هل أخفق الحوار الليبي؟

17 ديسمبر 2020
أجرت ليبيا الانتخابات البرلمانية مرتين (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -

أخفق أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي في التوافق على آلية لاختيار قادة السلطة الجديدة، لكنهم رفعوا بشكلٍ كبير من شأن توافقهم على مرحلة "تمهيدية"، تنتهي بانتخابات وطنية. وعلى الرغم من امتعاض مراقبين ومتابعين من إعلان البعثة الأممية عن تشكيل لجنة استشارية، للخروج برأيٍ موحد بشأن التوافق على آليات اختيار قادة المرحلة التمهيدية، إلا أن الترحيب باللجنة الأخرى، التي كُلّفت بالتوافق على "قاعدة دستورية"، للتمهيد للانتخابات الوطنية، كان كبيراً. بل والترحيب أكثر بأن أول اجتماع لها، في 21 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، سيكون أول يوم من عمر المرحلة "التمهيدية"، في وقت لا يزال يرفض قطاع آخر هذا الاتجاه. ويعتبر المعترضون أن لا حاجة للجنة والقاعدة الدستورية، بوجود مسودة لدستور البلاد الدائم يمكن الاستفتاء حوله وتمريره، ليكون إطاراً مؤسساً للانتخابات. 
العشرات من الدول، ومن بينها دول كبرى، تُجري انتخابات نزيهة، ويتم فيها تداول حرّ للسلطة، من دون أن تكون لها دساتير أصلاً، بل تُنظِّمُ أحكامٌ عرفية أو قوانين أساسية وحسب طريقة انتقال السلطة. فلماذا الجدل واللغط بربط إجراء انتخابات في البلاد بوجود قاعدة دستورية، خصوصاً أن ما تحتاجه الانتخابات هو قانون انتخابات، وسبق أن أجرت ليبيا انتخابات برلمانية لمرتين وفقاً لقانون معمول به. 
يبدو أن عمر الأزمة في ليبيا أكسب المتمترسين، من الراغبين في البقاء في السلطة سواء لتحقيق مصالحهم الضيقة أو خدمة لمصالح حلفائهم في الخارج، دراية وخبرة في الالتفافات. فالواضح أن الساعين للتمترس والتموضع في مشهد السلطة الجديدة يعملون بعيداً عن الأنظار، ويختلفون حول المعنى السياسي لقوانين الانتخابات، وليس حول معناه القانوني، بهدف إضفاء الشرعية وتحقيق مصالح خاصة، ستنتهي بتسييس المسار الدستوري. 
وفي خضم الجدل حول المسار الدستوري، لم يكلّف أي من المراقبين نفسه عناء النظر في الإعلان الدستوري الذي قامت عليه كل السلطات في البلاد منذ العام 2011، ليكتشف أن مسودة الدستور التي يطالب بها قطاع كبير منهم كقاعدةً دستورية للانتخابات، ما هي إلا نسخة مطورة منه، وبنودها الأساسية هي ذاتها بنود الإعلان الدستوري. ولم يسأل أي منهم على أي أساس قامت الانتخابات البرلمانية لمرتين؟ علاوة على كل هذا، فمن دون شك أن البعثة الأممية تسير في اتجاه التعقيد والتأزيم وخلط الأوراق، عندما أعلنت أن اللجنة القانونية مهمتها "إنشاء قاعدة دستورية لتمهيد الطريق أمام العملية الانتخابية" المقبلة، فهي تعلم جيداً أن الانتخابات لا تتطلب سوى قانون انتخابات، هو موجود فعلياً في الإعلان الدستوري، ولا يتوفر على أي عائق قانوني لإجراء انتخابات جديدة.

المساهمون