هذه مصالح إسرائيل الاستراتيجية في التطبيع مع السودان

24 أكتوبر 2020
صفقة التطبيع تمر رغم الرفض الشعبي (محمود حجاج/ الأناضول)
+ الخط -

على الرغم من أن السودان لا يتاخم فلسطين جغرافيا، إلا أنّ اتفاق التطبيع المعلن عنه أمس مع تل أبيب ينطوي على أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي.

فبخلاف الإمارات والبحرين اللتين لم تشاركا في أي حرب مع إسرائيل، فإنّ هناك حسابا مفتوحا بين تل أبيب والخرطوم، على اعتبار أنّ الجيش السوداني شارك إلى جانب الجيش المصري في الحروب التي دارت بين إسرائيل ومصر، كما يقول الكاتب الإسرائيلي جاي إيلستر في تحليل نشره موقع "وللا".

لكن إيلستر يشير بشكل خاص إلى الأهمية الرمزية للتوقيع على اتفاق تطبيع مع السودان تحديداً، على اعتبار أنّ عاصمته احتضنت القمة العربية في عام 1967، والتي أعلن فيها العرب اللاءات الثلاث: لا سلام، لا مفاوضات، لا اعتراف.

وعلى الرغم من أنه يشير إلى أن الضغوط التي مارستها دول الخليج جعلت النظام السابق بقيادة الرئيس المعزول عمر البشير يبتعد عن إيران، فإنّ إيلستر يرى أنّ اتفاق التطبيع مع إسرائيل سيفضي إلى تراجع علاقة السودان بتركيا، التي تعد في حال مواجهة مع كل من السعودية والإمارات وإسرائيل، وهو ما يمثل مصلحة لتل أبيب.

لكن أهم مصالح إسرائيل الاستراتيجية ذات الطابع الأمني والعسكري المباشر في التطبيع مع السودان، تتمثل في أنه يحسن من قدرة تل أبيب على سد منافذ إمداد المقاومة في قطاع غزة بالسلاح، على اعتبار أنّ إسرائيل تدعي أنّ السودان يعد ساحة لنقل السلاح من إيران وليبيا إلى غزة.

من هنا، فإنّ الصحافي الإسرائيلي إليئور ليفي، يرى أنّ حركة "حماس" الفلسطينية ستكون أحد أكثر الأطراف تضرراً من اتفاق التطبيع بين السودان وإسرائيل، ويشدد على أنّ الإعلان عن التطبيع يمثل "ضربة مؤلمة للحركة".

وفي تقرير نشرته "يديعوت أحرنوت"، كرر ليفي الاتهامات التي توجهها المخابرات الإسرائيلية لـ"حماس" بأنها خلال العقد الأخير توظف الأراضي السودانية في تهريب سلاح "نوعي" من ليبيا وإيران.

وبحسب التقديرات الإسرائيلية التي يستند إليها ليفي، فإنّه من غير المستبعد أنه قد تم تدشين مستودعات في الأراضي السودانية يتم نقل السلاح النوعي إليها عشية نقله إلى قطاع غزة عبر ممرات التهريب في مصر وسيناء.

وأعاد إلى الأذهان أنّ إسرائيل لم تتردد في شن غارات في قلب السودان بدعوى أنها قوافل سلاح أو مخازن سلاح ينتظر نقله إلى غزة، مدعياً أنّ هناك تقديرات تفيد بأنّ السلاح ينقل إلى غزة من السودان أيضاً عبر البحر.

ويشير إلى أنّ إسرائيل تدعي أنّ حركة "الجهاد الإسلامي" في غزة تعتمد على جزء من تسليحها على السلاح الذي يهرب عبر السودان.

إلى جانب ذلك، فإنّ اتفاق التطبيع مع السودان يحمل في طياته فرصة لتمكين حزب "الليكود" الذي يقوده بنيامين نتنياهو من تقديم "إنجاز" يحسّن مكانته الداخلية، في ظل تعاظم المظاهرات التي تطالب باستقالة نتنياهو.

ووفق قناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية "كان"، فإنّ إسرائيل ستسعى للشروع في مفاوضات مع السودان لضمان استيعاب طالبي اللجوء من السودان.

وفي حال اتفقت الخرطوم وتل أبيب على خطوة من هذا القبيل، فإنّ "الليكود" سيوظفه على الصعيد الداخلي، وتحديداً في الحملات الانتخابية، على اعتبار أنّ الحزب أخذ على عاتقه "تخليص" إسرائيل من مشكلة طالبي اللجوء الأفارقة، وتحديداً السودانيين.

وقد سبق أن وصفت وزيرة المواصلات الإسرائيلية الليكودية ميري ريغف، طالبي اللجوء السودانيين الذين يتواجدون في منطقة جنوب تل أبيب، بأنهم "سرطان".

ويشار إلى أنّ قناة "8" الإسرائيلية بثت قبل عام وثائقي "الموساد قصة تخفي"، والذي تناول تاريخ أنشطة "الموساد"؛ حيث كشف الوثائقي على لسان قيادات سابقين في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي أنهم أرسلوا أواخر ستينيات القرن الماضي لتدريب عناصر "الحركة الشعبية لتحرير السودان" على تنفيذ عمليات في العمق السوداني بهدف تقليص قدرة الخرطوم على التفرغ لإسناد الجهد الحربي المصري ضد إسرائيل.

ولفت الوثائقي إلى أنّ مخطط "الموساد" دفع الحكومة السودانية وبهدف مواجهة عمليات المتمردين إلى إعادة 30 ألف جندي سوداني كانوا يرابطون على قناة السويس لإسناد الجيش المصري.

المساهمون