هل تضبط فصائل سورية تهريب المخدرات إلى الأردن؟

29 يناير 2024
الحدود السورية ـ الأردنية، سبتمبر 2021 (Getty)
+ الخط -

انخرطت حركة "رجال الكرامة" في محافظة السويداء، جنوبي سورية، و"جيش سورية الحرة" المعارض في المثلث الحدودي السوري الأردني العراقي، في جهود تهدف إلى إيقاف تهريب المخدرات إلى الأردن في ظل تقاعس النظام السوري عن ضبط الحدود، اما استدعى تدخلاً عسكرياً أردنياً أدى إلى مقتل مدنيين.

وأعلنت "حركة رجال الكرامة"، أبرز الفصائل المحلية في محافظة السويداء، الجمعة الماضي، عن إطلاق حملة عسكرية ضد تجار ومهربي المخدرات في بلدة ذيبين، قرب الحدود مع الأردن، في خطوة تهدف إلى مكافحة الجريمة ومحاسبة الخارجين عن القانون، في ظل تلكؤ النظام السوري عن أداء دوره في حماية المواطنين وممتلكاتهم.

حملة "رجال الكرامة" في الجنوب السوري

وأكدت الحركة، في بيان، أن هذه الحملة "تمثل وكالة صادقة عن أهل المنطقة"، وجاءت بـ"تفويض من وجهاء ومشايخ قرية ذيبين"، مع تمكنها من القبض على ستة أشخاص متورطين في جرائم متنوعة، بما في ذلك السلب والسرقة والاعتداء على الممتلكات والتورط في تجارة المخدرات.

كما كشفت الحملة عن مخابئ عدة لتجار المخدرات، نجح البعض منهم في الهروب خارج البلدة. وجاءت هذه الحملة بعد أيام من هجمات جوية أردنية ضد ما يشتبه أنه مواقع تابعة لتجار المخدرات في ريف السويداء، أدت إلى مقتل 10 مدنيين، بينهم نساء وأطفال، في بلدة عرمان، وهو ما أثار استياء عارماً في السويداء التي تشهد حراكاً مناهضاً للنظام منذ منتصف العام الماضي.



رجال الكرامة: الجانب الأردني لم يرد على مبادرتنا بعد

وقدمت حركة "رجال الكرامة" بعد الهجمات التي شنها الطيران الأردني مبادرة لعمّان لتجنيب المدنيين ما أسمته "الموت المجاني"، ترتكز على بنود عدة، أبرزها تسليم الحركة لوائح بأسماء الموجودين ضمن محافظة السويداء، ممن تعتقد أنهم متورطون في تجارة وتهريب المخدرات.

وناشدت الحركة القيادة الأردنية وقف العمليات العسكرية ضد المواقع المدنية، والتحلي بالحذر أثناء التنفيذ، مع تأكيد ضرورة وجود موقف واضح من العائلات والمرجعيات الأهلية تجاه المدانين من أبناء السويداء بتجارة وتهريب المخدرات، ورفض التوسط لصالحهم.

وأشارت الحركة في بيان إلى "تخلي الدولة السورية عن مسؤوليتها في حماية المدنيين ومكافحة المخدرات"، لافتة إلى تورطها في تسهيل تحويل المنطقة إلى "معبر غير شرعي" لتهريب المخدرات وإلى "منطقة تخزين وتهريب إلى الأردن".

وقال مصدر إعلامي في "رجال الكرامة"، لـ"العربي الجديد"، إن مسألة ضبط الحدود السورية الأردنية "تحتاج إلى تضافر جهود دولية"، مشيراً إلى أن "الحركة ليست وحدها مسؤولة عن هذه المهام". وبيّن أن الجانب الأردني "لم يرد حتى اللحظة على المبادرة" التي قدمتها الحركة.

ورأى مدير تحرير شبكة "السويداء 24" ريان معروف، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الحركة "إن حصلت على التعاون المجتمعي المطلوب، فهي قادرة على الحد من عمليات تهريب المخدرات إلى الأردن في نطاق جغرافي محدد، هو محافظة السويداء ومناطقها الحدودية مع الأردن".

وتابع: "شاهدنا كيف استطاعت الحركة تنفيذ حملة أمنية في إحدى القرى الحدودية التي تعرضت لضربة أردنية مطلع هذا الشهر، وذلك نتيجة تفويض وجهاء ومشايخ القرية في التدخل".

غير أن معروف أشار إلى أن "عدم وجود أي آفاق لحل الوضع الاقتصادي في الجنوب السوري سيجعل من هذه العمليات الأمنية ذات تأثير زمني محدد، لا سيما أن الفصائل المحلية بشكل عام في السويداء لا تحصل على دعم وليس لها أي تمويل، وبالتالي هي غير قادرة على تنفيذ إجراءات طويلة الأمد، سواء كانت حركة رجال الكرامة او غيرها من الفصائل".

