رغم فشل المستشار الألماني أولاف شولتز في إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتراجع عن التصعيد ضد أوكرانيا خلال زيارته إلى موسكو في الأسبوع الماضي، ما زالت هناك رغبة بأن تلعب ألمانيا دورا مهما داخل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وبالأخص اعتماد سياسة جديدة "خالية من الأوهام" وأكثر واقعية مع روسيا، بحسب وصف وسائل إعلام ألمانية.
وشكلت الزيارة الأولى لشولتز إلى موسكو نوعا من التفاؤل، لا سيما بعدما أعلن بوتين في أعقابها عن سحب جزء من القوات العسكرية الروسية من على الحدود الأوكرانية.
وتم الترحيب حينها بخطوة بوتين كنتيجة أولى لدبلوماسية شولتز وحكومته في نزع فتيل الأزمة الأوكرانية، لكن الخرق الجزئي في جدار الأزمة لم يدم طويلا وتراجعت الطموحات الساعية لتحقيق تقدم بالتفاوض والحوار بالسبل الدبلوماسية مع إعلان بوتين، مطلع الأسبوع الحالي، اعترافه بـ"استقلال" جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك عن أوكرانيا.
تعليقا على ذلك، اعتبرت الكاتبة الألمانية مارغريت كلاين، في حديث مع "إيه أر دي" الإخبارية، أن "الدور الأوروبي تراجع بشكل ملحوظ وصيغة النورماندي واتفاقيات مينسك باتت ميتة بحكم الواقع، ولذا فإن اللعبة الدبلوماسية فقط بين الولايات المتحدة وروسيا بعدما شكل تحرك بوتين عائقا كبيرا أمام الطموحات الدبلوماسية، وأدار ظهره ليد الغرب الممدودة".
وأشارت "إيه أر دي" إلى أن التطورات الأخيرة يجب أن تمثل نقطة تحول في سياسة ألمانيا تجاه روسيا، مضيفة أنه من السذاجة بمكان الاعتقاد بأن بوتين سيتراجع عن أهدافه في زمن الحرب من خلال المفاوضات والعروض المتكررة لإجراء المحادثات.
وأبرزت أن حكومات المستشارة السابقة أنجيلا ميركل والحكومة الحالية بقيادة الاشتراكي شولتز، ركزت على الحوار والعلاقات الاقتصادية مع روسيا، وأضافت أنه مع ذلك فإن هذه السياسة التي كان يمكن تفهمها لفترة طويلة، فشلت الآن فشلا ذريعا، وأضافت "يجب أن يكون واضحا للجميع أن بوتين يناور ويخرق القانون الدولي، ولا يفهم إلا لغة القوة وأسلوب الردع، وزعيم الكرملين يأخذ بجدية فقط أولئك الذين يحملون عصا غليظة في أيديهم".
ومع ذلك، استدركت "إيه أر دي" في تقريرها بالإشارة إلى أنه في الوقت نفسه يجب ألا يغلق باب المفاوضات بالكامل، موضحة أن الرئيس الروسي إذا ما أحس بمدى الضغط والعقوبات على عدوانيته فيمكنه عندئذ البحث عن سيناريو يخرج الأزمة من عنق الزجاجة بطريقة تحفظ ماء الوجه.
ومع إعلان المستشار الألماني، أمس، عن تعليق عملية مراجعة المصادقة على تراخيص "نورد ستريم 2"، أبرزت صحيفة "دي فيلت" أن خط أنابيب الغاز الطبيعي من روسيا إلى ألمانيا وأوروبا شكل رمزاً للسياسة الألمانية الفاشلة تجاه موسكو.
وأوضحت أن الدفع بهذا المشروع الى الأمام حتى بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، كان إهانة لأوكرانيا ودول وسط وشرق أوروبا، مستحضرة أن المسؤولين الألمان دافعوا عن المشروع باعتباره اقتصاديا خاصا.
وقالت إن "نورد ستريم 2" كان في الواقع "غباءً جيواستراتيجياً منذ البداية، وحتى وقت قريب كان شولتز يجد صعوبة في التضحية به".