هل تتجه مصر نحو اقتناء مقاتلات صينية؟

15 سبتمبر 2024
في معرض مصر للدفاع، القاهرة، 4 ديسمبر 2023 (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من أنها المرة الأولى في عهد الرئيس الأميركي جو بايدن التي تقرر فيها واشنطن إقرار المساعدة العسكرية "كاملة" للقاهرة من دون اشتراط تحقيق تقدم في ملفات حقوق الإنسان، إذ منحتها 1.3 مليار دولار لهذا العام من دون أي استقطاعات، إلا أن لجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس الأميركي، التي تشرف على التمويل العسكري الأجنبي، لم توافق على بعض طلبات القاهرة، بما في ذلك رفض بيع طائرات "أف-15" و"أف-35"، وهو ما دفع مصر للبحث عن حلول أخرى. فقد كشفت مجلة ريفيستا إيطاليانا ديفيسا (RID) الإيطالية المختصة بالمجال الدفاعي والعسكري عن تطلع مصر إلى شراء طائرات مقاتلة وأسلحة أخرى من الصين لسد هذه الفجوة.

مصر تركز على أسلحة الصين

وعرضت بكين، في معرض مصر الدولي للطيران والفضاء 2024، في نسخته الأولى التي شهد انطلاقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، في 3 سبتمبر/أيلول الحالي، بمدينة العلمين الجديدة، طائرتها المقاتلة من طراز "جي-10" المصنعة محلياً، والتي تناقش مصر بالفعل شراءها. كما عرضت طائرة النقل العسكرية "واي-20"، التي تحتوي أيضاً على أجهزة إنذار ومراقبة. وللترويج لصفقة محتملة، نفّذت طائرة نقل صينية من طراز "واي-20" رحلة رمزية فوق الأهرامات إلى جانب طائرات مقاتلة صينية من طراز "جي-10". وحسب المجلة الإيطالية، فإنه لا يقتصر التركيز على الطائرات المقاتلة وطائرات النقل فقط، إذ تشير بعض المعلومات أيضاً إلى أنه قد تكون هناك مناقشات أخرى لتضمين مقاتلات الشبح الصينية مثل "جي-20"، والطائرات من دون طيار في الصفقات المستقبلية.

لكن مديرة برنامج مصر في معهد الشرق الأوسط في واشنطن الدكتورة ميريت مبروك رأت أنه لا يمكن لمصر استبدال الولايات المتحدة بالصين وروسيا من ناحية الاعتماد على التسليح بشكل كليّ. وأوضحت، لـ"العربي الجديد"، أنه "بالنسبة لروسيا، فإن مصر لا يمكنها أن تشتري أسلحة منها، نظراً لأن القانون الأميركي ينص على عدم منح معونة عسكرية للدول التي تشتري أسلحة من روسيا، ومصر من أكبر الدول التي تحصل على معونات عسكرية أميركية". وأضافت أنه "بالنسبة للصين، فتعاون مصر معها في المجال العسكري ليس استبدالاً للولايات المتحدة، لكنه نوع من الإكمال وتنويع مصادر السلاح".

ميريت مبروك: القاهرة تعطي لنفسها الحق في أن تكون غير مضطرة إلى التعامل مع واشنطن فقط

وأشارت مبروك إلى أن "الولايات المتحدة كانت وستظل المفضّلة لدى مصر، وهي الشريك الأول للقاهرة في هذا المجال، لكنها قررت منذ فترة توسيع اتصالاتها وشراكاتها، وأنها لن تقيّد نفسها بشريك واحد، لأنه ليس في مصلحتها". ولفتت إلى أن "الفكرة هي أن القاهرة تعطي لنفسها الحق في أن تكون غير مضطرة إلى التعامل مع واشنطن فقط في هذا المجال، رغم رغبتها الأكيدة في التعامل معها، وهذا الأمر ليس فقط بالنسبة لمصر ولكن بالنسبة لدول أخرى كثيرة جداً". وبخصوص المعونة العسكرية لمصر، قالت مبروك إنها "استُخدمت من أجل دور مصر في محاولة إيجاد حل للحرب في قطاع غزة، ولدورها الإقليمي بشكل عام، وأيضاً لاعتقاد الولايات المتحدة بأهمية مصر".

تحقيق التوازن

من جهتها، قالت الباحثة المتخصصة في الشؤون القانونية والاستراتيجية لارا الذيب، لـ"العربي الجديد"، إن "تعزيز التعاون العسكري مع روسيا والصين يمثل جزءاً من استراتيجية مصر لتحقيق توازن في علاقاتها الخارجية مع القوى العالمية الكبرى"، وذلك "بما يتماشى مع مصالحها القومية لضمان أمنها واستقرارها الإقليمي، من حيث توسيع خياراتها، وتجنب الاعتماد الكامل على الولايات المتحدة الأميركية، إنما ليس تعويضاً عن معوناتها". وأضافت أن "هذا التوازن في العلاقات وتنويع مصر مصادر قوتها الاستراتيجية، في ظل التنافس الدولي المتزايد بين القوى الكبرى، يعزز من استقلالية مصر ويمنحها مرونة استراتيجية أكبر، لكن الحفاظ على هذا التوازن يتطلب دقة كبيرة في إدارة هذه العلاقات".

لارا الذيب: يمكن لمصر أن تلجأ إلى الحوار الدبلوماسي مع الولايات المتحدة لتجنب سوء الفهم لاتفاقيات التعاون 

وأشارت الذيب إلى أن مصر "تحرص على أن تحافظ على هذا التوازن من خلال الحفاظ على علاقات قوية مع الغرب، وبالتالي ستستمر بلعب دور محوري في المنطقة، والتعاون في الملفات الإقليمية وقضايا مكافحة الإرهاب وحفظ الاستقرار الإقليمي التي تعتبر ملفات حساسة للولايات المتحدة والغرب". ولفتت إلى أنه "يمكن لمصر أن تلجأ إلى الحوار الدبلوماسي مع الولايات المتحدة لضمان إظهار الشفافية حول نوايا القاهرة الاستراتيجية، وتجنب سوء الفهم لاتفاقيات التعاون وتجارة الأسلحة مع الصين وروسيا، مثل شراء مقاتلات وأنظمة دفاعية". ووفق الذيب، فإنه "بالتوازي مع ذلك، قد تعمد مصر إلى تعميق العلاقات التجارية والاستثمارية مع الولايات المتحدة في مختلف المجالات التي تعتبر مهمة وتعطي دوراً رئيسياً للغرب، ومنها مجالات الطاقة والتكنولوجيا". لكن بالمقابل، ذكرت الذيب أنه "قد تفرض هذه الاتفاقيات المستقبلية بعض القيود على القاهرة في محاولة لتقويض علاقتها مع روسيا والصين ومنع نقل التكنولوجيا الغربية".