هل يمكن أن تؤدي قضية المنطاد الصيني إلى تمكين الجيش الأميركي من التعرف على نحو أفضل إلى الأجسام الطائرة المجهولة التي تثير الكثير من التكهنات؟
بعد رصد منطاد صيني في المجال الجوي الأميركي، غيرت الولايات المتحدة إعدادات راداراتها التي ضُبطت في البداية لرصد الطائرات والصواريخ السريعة، من أجل البحث في السماء عن أجسام أصغر وأبطأ.
هذه المعلومات الجديدة هي التي سمحت برصد ثلاثة أجسام، ما زالت طبيعتها غير واضحة، ثم إسقاطها في سماء أميركا الشمالية على التوالي أيام الجمعة والسبت والأحد.
وفي حين أن هذه الأدوات لن تكون قادرة على توضيح ماهية الأجسام الطائرة المجهولة التي رُصدت في الماضي، يمكنها أن تكشف طبيعة مزيد من الأجسام الغريبة في الجو في المستقبل، وربما تحد من التكهنات الخيالية.
لفترة طويلة كانت السلطات الأميركية تتحفظ على التقارير التي تتحدث عن صحون وأطباق طائرة، تاركة الباب مفتوحاً أمام النظريات الغريبة خصوصاً بشأن احتمال رصد أجسام جاءت من خارج الكوكب.
ولكن بعدما رصد طيارون عسكريون أميركيون ظواهر لا يمكن تفسيرها، قررت وزارة الدفاع قبل سنوات أن تأخذ الأمر على محمل الجد، لا سيما مع تخوفها من عدم القدرة على رصد أجهزة تجسس صينية.
في العام 2020، شكّلت واشنطن فريق عمل متخصصاً بمساعدة وكالة الاستخبارات المركزية ووكالات استخبارات أخرى. ونجح الفريق بسرعة في التعرف إلى بعض هذه الأجسام على أنها مناطيد لرصد الطقس وانعكاسات الشمس.. لكن بعضها ما زال لغزاً، مثل فيديو التقطه طيار عسكري لجسم أسرع وأكثر قدرة على المناورة من طائرة سلاح البحرية الأميركية.
وقال الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، في العام 2021، إن "الصحيح.. هو أن هناك صوراً وتقارير لأجسام في السماء لا نعرف ما هي".
مئات الحالات
بعد أول تقرير في حزيران/يونيو 2021، أشار تقرير استخباراتي أميركي ثانٍ، نُشر قبل شهر، إلى رصد المئات من الأجسام الطائرة المجهولة.
ومن بين 510 حالات تمت دراستها، يمكن تفسير نحو 200 منها على أنها طائرات بدون طيار أو في بعض الأحيان مجموعة تسمى تلوث هوائي وتشمل الطيور وأحداث طقس معينة، وأكياساً بلاستيكية وغيرها. لكن حالات أخرى ظلت بدون تفسير، بحسب الملخص الوارد في نسخة غير سرية من التقرير عُرضت على الكونغرس.
في التقرير الأول لعام 2021، ومن بين 144 حالة رُصدت، أثارت 18 حالة عدة تساؤلات، منها على سبيل المثال: احتفاظ جسم بوضع ثابت في مهب الريح على ارتفاع عالٍ جداً أو التحرك بسرعة كبيرة من دون وسائل دفع مرئية.
ويشير تقرير كانون الثاني/يناير 2023 إلى أن "الظواهر الجوية غير المحددة ما زالت تشكل خطراً على سلامة الطيران كما يُحتمل أن تشكل تهديداً بجمع معلومات استخبارية".
لا توجد أجسام من خارج الأرض
تجسد الخوف بعد أسابيع قليلة مع رصد المنطاد الصيني الذي قالت الولايات المتحدة إنه للتجسس، وهو ما نفته بكين. ويبدو أن الجسم، الذي وصل من شمال غرب أميركا الشمالية، يعتمد تكنولوجيا تسمح له بالتحرك وتنفيذ نشاطات مراقبة، إذ يُعتقد أنه حلق فوق مواقع عسكرية أميركية استراتيجية.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية إن هناك ما لا يقل عن أربع حالات مماثلة أخرى لمناطيد صينية رُصدت منذ العام 2017 ربما عدّت في ذلك الوقت أجسامًا طائرة مجهولة.
بعد هذه القضية، التي أسقطت خلالها المنطاد طائرة إف 22 في المحيط الأطلسي، غيّر الجيش الأميركي إعدادات الرصد بالرادار، ما أتاح رصد الأجسام الثلاثة فوق ألاسكا ويوكون الكندية وبحيرة هورون.
لكن خلافاً للمنطاد الصيني، قالت الحكومة الأميركية إنها لا تعرف طبيعتها رغم أنه تم إسقاطها أيضاً. وسارعت الإدارة الأميركية إلى القول إن الأمر لا يتعلق بزيادة أعداد الأجسام الطائرة المجهولة، لكن ببساطة بالكشف عنها على نحو أفضل.
وحرص جون كيربي، الناطق باسم مجلس الأمن القومي، على طمأنة مواطنيه بقوله "لا أعتقد أن الشعب الأميركي يجب أن يقلق بشأن كائنات فضائية في ما يتعلق بهذه الأجسام الطائرة".
(فرانس برس)