نشرت وسائل إعلام محلية عراقية، وعدد من مواقع التواصل الاجتماعي، أنباء عن طرح تحالف "الإطار التنسيقي"، الذي يجمع القوى السياسية الموالية لإيران، عدة أسماء مرشحة لرئاسة الحكومة الجديدة، ما خلق حالة جدل واسعة في البلاد خلال الساعات الماضية، خصوصاً مع تضمين تلك الأسماء شخصيات جدلية، أبرزها رئيسا الوزراء الأسبقان، نوري المالكي وحيدر العبادي، إضافة الى محافظ البصرة الحالي أسعد العيداني، وغيرها.
ورغم إعلان تحالف "الإطار التنسيقي" تحركه لتشكيل ما يسميه "حكومة خدمية" بعد انسحاب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من العملية السياسية، إلا أنه لغاية الساعة لا يوجد أي تقدم في هذا الاتجاه، مع عدم اتضاح الموقف الرسمي لحلفاء الصدر (الحزب الديمقراطي الكردستاني، تحالف السيادة) بشأن التوجه نحو المعارضة أو المشاركة في الحكومة التي ينوي الإطار تشكيلها من دون مشاركة الصدريين.
طرح سابق لأوانه: حرق أسماء
وحول ذلك قال عضو تحالف الإطار التنسيقي، النائب في البرلمان العراقي محمد الصيهود، لـ "العربي الجديد"، إن "كل المعلومات والأنباء التي تتحدث عن اتفاق قوى الإطار التنسيقي على شخصيات مرشحة لرئاسة الوزراء خلال المرحلة المقبلة غير دقيقة ولا صحة لها إطلاقاً".
وأكد الصيهود أن "قوى الإطار التنسيقي لم تصل، حتى الآن، إلى مرحلة اختيار مرشحي رئاسة الوزراء، فهذا الأمر سابق لأوانه، فهناك حوارات ومفاوضات يجب حسمها مع القوى السياسية بشأن مجمل عملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، ثم التوجه نحو اختيار رئيس الوزراء الجديد".
وأضاف عضو "التنسيقي" أن "اختيار رئيس الوزراء الجديد سيكون من مهام قوى الإطار التنسيقي، وليس هناك أي تدخل بهذا الاختيار من قبل القوى السياسية الأخرى، كما أن اختيار أي شخصية سيكون من خلال الاتفاق عليه بالإجماع بين جميع قوى الإطار، كونها الممثل السياسي للمكون الأكبر (الشيعي) في العملية السياسية في العراق".
وبيّن أن "نشر بعض وسائل الإعلام أسماء لشخصيات سياسية وقيادية في الإطار، على أنها مرشحة لرئاسة الوزراء، هدفه حرق هذه الأسماء وإثارة ردود أفعال ضدها إعلامياً وشعبياً، وهذا القضايا دائماً ما تقف خلفها أطراف سياسية تريد إثارة الفتن والتشويش على الرأي العام بأنباء غير صحيحة كهذه".
إلا أن نائباً في البرلمان عن الحزب الديموقراطي الكردستاني، طلب عدم ذكر اسمه، قال لـ"العربي الجديد"، إن "طرح أي اسم لشغل رئاسة الحكومة المقبلة، يجب أن يكون مقبولاً من الشارع أولاً، ولم يسبق له أن شغل المنصب ذاته"، معتبراً أن البعد الخارجي في كونه مقبولاً مهم أيضاً في مسألة اختيار الرئيس الجديد للحكومة، و"الأهم ألا يكون مرفوضاً من الصدريين وأن توافق عليه القوى العربية السنية والكردية".
وقررت رئاسة البرلمان العراقي، أمس الإثنين، عقد جلسة استثنائية للبرلمان، بعد غد الخميس، من دون أن تكشف عن جدول أعمالها، فيما أكد برلمانيون أن الجلسة تأتي لحسم ملف البدلاء عن نواب الكتلة الصدرية الذين قدموا استقالتهم أخيراً بناء على توجيهات زعيمهم مقتدى الصدر.
توافق دولي
بدوره، يستبعد الخبير في الشأن السياسي العراقي، أحمد الشريفي، طرح "الإطار التنسيقي" أي شخصية للحكومة الجديدة بالمرحلة الحالية على الأقل، مضيفاً، لـ"العربي الجديد"، أن "التحالف يعمل الآن على إقناع حلفاء الصدر (الحزب الديمقراطي الكردستاني، تحالف السيادة) بالانضمام معهم لتشكيل الحكومة الجديدة، وهو ما لم يتم، لذا فإن الحديث عن اسم المرشح للحكومة غير صحيح".
وبيّن الشريفي أن "قضية اختيار رئيس الوزراء الجديد لا تعتمد فقط على اختيار قوى الإطار التنسيقي، فهذا الملف يحتاج إلى أن يكون عليه توافق أو موافقة من قبل الأطراف الدولية المتنفذة في العراق، وعلى رأسها طهران وواشنطن، إضافة إلى أن مرشح الإطار يجب ألا يكون عليه فيتو مسبق من قبل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، فالإطار التنسيقي سيحذر من أن يقدم مرشحاً مرفوضاً".
وأضاف أن "نشر تسريبات عن ترشيح بعض الشخصيات ليس بالأمر الجديد، خصوصاً أن الأسماء التي تنشر هي نفسها تسرب مع كل عملية لتشكيل الحكومة، وهذا الأمر يأتي لأسباب عدة، منها حرق بعض الأسماء من قبل بعض الجهات أو محاولة جس نبض الشارع والكتل على بعض الأسماء المرشحة، لكن وفق المعطيات جميع الأسماء التي سربت لن يكون أحد منها على كرسي رئاسة الوزراء خلال المرحلة المقبلة، بسبب وجود معارضات عليها من قبل أطراف داخلية وخارجية".
التحالف المطلوب لتشكيل الحكومة
وأعلن "الإطار التنسيقي"، الذي يجمع القوى السياسية المدعومة من إيران بشكل رسمي، المضي بعملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، من دون مشاركة التيار الصدري فيها.
ويمتلك تحالف السيادة بزعامة خميس الخنجر، والحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، 98 نائباً داخل البرلمان العراقي، بينما يمتلك نواب القوى المدنية "امتداد" و"جيل جديد"، الذين أعربوا عن مواقف رافضة ما آلت إليه الأزمة، وأيدوا فكرة حلّ البرلمان، 18 نائباً، يضاف إليهم 11 من النواب المستقلين المؤيدين لموقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بتشكيل حكومة الأغلبية، ما يعني أن فخ "الثلث المعطل" قد ينقلب على "الإطار التنسيقي"، في أي محاولة لتشكيل الحكومة الجديدة.
فيما يمتلك "الإطار التنسيقي" ومن معه، من حلفاء من الاتحاد الوطني الكردستاني، وتحالف "عزم"، وتحالف "تصميم"، وكتلة "بابليون" المسيحية، ونواب مستقلين، ما يقارب 130 نائباً، وهذا ما يؤكد عدم قدرة الإطار على تشكيل الحكومة الجديدة من دون تحالفه مع "السيادة" و"الديمقراطي الكردستاني"، لغرض عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بنصاب ثلثي أعضاء البرلمان، أي 220 نائباً، وفق قرار المحكمة الاتحادية الأخير.