نفس الوقت المكون الإسلامي الموجود داخل الجيش يمثل تحدياً للنظام المصري، الذي لا يريد دعم قوات الدعم السريع، لأنها كيان غير منظم يصعب للدولة المصرية التفاهم معها، لأنه يسهل إدارتهم من خلال العلاقات الشخصية والتأثير المالي للتحكم في القرارات، بخلاف التفاهم مع المؤسسات التي يكون لها ارتباطات وتوازنات مختلفة".

وتابع إبراهيم: "هناك أيضاً الطرف الإثيوبي، حيث لا ترغب إثيوبيا في دعم الجيش السوداني، وضد الحضور العسكري في الإدارة، لرغبتها في إضعاف السودان لملء الفراغ الذي تتركه الدولة السودانية، ويكون لها تأثير في السياسية الداخلية في السودان". وقال: "هناك أيضاً حضور وتواجد إسرائيلي كأحد الأطراف الخارجية المؤثرة في الصراع".

تقارير عربية
التحديثات الحية
المساهمون