استمع إلى الملخص
- **موقف إيران وحزب الله**: إيران تهدد بالرد على إسرائيل، والمفاوضات قد تؤدي لتأجيل الهجمات. موقف إيران وحزب الله غير واضح بسبب سياسات نتنياهو.
- **الضغوط السياسية والمفاوضات**: البيان الثلاثي القطري المصري الأميركي يهدف لتحميل إيران مسؤولية فشل المفاوضات، مما قد يؤدي لتسريع الرد الإيراني إذا اعتبرت طهران المفاوضات خداعًا.
في خضم الترقب لرد محتمل من إيران وحزب الله على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، في طهران، واغتيال القيادي العسكري بحزب الله فؤاد شكر، في الضاحية الجنوبية لبيروت، تشهد المنطقة نوعين من الدبلوماسية المكثفة تربط بينهما علاقة التشابك والتداخل، الأول هو لثني إيران وحزب الله عن الرد بدافع المخاوف من الانزلاق نحو حرب إقليمية شاملة وذلك عبر تبادل رسائل بين طهران وواشنطن تتضمن تحذيرات ثنائية والحرص على إيجاد مخرج للتصعيد الراهن، والنوع الثاني يسعى إلى إحياء مفاوضات وقف إطلاق النار للوصول إلى اتفاق يكون سبيلا لإنهاء مسبب الأزمة والتصعيد. وعلى ما يبدو أن البيان الثلاثي القطري المصري الأميركي، الذي صدر مساء أمس الخميس، جاء في هذا السياق للإسراع بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار من خلال استئناف المفاوضات بين حماس والاحتلال الإسرائيلي في 15 أغسطس/آب الجاري في الدوحة أو القاهرة لسد كل الفجوات المتبقية والبدء بتنفيذ الاتفاق دون أي تأخير.
وما زالت إيران وكبار مسؤوليها السياسيين والعسكريين، بعد مرور أكثر من أسبوع على حادث اغتيال هنية شمالي طهران، يعزفون على سمفونية الرد "الحازم القوي" على الاحتلال الإسرائيلي. وكان المرشد الأعلى علي خامنئي أكد بعيد اغتيال هنية بساعات في بيان أن "من واجبنا الثأر لضيفنا العزيز"، بالإضافة إلى الرئيس مسعود بزشكيان الذي توعد بأن يدفع الاحتلال ثمن الاغتيال وأكد حتمية الرد. وفي هذا السياق يقول الخبير الإيراني في الدراسات الإسرائيلية، هادي برهاني، لـ"العربي الجديد" إن البيان الثلاثي جاء بعد "مفاوضات ومشاورات مكثفة عربية وأوروبية مع إيران، نقلت إليها حسب المعلومات المتوفرة رسائل أميركية طالبت في البداية بالتريث في الرد لمنح وقت لإنجاح مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة"، مشيراً إلى أن المباحثات "تطورت مع مرور الوقت على ما يبدو إلى بحث إمكانية التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار لقاء تجنب إيران وحزب الله الرد على الاغتيالات".
ويضيف برهاني أن أطرافاً عربية مختلفة بما فيها قطر تنقل الرسائل الأميركية إلى الجانب الإيراني، لافتاً إلى اتصالات مكررة بين وزيري خارجية مصر والأردن مع نظيرهما الإيراني علي باقري، فضلاً عن اتصالين للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع الرئيس مسعود بزشكيان واتصالات عربية وغربية أخرى لبحث سبل خفض التصعيد وحلول لإنهاء الأزمة. ويوضح برهاني أن "هذه الاتصالات على ما يبدو أقنعت إيران بتأجيل هجماتها المرتقبة على إسرائيل وربما إلغائها في حال إبرام اتفاق وقف إطلاق النار"، مرجحاً أن تتجاوب حكومة الرئيس الإصلاحي بزشكيان "مع هذه الطلبات"، وقال إن الفكرة بالأساس محل ترحاب من قبل حركة المقاومة الإسلامية حماس أيضاً. غير أن مآلات هذه المبادرة "غير واضحة بعد"، وفق برهاني، بسبب سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "الذي قد لا يرى التهدئة لصالح وضعه الداخلي ويرغب بمواصلة الحرب حتى تتغير الأوضاع والرأي العام داخل إسرائيل إلى مصلحته من خلال تحقيق مكاسب مثل الاغتيالات".
ويعزو الخبير الإيراني سبب موافقة نتنياهو على إرسال وفد لاستئناف المفاوضات في 15 أغسطس الجاري إلى محاولته للتهرب من "نيران الثأر والانتقام لإيران وحزب الله" والعمل على منع وقوعها من دون دفع الأثمان، مضيفاً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي "غير موثوق به وهو لاعب معقد ومخادع سيعمل على إفشال المفاوضات في نهاية المطاف إن شعر أن فرص الرد على جرائم الاغتيالات قد تراجعت أو انتهت"، مرجحاً أن تبقي إيران وحزب الله على وعيدهما وتهديداتهما بالرد لإرغام الكيان الإسرائيلي على وقف الحرب، وعازياً السبب الآخر أيضاً إلى توقعات تشكلت داخل إيران بضرورة الرد بعد تصريحات كبار المسؤولين في مقدمتهم المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي.
من جهته، يقدم الخبير الإيراني مصطفى نجفي وجهة نظر أخرى في حديث لـ"العربي الجديد" ويرى أن الهدف الأول لإصدار البيان هو محاولة أميركية لتحميل إيران ومحور المقاومة مسؤولية فشل مفاوضات وقف إطلاق النار المرتقبة "وممارسة ضغوط سياسية جديدة على إيران لتجنب القيام بالهجوم أو جعله محدوداً"، مؤكداً أن "هذه الضغوط السياسية لن تلغي رد إيران وحزب الله فالقناعة الكبيرة بالتهديد الذي تشكل بعد اغتيال الشهيد هنية في طهران لدى صناع القرار الإيراني تغلق الباب أمام مفاعيل هذه الضغوط السياسية".
لكن الخبير الإيراني في الوقت ذاته لا يستبعد أن يكون وقف إطلاق النار في غزة مطروحاً في الرسائل المتبادلة بين طهران وواشنطن "بوصفه أحد الشروط أو المحفزات لعدم رد إيران"، قائلاً إنه "في حال صحة هذه الفرضية فإن إمكانية إلغاء الرد الإيراني أو أن يبقى محدوداً تبقى قائمة إن مضت الدبلوماسية السرية إلى الأمام بشكل جيد". ويشير نجفي إلى تشكيك إيراني بـ"النيات الأميركية"، قائلاً إن طهران "غير متفائلة بها"، مستبعداً أن يؤدي استئناف مفاوضات وقف إطلاق النار في 15 الشهر الجاري إلى تأجيل هجمات إيران وحزب الله "اذا كان الاستئناف من دون اتفاق مع إيران"، ومضيفاً أنه "في حال لم يكن استئناف المفاوضات مدعوماً بمثل هذا الاتفاق خلف الكواليس فإن إيران ربما تعتبر ذلك عملية خداع أو ضغوط تكتيكية للتأثير على حساباتها الاستراتيجية، وربما يؤدي ذلك إلى الإسراع في تنفيذ عمليات الرد الهجومية".