وحول إمكانية تعاون الجانب الأردني مع فصائل سورية محلية لضبط الحدود، أشار معروف إلى أن "الأردن حتى اليوم يقول إنه يفضّل التعامل مع سلطات النظام السوري ومع جهات رسمية بالأحرى"، متسائلاً: "لكن ما هي نتيجة هذا التعاون؟". وتابع: "النظام متورط أصلاً في صناعة وتجارة المخدرات، ولم يثبت أبداً أنه شريك في مكافحتها".

ولفت إلى أن "وضع الجنوب السوري شديد التعقيد، سواء في درعا أو السويداء، والنظام السوري غير قادر على فرض حالة المركزية أو العودة إلى ما قبل 2011"، مضيفاً: "هناك قوى أمر واقع اليوم في جنوب سورية، وهي الفصائل المسلحة والقوى المحلية المجتمعية. وأعتقد أن الحل يكمن في التنسيق مع هذه القوى ضمن الظروف الراهنة".

إيران وتهريب المخدرات إلى الأردن

إلى ذلك، ذكر مصدر سوري معارض مقيم في الأردن، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "كل دول الإقليم اكتشفت أن نظام الأسد مراوغ، وأن الرهان عليه فاشل"، مؤكداً أن الفصائل المحلية في درعا والسويداء، في حال دعمها وإعادة تأهيلها، "ليست قادرة على القضاء على تجارة وتهريب المخدرات فحسب، بل قادرة على طرد كل المليشيات الإيرانية من الجنوب السوري".

واعتبر أن الجانب الإيراني "له دور كبير في تهريب المخدرات إلى الأردن لتحقيق أهداف سياسية"، موضحاً أن الأمر "لم يعد مقتصراً على تهريب المخدرات، بل وصل إلى حد تهريب السلاح بهدف تشكيل خلايا تابعة في الأردن".

وبرأيه، فإن الأردن "لا يمانع في التعامل والتنسيق مع فصائل محلية في الجنوب"، مضيفاً أن "عمّان تشعر أن أمنها مهدد وأن النظام لا يريد التعاون في ملف المخدرات، بل هو يسهّل تهريبها، لذا كل الخيارات واردة في المستقبل".


فريد القاسم: المخدرات المهرّبة إلى الأردن مصدرها النظام وحزب الله والمليشيات الإيرانية

أما بالنسبة إلى "جيش سورية الحرة"، فقد أعلن قائده العقيد فريد القاسم أنه انخرط في جهود مكافحة المخدرات. وأوضح، في حديثٍ إلى "تلفزيون سوريا"، عن وجود تنسيق مع مجموعات "رجال الكرامة" في محافظة السويداء لمحاربة تهريب المخدرات، كاشفاً أن التنسيق هو في مراحله الأولى، على أمل تطوره.

وقال القاسم إن "جيش سورية الحرة" يأمل أن تُساعَد قواته لمكافحة المخدرات على كامل الحدود السورية الأردنية، مشيراً إلى أن المخدرات التي يضبطونها مصدرها "حزب الله" اللبناني وقوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية المنتشرة في المنطقة. ويتلقى "جيش سورية الحرة" دعماً من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب الذي يتخذ من التنف قاعدة له.

وتأسست حركة "رجال الكرامة" في نهاية عام 2013 من قبل مجموعة من رجال الدين الدروز في بلدة المزرعة. وأُطلق على الحركة بداية اسم "مشايخ الكرامة"، وسرعان ما تمددت إلى مدن السويداء وشهبا وصلخد وبعض البلدات، معتمدة على ذاتها في التمويل والتسليح.

وخاضت الحركة بعد التأسيس معارك مع "جبهة النصرة" وتنظيم "داعش"، وحمت شباب المحافظة الذين رفضوا تأدية الخدمة العسكرية في قوات النظام. وقتل مؤسسها الشيخ وحيد البلعوس في منتصف عام 2015 بتفجير استهدف موكبه. واتهم ليث البلعوس، ابن الراحل، إيران و"حزب الله" باغتيال والده، مؤكداً أن "الإيرانيين يدعمون عصابات الجريمة والخطف في السويداء وينشرون المخدرات". ويبلغ طول الحدود السورية الأردنية حوالي 370 كيلومتراً، وتمتد من منطقة وادي اليرموك التابعة لدرعا غرباً وصولاً إلى المثلث العراقي – السوري - الأردني شرقاً.